بدر جوهر الدوسري



كباراً كنا أم صغاراً، من منا لم يجلس ويشاهد التلفاز في وقت فراغه؟!

كنا نجلس بالساعات لنشاهد أفلام ومسلسلات الكرتون العربية والأجنبية مع العائلة، منها الدرامية ومنها الكوميدية وجميعها باختلاف تصنيفها كانت تحمل رسائل عن الأخلاق والمبادئ الإنسانية النبيلة كالأمانة والصدق وحب الخير ومساعدة الآخرين؛ على عكس وقتنا الحالي الذي نسمع فيها كثيراً الانتقادات التي تطال الأفلام والمسلسلات التي لا تخلو من تشويه لفكر المشاهدين وثوابتهم من جميع الأعمار، وهي بطبيعة الحال ليست بريئة وتسعى إلى تطبيع الكثير من الأفكار التي لا تتناسب مع قيم مجتمعاتنا العربية والإسلامية المحافظة.

وبالرجوع إلى ذكريات طفولتنا البريئة، أتذكر كيف كانت القنوات العربية تقوم بدبلجة الكثير من حلقات المسلسلات الكرتونية، ولكن ليس دبلجة حرفية فقط، بل تُدخل تغيرات تكون جذرية في بعض الأحيان ومتى ما استدعت الحاجة القيمية، فتخرج القصص والحكايات متماشية مع قيمنا ومبادئنا، لتعليمنا معنى الفضيلة والخير في الحياة، وذلك كان يطال حتى الأفلام والمسلسلات والبرامج المخصّصة للفئة العمرية الأكبر.

الآن، أصبح التركيز على من يثير الجدل بالقصص المطروحة أكثر من الآخر، ويمكن يتصدر قائمة «الترند»، وفي مجمل الرسائل إن لم يكن جميعها يكون الطرح سلبياً وسطحياً تحت ادعاءات بأن هذه هي حقيقة المجتمع وواقعه المؤسف، وهنا لا ننكر احتمالية بعض السيناريوهات الواقعية التي تتعارض مع مبادئنا وأخلاقنا التي كبرنا معها وعليها، ولكن بعض الطرح يتعارض مع المسلّمات ولا يرتقي للتداول في وسائل الإعلام التقليدية والمستحدثة كوسائل التواصل الاجتماعي؛ لأنها تعود على الأجيال بالأثر السلبي.

ناقشت دراسات عديدة حول علم السلوك تأثير البرامج على سلوكيات المشاهدين بعد مشاهدة الفيلم أو المسلسل أو البرامج وإحدى هذه الدراسات قام بها باحثون بجامعة جلاسكو في إسكتلندا، لتؤكد النتائج أن الأطفال الذين يقضون ما لا يقل عن ثلاث ساعات لمشاهدة التلفاز يومياً هم أكثر عرضة لبناء سلوك معادٍ للمجتمع بشكل ملحوظ، ومن المرجّح أن يؤدي ذلك للسلوك العدواني مستقبلاً.

وقال أحد الباحثين إن الأمر قد يتعلق أيضاً بما يشاهده الأطفال من محتوى وليس الوقت المقضي فقط، إلا أن الأهم هو دور الآباء في متابعة ما يشاهده الأطفال وطبيعة المحتوى المطروح، وذلك لتوجيه الأطفال ومراقبة سلوكياتهم وتقويمه متى ما استدعى الأمر.

ولهذا السبب نؤكد على وجوب استخدام الوسيلة الإعلامية بشكل أفضل لبناء أجيال قادمة لديها السلوك والأفكار والقيم الصحيحة، قد يتساهل الكثير في قوة الرسائل الإعلامية التي تصلنا من كل المنصات، ولكنها عامل كبير في تغيير الكثير مستقبلاً، إن أردنا أن نضمن تحقيق الهدف بخلق مجتمع صحي يسعى للحفاظ على قيمه ومبادئه وترسيخها في الأطفال الذين هم مستقبل هذا البلد.