وليد صبري




* 35 % من الولادات تنتهي بـ"قيصرية طارئة" أو "باردة" عالمياً


* الخوف من ألم الولادة وتغير المنطقة التناسلية وضعف عضلات الحوض وراء الإقبال على "القيصرية"

حذرت استشارية أمراض النساء والولادة والعقم، د. فرح سليمان النعيمي من "اللجوء إلى العمليات القيصرية في الولادة دون داعي في حال إمكانية إجراء الولادة الطبيعية"، موضحة أن "هناك مضاعفات صحية خطيرة جراء إجراء العمليات القيصرية والتي تهدد صحة وحياة الأم والجنين"، مشددة على أن "الوقاية خير من العلاج، والولادة الطبيعية هي الطريقة الأمثل لتجنب المخاطر والخوف من ألم الولادة، حيث إن تغير المنطقة التناسلية، وضعف عضلات الحوض بعد الولادة من الأسباب المباشرة لطلب العمليات القيصرية".

وأضافت في تصريحات لـ"الوطن"، أنه "يوجد نوعان من العمليات القيصرية، الأولى، العمليات القيصرية الباردة وهي التي يتم إجرائها وفق جدول محدد وفي ساعة محددة وفي موعد محدد من الحمل، وهي متعلقة بأسباب معينة، إما لها علاقة بالأم، كأن يكون الحوض ضيقاً، أو قصر قامة الأم، أو وجود المشيمة النازلة، التي تغطي عنق الرحم، أو كبر حجم الجنين، أو الأمراض التي تصاحب الحمل وعدم انضباطها، مثل ارتفاع مستوى السكري في الدم، أو ارتفاع مستوى ضغط الدم".

وذكرت أن "هناك أسباب أخرى متعلقة بالطفل نفسه، كأن يكون تأخراً في نمو الجنين، وعدم تغذيته بطريقة كاملة من المشيمة، في حال وجود عيوب خلقية في الطفل تؤدي إلى كبر حجمه، ووضع الجنين غير الصحيح، كأن يكون مائلاً أو بالعرض أو على المقعد، داخل الرحم، بحيث يكون وضعه غير ملائم للولادة الطبيعية، وهذه كلها تحدد قبل حدوث عملية الطلق من تقلصات ونزول الماء، ولذلك هي تسمى عمليات باردة، وهي أقل خطورة من العمليات القيصرية الطارئة".

وأوضحت د. فرح النعيمي أن "النوع الثاني من العمليات القيصرية الطارئة يطلق عليه، العمليات القيصرية الطارئة، وهي تعني إجراء عملية قيصرية بعدما تدخل الأم الحامل في مرحلة الولادة والسبب هو عدم اكتمال توسع عنق الرحم أو تباطؤه أو توقفه عن التوسع أو عدم نزول رأس الجنين في الحوض أثناء عملية الولادة أو انخفاض حاد في ضربات قلب الطفل أثناء الولادة وهذا يستدعي التدخل المباشر لإنقاذ حياة الطفل".

ونوهت إلى أن "العمليات القيصرية الطارئة والباردة من أكثر العمليات القيصرية شيوعاً في العالم، حيث تنتهي نحو 35 % إلى 50 % من من عمليات الولادة بعملية قيصرية لأسباب طارئة ولأسباب باردة".

ولفتت إلى أن "المضاعفات والمخاطر الناتجة عن العمليات القيصرية وبصورة خاصة العمليات القيصرية الطارئة تعتبر أحد الأسباب المباشرة لحدوث مضاعفات صحية تهدد حياة الأم والطفل".

وفي رد على سؤال حوال مراحل الولادة، أفادت د. فرح النعيمي بأنها "تتضمن 3 المراحل، المرحلة الأولى، عندما يبدأ الطلق والتوسع من صفر إلى 9 سم، والمرحلة الثانية، من 9 سم، حتى خروج الطفل، من المنطقة التناسلية، والمرحلة الثالثة هي خروج المشيمة من الرحم".

وتابعت أن "هناك سيدات يجتزن المرحلة الأولى، ثم تبدأ المرحلة الثانية وتكون المرأة الحاملة متوسعة توسعاً كاملاً لكن بسبب عدم نزول رأس الطفل وعبوره من منطقة الحوض ما يستدعي توقف الولادة في المرحلة الثانية وهذه من العمليات القيصرية المعقدة حيث تعتبر من أصعب أنواع العمليات القيصرية عندما تكون المرأة الحامل متوسعة توسعاً كاملاً ولكن وضع الرأس موجود بطريقة غير صحيحة ولا يستطيع رأس الطفل عبور العظام في منطقة الحوض".

وأوضحت فرح النعيمي أن "هذا ما يطلق عليه توقف مستعرض عميق حيث يتوقف رأس الطفل عند عظام الحوض ولا تستطيع الأم دفع الطفل إلى الخارج مع وجود التقلصات الرحمية وهذا يشكل خطراً على حياة الأم والجنين لهذا نلجأ إلى العملية القيصرية الطارئة وهي تعد أخطر أنواع العمليات القيصرية حيث تكون مصحوبة بأعلى معدل من المضاعفات المحتمل حدوثها مع العمليات القيصرية".

وقالت "لهذا نلاحظ مما ذكرناه سابقاً أن العمليات القيصرية الباردة تحمل مضاعفات صحية وطبية لكنها تكون أقل من العمليات القيصرية الطارئة التي تحدث معها مضاعفات صحية وطبية أكبر خاصة عندما تكون المرأة متوسعة توسعاً كاملاً، حيث تزداد نسبة حدوث النزيف الحاد، وبعدها ربما يحدث تمزق في الجزء الأسفل من الرحم، وحدوث جروح في الأعضاء المحيطة بالرحم، ومنها الأمعاء والجهاز البولي وحدوث التهابات وآلام مزمنة تستمر مع المرأة بعد العملية القيصرية وربما الدخول إلى وحدة العناية المركزة واحتمال نقل الدم يكون أعلى في مثل هذه الحالات".

وذكرت أن "المضاعفات الطبية الموثقة عالمياً والمحتمل حدوثها مع العمليات القيصرية الطارئة تتضمن، الحاجة إلى استئصال الرحم الطارئ، وتمثل 8 حالات من بين كل 1000 حالة ولادة، والحاجة إلى إجراء عملية استشكاف للبطن والحوض بعد العملية القيصرية بمعدل 5 حالات من بين كل 1000 حالة ولادة، والدخول إلى وحدات العناية المركزة وتمثل 9 حالات لكل 1000 حالة، وزيادة خطورة فتح جرح العملية القيصرية السابقة مع الولادات اللاحقة بحدود 7 حالات في كل 1000 حالة، والتعرض للخثر الدموية وانسداد الأوردة والشرايين في الأطراف السفلى والرئة، بحدود 4 حالات إلى 16 حالة في كل 10 آلاف ولادة، وحدوث وفيات للأحمال القادمة بحدود 4 حالات في كل 1000 حالة، وحدوث التصاق في المشيمة في الأحمال التي تلي العملية القيصرية بحدود 4 حالات الى 8 حالات في كل 1000 ولادة، وحدوث جروح في الجهاز البولي الذي يشمل الحالب والمثانة بحدوث حالة إلى 5 حالات في كل 1000 حالة، وحدوث حالات الوفاة بواقع حالة في كل 12 ألف عملية ولادة".

ونوهت د. فرح النعيمي أنه "في حال حدوث تلك المضاعفات يجب أن يكون العمل سريعاً ويجب أن يكون التدخل لحل المشكلة من قبل فريق طبي متكامل يتضمن استشاري نساء وولادة، واستشاري جراحة، واستشاري مسالك بولية، واستشاري جراحة جهاز هضمي وكذلك العمل مع استشاري طبيب الدم واستشاري وحدات العناية المركزة لضمان انقاذ حياة الأم حيث يكون هذا هو الهدف الاول من قبل الفريق الطبي ثم معالجة التدخلات التي تحدث نتيجة المضاعفات الطبية التي حدثت أثناء العملية القيصرية".

وقالت إن "الوقاية خير من العلاج فعلينا أن نحاول توعية المرضى بمخاطر العمليات القيصرية وتجنبها بأقصى قدر ممكن وذلك من خلال توعية المريضة أثناء فترة المتابعة في الحمل وقبل الولادة بضرورة التركيز على الولادة الطبيعية وتجنب الولادة القيصرية سواء كانت باردة أو طارئة في حال عدم الاضطرار إلى إجرائها وذلك بالمحافظة على الوزن وعدم زيادته أثناء الحمل، ومعالجة الأمراض المصاحبة للحمل، مثل السكري والضغط، ورفع مستوى قوة الدم "الهيموجلوبين"، وهذا أمر مهم جداً، حيث يمنع ويساعد على تخفيض نسبة فقد الدم أثناء الولادة القيصرية أو بعد الولادة القيصرية ومعالجة الالتهابات".

وشددت على ضرورة أن "يكون لدى المستشفيات الخاصة طواقم طبية متكاملة للتعامل مع المضاعفات التي تحدث نتيجة الولادة الطبية والحرص على وجود تعاون كامل وفعال مع بنك الدم للحصول على وحدات الدم بأسرع طريقة في حال حصول نزيف وتوعية الطاقم الطبي بهذه المخاطر وإجراء التدريب عليها قبل حدوثها".

وأوضحت أن "المضاعفات الطبية المحتمل حدوثها أثناء العملية القيصرية الطارئة تزيد بمعدل 15 مرة عن العملية القيصرية الباردة، إذا كانت الحامل في المرحلة الأولى من الولادة، وتتضاعف إلى 35 % في حال إجراء العملية القيصرية الطارئة في المرحلة الثانية من الولادة عند التوسع الكامل وتوقف نزول الرأس وانحباسه في الحوض".

وفيما يتعلق بخطة الوقاية والعلاج، شددت د. فرح النعيمي على "ضرورة الحرص على توفير كل المستلزمات الطبية، من أدوية، تتعلق بوقف النزيف، والأجهزة الطبية، التي تساعد على التقليل من خطر النزيف أثناء عملية الولادة الطبيعية وتوفر طاقم طبي متكامل".

وأكدت أن "المرأة لها الحق الكامل في طريقة الولادة، ونحن كأطباء نحترم هذا الحق، وندعمه، لكن في حال اختيار الولادة القيصرية، عن الولادة الطبيعية، علينا أن نعمل بجد مع الأم والأسرة والطاقم الطبي، لإيضاح فوائد ومضار العملية القيصرية والمضاعفات التي قد تنجم عنها، مع العلم أن الأمهات بوجه عام يخشين من الولادة الطبيعية بسبب الألم المصاحب لها أثناءها وتصورهن عدم القدرة على احتمال ذلك الألم، ولكن نحن حريصون على طمأنتهم أن هناك فوائد كثيرة ومتعددة للسيطرة على ألم الولادة من الأدوية البسيطة وإلغاء استنشاق الغاز عن طريق الفم أو الأنف، وإعطاء إبرة مسكنة للألم في الظهر، وكل ذلك وسائل فعالة لتقليل الألم أثناء عملية الطلق وأيضاً هناك بعض المخاوف لدى بعض السيدات من تغير عضلات الحوض بعد الولادة الطبيعية ونزول الرحم أو نزول المثانة وقناة الشرج التي تحدث مع الولادة الطبيعية وتزداد مع تكرارها، ونحن على دراية كاملة بهذه المشكلة ونقوم بالتعامل معها مباشرة بعد الولادة الطبيعية وخلال 6 أسابيع منها، حيث نوجه الأم بإجراء تمارين لعضلات الحوض وهناك إجراءات طبية جراحية وغير جراحية لمعالجة هذا الوضع".

ونوهت د. فرح النعيمي إلى أن "الوقاية خير من العلاج، والولادة الطبيعية هي الطريقة الأمثل لتجنب المخاطر، حيث إن الخوف من ألم الولادة، وتغير المنطقة التناسلية، وضعف عضلات الحوض بعد الولادة، من الأسباب المباشرة لطلب العمليات القيصرية الباردة".