فضيلة حماد



في الشهر الماضي، وضعت محتوى على حسابي الشخصي حول أهمية وجود العمات والخالات في حياة أبناء الأخ والأخت، وذلك لإيماني العميق بدورهن الفاعل في حمايتهم وبناء شخصياتهم. وقد كتبت حينها: «تستطيع العمات والخالات تهيئة أرضية خصبة لتفعيل دورهنَّ في حماية أبناء الأخ والأخت، من خلال تعزيز بعض المهارات والقيم الإنسانية فيهم».

بعد نشري لهذا المحتوى، تواصلت معي إحدى الأمهات معربة عن استيائها. كتبت: «العمات والخالات أحياناً يخرّبون أبناءنا ويوفّرون لهم كل ما يضرهم من أطعمة غير صحية وأجهزة ذكية، والقائمة تطول...»، «كانت تعرف مدى حبهم الكبير لأبنائها، لكنها تمنت أن يعبروا عن هذا الحب بطرق مفيدة، لا مضرّة».

استوقفتني عبارتها، وتذكرتُ أننّا كعمات وخالات، وكل قريب دائم التواجد مع الأبناء، أحياناً نسمح لمشاعرنا بالسيطرة على تصرفاتنا، فنحقق رغباتهم دون التفكير في عواقب ما نفعل. قد يكون ذلك بدافع محبتنا لهم، لكننا قد نسيء التصرّف بدون قصد.

من المهم أن نكون أكثر وعياً عند اختيار الهدايا لأبناء الأقرباء، ونسأل أنفسنا: هل تلك الهدايا مفيدة لهم حقاً؟، أم أنها قد تعوّدهم على الإسراف أو التبذير؟ وينبغي أن نحرص على ألا تكون الهدايا متعارضة مع أسلوب تربية آبائهم، فقد تكون لديهم ضوابط محددة، خاصة فيما يتعلق بالأجهزة الذكية أو الألعاب الإلكترونية المرتبطة بشبكة الإنترنت وغيرها.

ولتكون علاقتنا بأبناء الأقرباء أكثر قرباً ومحبة، وتصب في صالحهم. يمكننا طرح الأسئلة لتقييم طبيعة تلك العلاقة: «هل نريد أن تكون علاقتنا معهم مقتصرة على تقديم الهدايا فقط، أم نسعى لتوفير الدعم العاطفي والاهتمام الحقيقي؟»، «وهل نرغب في أن يقولوا بأن عمتنا وخالتنا أو جدتنا يوفّرون لنا كل شيء، حتى تلك الأمور التي قد لا يرضى أو لا يستطيع والدانا توفيرها؟ «هل علاقتنا بهم قوية وتسمح بالشفافية والمصارحة، بحيث يعبرون عن مشاعرهم التي يصعب عليهم التحدث بها مع غيرنا؟»، «هل علاقتنا بهم مبنية على الثقة والاطمئنان، بحيث يشعرون بالأمان في التحدث إلينا دون خوف من ردود أفعالنا؟».

هذه الأسئلة وغيرها قد تفتح أمامنا آفاقاً واسعة لفهم طبيعة علاقتنا بأبناء الأقرباء وكيفية تحسينها، لننطلق معهم من جديد لبناء علاقات قوية ومستدامة وأكثر توازناً وفاعلية، وللمساهمة في تطوير شخصياتهم بشكل إيجابي، في زمن تتكالب فيه التحديات، بما في ذلك تأثير الأجهزة الذكية والتقنيات الحديثة، إذ يمكننا أن نلعب دوراً محورياً في حياتهم بشكل واعٍ وتخصيص وقتٍ ممتعٍ ومرح والتصابي معهم أيضاً، لتصبح علاقتنا بهم نابعة من المحبة الحقيقية والاهتمام الصادق دون أن تثير أي إشكاليات أو تحديات لهم أو لآبائهم.