سميرة سالميأتي الأول من أكتوبر الذي يحمل في طياته معاني شخصية ومميزة لي، فهو اليوم الذي ولدت فيه، ويصادف أيضاً احتفال العالم بالقهوة التي أعتبرها مرآة لما تعكسه لجزء كبير من تفاصيل حياتي اليومية، وفي أكتوبر أيضاً مصادفة تحمل معاني أعمق وأكثر تأثيراً بعد تجربتي مع سرطان الثدي ففي هذا الشهر الذي يُعدّ شهر التوعية بسرطان الثدي، خضت معركتي مع المرض وخرجت منها منتصرة بفضل الله، فأصبح أكتوبر بالنسبة لي رمزاً للحياة، للقوة، وللانتصار على الصعاب.بدأت رحلتي مع سرطان الثدي في فترة لم أتوقع فيها أن يقتحم حياتي. كنت قد شاركت لسنوات في دعم فعاليات التوعية بسرطان الثدي، ولكنني لم أتخيل أن أكون يوماً في صف المحاربات. عندما تلقيت خبر الإصابة، شعرت بمزيج من الخوف والدهشة، لكن سرعان ما تحولت هذه المشاعر إلى إصرار وقوة. قررت أن أواجه المرض بشجاعة، وأن أكون رمزاً للأمل لمن حولي. في تلك اللحظات، كنت ألتقط القوة من كل شيء حولي: من إيماني، من أسرتي، ومن كل محاربة قابلتها في حياتي.لكن السرطان لم يكن مجرد معركة جسدية، بل كان اختباراً لكل ما أؤمن به في حياتي. كوني قانونية، تربيت على مبدأ العدالة، ورغم أنني اعتدت الدفاع عن حقوق الآخرين ومواجهة الظلم، وجدت نفسي أمام تحدٍّ مختلف: أن أحقق العدالة مع نفسي، وأن أواجه الظلم الذي فرضه المرض كان السرطان كأنه خصم أمامي، وكنت أصرّ على ألا أتركه ينتصر عليّ فكان إيماني بالله وعنايته بعباده ترافقني في كل خطوة، وترشدني لتحقيق التوازن في حياتي، بين الألم والقوة، بين الضعف والإصرار، وكان دعم أسرتي ومن حولي من الأحبة يبدد اليأس من نفسي ويوقد الأمل في نفسي.وفي هذا الشهر، يجتمع كل ما أحبه وكل ما يشكل هويتي: عيد ميلادي، القهوة التي أستمتع بها كل صباح، والتزامي بدعم التوعية بسرطان الثدي. أصبح أكتوبر يمثل لي فصلاً جديداً من حياتي، فصلاً مليئاً بالتحديات والانتصارات. أصبحت أكثر حرصاً على دعم المحاربات طوال العام، لأنني أعرف تماماً ما يعشنه من مشاعر وألم، وأدرك أن القوة الحقيقة تأتي من الإيمان بأن النصر ممكن.ربما يظن البعض أن المصادفات هي من جمعت بين ميلادي واليوم العالمي للقهوة وشهر التوعية بسرطان الثدي، لكنني أرى في ذلك حكمة إلهية. أكتوبر أصبح بالنسبة لي شهراً ليس فقط للاحتفال بالحياة، بل لتذكير نفسي ومن حولي بأن الحياة تستحق النضال من أجلها، وأن القهوة -بكل طقوسها البسيطة- هي رمز للصمود والاستمتاع بكل لحظة.