هدى عبدالحميد

أشارت دراسة حديثة لجامعة «ورويك» البريطانية، إلى التأثيرات السلبية الناتجة عن العنف المتبادل بين الأشقاء التي تصل إلى حد التنمر، مبينة أن 28% من المراهقين تعرضوا للتنمر في صغرهم سواء بالضرب أو الإساءة اللفظية أو الإقصاء أو نشر الشائعات والأكاذيب والاتهامات الباطلة من جهة شقيق واحد أو أكثر.

كما أكدت العديد من الدراسات أن هذه الممارسات غير حميدة أبداً، ويجب مواجهتها من قبل الآباء، وإلا فإنها قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على شخصية الأخ الضحية، وهذا أمر يتفق عليه أيضاً أعضاء حركة مناهضة التنمر في الولايات المتحدة، إذ إن التنمر الذي يحدث داخل البيت الواحد وبين أحضان الأسرة لا يقل خطورة عن باقي أنواع التنمر، بل إن العنف الذي يمارسه بعض الأبناء الكبار ضد إخوتهم الأصغر سناً قد يكون أشد خطراً.



وفي هذا الصدد، قالت أخصائية إرشاد أسري زهراء سند: «يعتقد بعض الآباء أن العراك بين الأشقاء والخلافات التي تقع بينهم من الأمور المعتادة في البيوت وغالباً لا يتم الانتباه إليها أو تصنيفها نوعاً من العنف أو التنمر، كما أن العلاقة بين الإخوان وتحديد طبيعتها لا يأتي من فراغ، فالوالدان بسلوكهما مع الأبناء والأساليب التربوية المتبعة هي ما يحدد علاقة الأبناء ببعضهم».

وأضافت: «من أسباب التنمر بين الإخوة هو عندما يستخدم الوالدان سلطتهما على الابن الأكبر والذي يقوم بدوره بممارسة نفس الأسلوب على من يصغره داخل المنزل، وتمجيد أحد الأبناء والتغاضي عن ضربه لإخوته بل تشجيعه لأنه الأكبر بين إخوته أو الأصغر أو بسبب اختلاف الجنس، كالسماح للابن بضرب أخته أو العكس عندما تضرب الطفلة أخاها، فإنه ينتظر منه أن يسكت لأن أخته أصغر منه فيما لا يتزامن هذا السلوك مع توجيهات والديه والضحية ترفض العنف بأنواعه».

وأردفت: «ومن أسباب التنمر أيضاً غياب الحوار داخل الأسرة، وتعزيز النميمة بين الإخوان وتقبل نقل أحدهما لأسرار الآخر وعمل (الرقيب الأخوي) حيث يراقب الأخ أخاه في كل صغيرة وكبيرة، وغياب دور الوالدين التربوي والنفسي داخل المنزل ليحل محله سلوك التنمر فيكون الأخ الأقوى سيد الموقف، وعدم امتلاك الوالدين مهارة إعادة توجيه السلوك الإيجابي -كأن يقترح الوالدان على الأخ المتنمر ردة الفعل التي يتمنونها في هذا الموقف- ومع التكرار يتعلم الأخ المتنمر الأسلوب الأنسب، وتأثير وسائل الإعلام وما يشاهده الأطفال في تعزيز التنمر بين الإخوة كما أن فروق العمر والجنس تسبب ذلك».

وشددت سند على أن ظاهرة التنمر الأخوي يجب ألا يغفل عنها الآباء ولا يستهينون بها لأنها تسبب آثاراً سلبية على شخصية الأخ الضحية ونفسيته وتؤثر كذلك على الصحة الذهنية وقدراته وذكائه، مشيرة إلى العلامات التي يميزها الوالدان تعطي مؤشرات للتنمر الأخوي ومنها: سلوك تجنبي من الطفل الضحية للطفل المتنمر، واضطرابات نوم وأكل ونوبات البكاء والغضب من الطفل المتنمر عليه، والتهديد أثناء الشجار بأدوات حادة، وثبات الدور في النزاعات، وغيرها من الأعراض الأخرى التي يميزها الوالدان.

وبينت أن مقدمات التنمر قد يلحظها الوالدان بشكل جلي في الانتقاد الدائم والمستمر للمتنمر عليه والسخرية من طموحاته وإنجازاته وقدراته والتقليل من شانها، كما إن محاولة إتلاف أي من متعلقات الضحية تجعل الأخ المتنمر غاية في السعادة والرضا، داعية الآباء إلى الانتباه لهذا السلوك لحماية أطفالهم من مخاطر التنمر.