محمد إسحاق



أكره الإعلانات التي تظهر في الإنستغرام والتي تروّج للثراء السريع عبر التداول في مواقع معينة، وتلك التي يعلن أصحابها عن دورات أو كتاب سيغير حياتك في غضون أيام!!

وكالعادة يسقط الكثيرون في شِراك هذه الإعلانات، والتي يتبيّن لاحقاً أنها لم تكن أكثر من فقاعة إعلامية ومُضلّلة، ومهما بذلت من جهد فلن تصل للهدف المنشود.

السؤال المحير: لماذا يقع الناس مراراً وتكراراً ضحية لهذه الإعلانات؟؟

في دراسة نشرتها جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني بعنوان «فك الشفرة: لماذا يقع الناس فريسة للاحتيال»، ذكر عدد من الباحثين الكثير من العوامل التي تدفع الناس للوقوع في الاحتيال، وكان أبرزها اليأس المالي، فعندما يواجه الشخص صعوبات مالية أو يرغب في تحقيق مكاسب مالية سريعة، يصبح أكثر عرضة للاحتيال الذي يَعِده بكسب المال بسهولة أو عوائد استثمارية مرتفعة. وفي مثل هذه الظروف، قد يؤدي اليأس من تحسين الوضع المالي إلى إضعاف الحكم ويؤدي إلى التعرّض لمخططات احتيالية.

فكم من إعلان وفيديو يتحدث عن ذلك شاهدت عبر اليوتيوب والإنستغرام وغيرها من الوسائل؟ وكم مرة حدثتك نفسك أن تفتح الرابط وتُجرّب الأمر الذي يُعرض عليك؟

والأمر ليس مقتصراً على تحصيل المال بشكل سريع وإنما جميع نواحي التي تحتاج لزمن ووقت حتى تنضج وتحصل على الثمرة.

فهنالك إعلانات توهمك أنك قادر على الوصول إلى اللياقة البدنية الفائقة خلال شهر، وأخرى تَعِدك بتعلّم المونتاج والتصوير والإضاءة الاحترافية في 14 يوماً، ودورات يدعّي أصحابها أنك ستؤلف كتاباً كاملاً خلال أسبوع وتبيعه خلال شهر بخطوات بسيطة ومن ثَمّ ستُصبح مليونيراً خلال شهور معدودة!!

وكلها تلعب على الوتر الحساس عند الناس من تغيير الواقع بشكل سريع بأقل جهد يُذكر، وتستغل رغبة الناس.

أختم بعبارة قالها المؤلف جيمس كلير حول التحسين المستمر عبر الزمن عنونها الكاتب بعبارة «سنتان، وليس شهرين» قال فيها: إن التقدم المرئي الذي تأمله يأتي عادة بشكل أبطأ مما ترغب فيه. وحتى مع بذل جهد متواصل، فقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن تشعر بالتقدّم الملحوظ. فقد يستغرق الأمر عاماً من الكتابة والتحرير قبل أن يبدأ الكتاب في التماسك حقاً. وقد تحتاج إلى عامين من التعافي من إصابة خطيرة قبل أن تلاحظ مدى التقدّم الذي أحرزته. وقد يستغرق الأمر عامين من ممارسة الرياضة قبل أن تدرك مدى مرونتك.

خذ نَفَساً عميقًا، وتوقّف عن القلق بشأن النتائج الفورية، وابدأ روتيناً لطيفاً».