فيصل العجلان


تحقيق السلام في الأُسرة يبدأ أولاً من تحقيقه على المستوى الشخصي. إذ لا يمكن للفرد أن يساهم في بناء أسرة مستقرة ومتوازنة ما لم يتصالح مع ذاته ويتعامل مع نفسه بشكل سليم. فالتوازن الداخلي هو الأساس الذي تُبنى عليه العلاقات الاجتماعية السليمة داخل الأُسرة، ما يضمن استقرارها ويعزز من روابطها.

الاختيار الصحيح والعدل أساس السلام الأُسري

يتطلب بناء أسرة متماسكة الاختيار السليم للزوج والزوجة، على أن يكون هذا الاختيار مبنياً على الأخلاق والسيرة الطيبة، بالإضافة إلى التفاهم المتبادل بين الطرفين والعدل والإحسان في التعامل بين الزوجين هما مفتاحان أساسيان لتحقيق السلام، ويأتي على رأس ذلك الثقة المتبادلة بينهما.

أساليب تعزيز السلام الأُسري

لتحقيق السلام داخل الأُسرة، هناك عدد من الأساليب التي تساهم في خلق بيئة أسرية متوازنة ومستقرة. نذكر منها:

• الحوار الهادف والهادئ: من المهم أن يتبع الأزواج نهج الحوار البناء الذي يهدف إلى الوصول لحلول إيجابية، بعيداً عن المشاحنات والتراشق اللفظي أو التراكمات النفسية غير المباح بها، والتي قد تخلق فجوة عاطفية بين الزوجين.

• التفهم والاحتواء: مراعاة مشاعر الشريك وتقديم الدعم العاطفي والتقدير المتبادل بين الزوجين يعزز من الروابط العاطفية بينهما، مما ينعكس إيجابًا على استقرار الأُسرة.

• الاحترام المتبادل: على الزوجين احترام بعضهما البعض وفرض هذه القيمة داخل الأُسرة، مع الحرص على عدم التقليل من شأن الشريك أمام الأبناء. حيث إن هذا الأسلوب يعزز الصورة الوالدية الإيجابية ويساهم في ترسيخ علاقات اجتماعية متينة داخل الأُسرة.

• التعاطف الروحي: التعاطف الروحي من أهم ركائز السلام الأُسري، ويتمثل في تفهم مشاعر الآخر والابتعاد عن القسوة أو العنف اللفظي والجسدي كذلك يقوم بتعزيز التعاطف الذي يساهم في خلق بيئة مليئة بالتفاهم والمحبة.

• توزيع الأدوار التربوية: توزيع الأدوار بين الوالدين بشكل متساوٍ وفعّال هو أمر جوهري. تقوم الأم بدورها في العناية والتربية، بينما يساندها الأب عاطفياً ويتحمل الأعباء المادية الأساسية اللازمة لحماية الأُسرة في إطار الرحمة والقوانين الشرعية والاجتماعية.

دور الوالدين في بناء السلام الأُسري

الوالدان هما الركيزة الأساسية لنشأة السلام داخل الأُسرة. فالتعامل السليم بينهما واحترام الحياة الإنسانية يُغرس في الأبناء، مما يساهم في ترسيخ معاني روحية قوية تجعل من الأُسرة مكاناً للأمان النفسي والراحة. وهذا ينعكس على علاقات الأبناء الاجتماعية داخل الأُسرة، وعلى المجتمع بأسره.

الأُسرة هي المسكن الروحي والعملي

في النهاية، الأُسرة ليست مجرد مسكن مادي، بل هي المسكن الروحي الذي يسوده التسامح والسكينة، وتحقيق السلام الأُسري ينعكس بشكل مباشر على الاستقرار الاجتماعي للفرد والأُسرة على كافة المستويات، مما يجعلها قادرة على مواجهة التحديات والصعوبات بفضل التكاتف والتساند المبني على السلام الداخلي.

*مدير إدارة الإرشاد الأُسري بوزارة التنمية الاجتماعية