أمل محمد أمين



في حياتنا نرى نماذج مبهرة لأزواج مقربين ويفهم كل منهما الآخر بدرجة كبيرة، حتى إن المحيطين بهم يتعجبون من شدة الشبه في طبائعهما وقدرتهما على حل المشكلات بهدوء وسلاسة، وفي بعض الحالات الزوجية يصل التفاهم والتناغم إلى درجة أن كلا الزوجين يكون مدركاً تماماً لدوره، فهي تأخذ الأولاد للمدرسة، وهو يصطحبهم إلى النادي أو يأخذهم في فسحة في نهاية الأسبوع، أو يكون مسؤولاً بشكل ثابت عن أخذهم إلى الطبيب وغيره، ونفس الشيء فيما يتعلق بتعليمهم السلوكيات والقيم، فيرى من يرى أن حياتهم تسير على أكمل وجه كأن كلاً منهم مرآة تعكس الآخر، لكن المفاجأة أن الكثير من مثل هذه الزيجات يحدث بها الطلاق بعد سنوات طويلة من استمرار الحياة الزوجية، وفي الأغلب يكون الانفصال بعد بلوغ الأطفال سن المراهقة واعتمادهم على أنفسهم أكثر من ذي قبل، حيث يبدأ الزوجان يعودان إلى حياتهما المعتادة بعيداً عن ارتباطهما بحياة أولادهما، ليُصطدما بتغيير طباع وحياة كل منهما، وهنا يرغب أحد الطرفين في تغيير الآخر ليعود كما كان، سواء في طريقة ملبسه أو معتقداته وأفكاره الأساسية، مما يعد بمثابة غزو شخصي لشريك الحياة، فيشعره ذلك بعدم الاحترام والأذى والغضب.

ويعيق هذا النوع من السلوك فكرة الاحترام المتبادل، والنتيجة النهائية هي على الأرجح الانسحاب من الزواج، ومن أبرز المشاكل التي تواجه الزواج المستقر غياب التواصل الفعّال، فيجب على الأزواج تعلّم كيفية التواصل الفعّال حفاظاً على استقرار العلاقة، وهو أمر في غاية الأهمية عندما يفشل الزوجان في ممارسة التواصل المناسب.

وأحياناً يواجه الأزواج مشكلة شائعة، وهي تحوّل الاهتمام، فعندما يعيد أحد الزوجين توجيه انتباهه من العلاقة مع شريك حياته إلى اهتمامات أخرى مثل العمل أو الأطفال، يشعر الشريك بأنه أصبح أقل أهمية، ومن المقبول تماماً أن يكون لدى الزوجين مصالح وأهداف منفصلة خاصة بهما، لكن من الضروري إيجاد توازن بين المصالح الشخصية.

وكذلك الصمت بين الزوجين وندرة المحادثات بينهما، فقد تكون أحد أسباب هذا الصمت إدمان الإنترنت والانشغال بالتطبيقات الإلكترونية، وكل يوم يزيد عدد الأزواج الذين يشتكون هوس أزواجهم بالتكنولوجيا، لذلك إذا كانت التكنولوجيا تسيطر على زواجكما.. فقد حان الوقت للعودة إلى أرض الواقع.

عندما تقلّ نسبة تقدير كلا الزوجين لبعضهما، يميل كلاهما للتصارع، نظراً لأن كلاً من الرجال والنساء يتوقون إلى التقدير الإيجابي.

ومن الأنانية أن يتوقف الأزواج عن الاعتراف بجهود بعضهم بعضاً، أو يفشلون في التعبير عن امتنانهم للإيماءات اللطيفة المحبة، فمن المحتمل أن يتم التوقف عن القيام بتلك الأعمال التي كانت موضع تقدير.

وهنا يميل الأزواج إلى الشعور بالمرارة والغضب من بعضهم بعضاً. لذا سواء كنت مع زوجتك لمدة 12 شهراً أو 12 عاماً، من المهم أن تستمرا في تقدير بعضكما على ما تفعلانه معاً.

وأختم المقال بالسبب الأكثر شيوعاً في تدمير العلاقة الزوجية، وهي الخيانة العاطفية والتي تكون بنسبة كبيرة السبب الرئيس في طلاق الزوجين وشرخ المرأة نهائياً وفقد الثقة وانهيار العلاقة تماماً. وتحدث الخيانة الزوجية نتيجة للانفصال العاطفي بين الزوجين والذي يحدث على الأغلب بعد فترة معينة من الزواج.

ومن أجل منع الخيانة الزوجية، يجب أن يظل الأزواج داعمين للاحتياجات العاطفية لبعضهم لأنه عند تلبية هذه الاحتياجات، لن يكون لديهم اهتمام كبير بالتطلع إلى مكان آخر، ولنذكر دائماً قول الله تعالى «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ». فالمودة قوامها «الانسجام والتوافق»، والأرض الخصبة لنمو المودة، وأداء مسؤوليات وواجبات الحياة الزوجية وتأدية الأدوار المنوطة لكل من الزوجين مع القدرة والمرونة على التفاعل الاجتماعي والعاطفي عند التعامل مع المواقف المختلفة لمواجهة الصعوبات والتحديات المختلفة والتغيرات التي تحدث مع مرور الزمن.