يجب أن يكون الوريث في عالم التجارة مؤهلاً لإدارة مؤسساته

قررت العمل بمفردي لشغفي في الخروج عن النمط التقليدي بالتجارة



صنعنا 50 ألف ساعة تنافس التصاميم العالمية برموز بحرينية في 5 سنوات

شغفنا لا حدود له وأصبحنا موزعين في أكثر من 120 دولة

نتعاون مع «ناسا» لصناعة ساعة بحرينية تحمل شعار الوكالة قريباً

تعلمت من أخطائي ورحلات سفري وتحقيق الأحلام وارد..



محمد رشاد - تصوير: سهيل وزير

استطاع أن يحول ولعه بتجميع الساعات العالمية النادرة وشغفه بها إلى قصة نجاح وطنية، ليصبح أول بحريني يتجه إلى تصميم وصناعة ساعات يغلب عليها الطابع الحضاري والتراثي البحريني.

إنه رجل الأعمال طلال يوسف محمد فخرو رئيس مجلس إدارة شركة «نون» للساعات، الذي انطلق من جزيرة «نون» جنوب البحرين إلى إسبانيا، بحثاً عن حلمه في توطين هذه الصناعة، حيث تمكن في 5 أعوام من إنتاج وبيع 50 ألف ساعة تنافس التصاميم العالمية برموز بحرينية تحمل معها كل المناسبات والاحتفالات الوطنية.

ينتمي فخرو لعائلة تجارية عريقة اشتهرت بالتجارة والأعمال، بدأ عمله في التجارة وأسس شركته منذ قرابة 14 عاما، في مجال البيع بالتجزئة والجملة للمنتجات يجلبها من إيطاليا والنرويج وأمريكا وبريطانيا، ويوزعها في الخليج، وفضل أن يصعد السلم من بدايته في عالم المال والأعمال تاركاً العمل في شركات عائلته ثم تدرج شيئا فشيئا في عالم «البيزنس» حتى وصل إلى قيادة أولى شركات تصنيع الساعات في المنطقة العربية، وأصبح موزعاً لنحو ما يقرب 120 دولة حول العالم.

بنبرته الهادئة سرد طلال فخرو لـ«الوطن»، قصة بداياته وفرحته بأول مكسب حصل عليه، وهواياته واهتمامه بالرياضة البحرية، قائلاً: «ورثت العمل بالتجارة أباً عن جد ورفضت الانضمام للعمل بشركات العائلة لأني لن أضيف جديداً فيها وهي ناجحة بكل المقاييس، وفكرة التوريث ليست السبب في ابتعادي عن العمل بها لأن عالم البيزنس يجب أن يكن الوريث فيه مؤهلًا لإدارة مؤسساته لكن قررت العمل بمفردي لشغفي في البحث عن بيزنس يرضي طموحي وأحلامي في الخروج عن النمط التقليدي في التجارة».

وفيما يأتي اللقاء:

حدثنا عن نشأتك وبداية عملك؟


- نشأت وتربيت في أحضان عائلة كبيرة ومترابطة، اشتهرت بالتجارة والأعمال، ودرست في جامعة نيويورك للتكنولوجيا بالبحرين ثم ذهبت لأستكمل دراستي في أمريكا، عشقت التجارة منذ نعومة أظفاري، وبدأت في شراء وبيع السيارات وأنا طالب في مدرسة البيان وعمري لا يتجاوز 18 عاماً، ثم بعد سفري للولايات المتحدة الأمريكية أسست أول محل لي في منطقة سار حيث قمت بجلب الملابس من واشنطن وبيعها في البحرين.

أرى في عائلتي «نعمة كبرى»، وأنني مثل أبناء جيلي محظوظين بأننا واكبنا مرحلة النمو والتقدم والازدهار بدعم ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الداعم الأول لشباب البحرين في تحقيق أحلامهم.

صور


لماذا لم تعمل بشركات العائلة؟

- ورثت العمل بالتجارة أباً عن جد، ووالدي كان دائماً ناصحاً لي بعدة نصائح أولها الاهتمام بفريق العمل، وثانيها عمل الخير، وثالثها خدمة الوطن والاستثمار فيه من أجل تنميته وتطويره، رفضت الانضمام للعمل بشركات العائلة لأني أعلم أنني لن أضيف جديداً في شركات تعمل منذ مئات السنوات وهي ناجحة، وفكرة التوريث ليست السبب في ابتعادي عن العمل بشركات فخرو لأن عالم البيزنس يجب أن يكون الوريث فيه مؤهلًا لإدارة مؤسساته.

حدثنا عن كواليس تأسيس شركة «نون للساعات»؟

- الفكرة جاءت من شغفي باقتناء ماركات الساعات العالمية، وحبي لممارسة الرياضة البحرية وعشقي وتعلقي بالسفر لمختلف دول العالم، حيث دفعتني كل تلك الأشياء للتفكير مع أصدقائي في كيفية صناعة ساعة تحمل مواصفات العالمية ولا نخشى عليها من الضياع أو السرقة باعتبارها باهظة الثمن، ومع مضي الوقت بدأت في تحسس أول خطواتي نحو مشوار طويل لم يكن سهلاً، للعديد من الأسباب أهمها أننا في المنطقة العربية ليس لدينا صناع لديهم الخبرة الكافية في مجال صناعة الساعات التي يمتد تاريخها إلى ما يقرب من 300 عام بجانب عدم وجود عمالة ماهرة ومصممين ذوي كفاءة ومصورين محنكين لكني واجهت كل ذلك بالإصرار والعزيمة على مواصلة إحلامي في صناعة «براند» عالمي يحمل اسم البحرين ويتم تسويقه لكل دول العالم.

وبالفعل قمت بالتعاقد مع شركة من إسبانيا وطلبت منهم تصنيع 1000 ساعة تناسب السفر والرحلات البحرية وترمز أرقامها إلى الهوية العربية، ومن ثم بسبب تعلقي بجزيرة «نون» في البحرين وضعت اسمها ليكون اسماً لهذه الماركة التي أحلم أن أغزو بها العالم في المستقبل القريب والتوزيع كان سهلاً بفضل شركائنا في البيزنس الذين أسهموا في دخول «نون» إلى أسواق الخليج، وكان هو الدافع الأكبر لمواصلة المشوار الصعب والتحدي الذي أعتبره الأصعب في حياتي في عالم التجارة والأعمال.

من أين استوحيت تصميمات ساعة نون؟

- لدينا تصميمات كثيرة من ساعات «نون» تمنح كل من يمتلكها الإحساس بالتفرد، كما أن أجزاءها مصنوعة من الصدف لشهرة البحرين باللؤلؤ البحريني الذي يعد من أجود الأنواع في العالم، كذلك الجوهر الذي كان تصنع منه السيوف العربية ويتميز بعروق وتموجات تشكل لوحة فنية فريدة، كما أننا نستخدم الكربون فايبر، ورمزنا في تصميماتنا للتطور كون البحرين دولة متطورة ومزدهرة.

ولا أخفي عليكم أن هذه الساعة تعد تصميماتها غير معقدة في إشارة للعالم أجمع على أن البحرين دولة السلام والتعايش، بلد غير معقد يحبه كل من يأتي له أو يزوره، و لأول مرة، تمكنا في 5 أعوام من إنتاج وبيع 50 ألف ساعة تنافس التصاميم العالمية برموز بحرينية تحمل معها كل المناسبات والاحتفالات الوطنية، واليوم ولله الحمد تم استخدام منتجاتنا على نطاق واسع في أكثر من 120 دولة حول العالم كما لدينا ممثلون للشركة في 18 دولة ونسعى لزيادتها بشكل أكبر وأوسع حتى تكون البحرين في كل دول العالم من خلال منتجاتنا الوطنية.

هل هناك محن وصعوبات واجهتك في تجارتك؟

- لدي قناعة كاملة بأن مستوى التفاني في التجارة ضروري للنجاح في أي مسعى آخر في الحياة، وأن البيزنس من دون شغف لا يحالفه النجاح ومواصلة التطور، فلا يمكن أن ننجح من دون أن نغامر.

وأنا على المستوى الشخصي تعلمت التجارة في أوقات الشدة كما أتقنتها في الأوقات السهلة، فعالم التجارة من وجهة نظري هو أكثر عالم يقدم لنا أمثلة حقيقية واقعيـة للنجاح في ظروف لا يمكن لأغلبنا أن يتصور مجرد تصور أي نجاح من ورائها وأكبر دليل على كلامي شركة «نون» التي تمكنا من خلالها تغيير مفهوم استيراد المنتج العالمي وبيعه إلى تصنيعه في دولنا وبأيادي بحرينية، وزادت خبرتي من تعلمي من أخطائي.

لذا أنصح كل شباب وشبات البحرين بأن النجاح وتحقيق الأحلام أمر وارد وليس صعباً ومن الممكن تحقيقه لمن أراد، مهما كانت الظروف سيئة، الجميع يستطيع طالما توافرت الإرادة، بل إن البعض يستخدم هذه الظروف والتحديات، كمنطلق للوصول إلى النجاح والشهرة والثروة والبحرين مليئة بهذا النماذج المشرفة.

صور


ماذا عن أحلامك في المستقبل؟

- لا أحب أن أطلق عليها أحلاماً بقدر ما هي طموحات، فلدي طموح في أن أفتح محلاً لشركة «نون» بكل دول العالم تحمل شعار واسم البحرين وهي أمنيتي الكبرى التي عملت واجتهدت من أجلها، فكان من الممكن والسهل أن أجلب ساعات عالمية جاهزة وأبيعها في السوق لكني فضلت تسويق الصناعة البحرينية للعالم، وأن أبعث برسالة بأننا قادرون على المنافسة في صناعة الماركات العالمية بسواعد أبنائنا.

واليوم اعتبر ما وصلت إليه يمثل نحو 20% من طموحاتي ولدي الكثير أريد تحقيقه الفترة المقبلة لاسيما في ظل التشجيع والتحفيز الذي ألقاه من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم ودعمه الكامل للصناعات الوطنية، كذلك صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء المحفز الأكبر للصناعات الوطنية وخاصة الشبابية، فسموه الملهم لنا في تطوير تجارتنا بما يهيئه لبيئة الأعمال من ظروف مواتية تمكننا من النجاح والازدهار ومنافسة الأسواق العالمية، وها نحن نجتهد، وبإذن الله نستطيع الفترات القادمة الوصول إلى ما نطمح إليه من نجاحات.

كيف ترى رواد الأعمال البحرينيين في إدارة مشاريعهم؟

- البحريني بالفطرة تاجر ولله الحمد، يمتلك الذكاء والدهاء في التجارة بما يمكنه من النجاح، إلا أنني أعتبر الإرشاد والتوجيه في المرحلة المبكرة من أهم عناصر نجاح ريادة الأعمال، ولقد قطعنا أشواطاً طويلة في هذا المجال جعلتنا في مرتبة متقدمة على المستويين الإقليمي والدولي، حيث نتميز في البحرين بعدد من المبادرات التي توفر فرص التدريب والنجاح لرواد الأعمال، ولكن من المهم جداً أن نواصل تعزيز هذه المبادرات بهدف الحفاظ على ثقافة ريادة الأعمال وتنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإنني على المستوى الشخصي أريد أن يكون جميع فريق عملي بحرينياً حتى نكون ملهمين للأجيال القادمة.

ماذا عن هواياتك وأبرز الدول التي تحب أن تزورها؟

- بالطبع أحب البحر رفيق الفرحة والبهجة لأهل البحرين وأشعر بمتعة حقيقية لاستنشاق هواء البحر، والاستماع إلى صوت هدير الأمواج، وبالتالي أحب ممارسة الأنشطة البحرية، كما أنني أعشق السفر وسافرت إلى معظم دول العالم وعلى الأخص دول أوروبا، وزرت كوبا والمكسيك واليابان، واستفدت من رحلات سفري الكبير في مجال عملي، فلقد وظفت سفرياتي الكثيرة في أعمال التجارة وخلق أفكار بيزنس جديدة؛ فأنا شخص يحمل العمل فأكاد أعمل 24 ساعة في اليوم وأذكر هنا وأنا في شهر العسل كان لدي موعد مهم يتعلق بأعمالي فاضطررت إلى قطع شهر العسل والذهاب للحاق بالموعد.

بالعودة إلى شركة «نون» لديكم مساهمات في العديد من الفعاليات في البحرين سواء الاجتماعية أو الرياضية أو الفنية فما هو السبب؟

- أنا مقتنع بأن نجاح أي عمل يتوقف على المغزى الذي ينطوي عليه، وأؤمن أن أبرز ضرورات نجاح شركتنا هو تبني المسؤولية الوطنية من جانب ومن جانب آخر تبنى مسؤوليات اجتماعية، وهذا درس مهم جداً لقطاعات الأعمال.

فكما أشرت في البداية، كان هدفنا التسويق للبحرين في المقام الأول ومن هنا تأتي مشاركتنا في الفعاليات كلها التي تقام على أرض البحرين بغرض التوثيق لها حتى تكون عالقة في أذهان كل من يأتي لنا بأن يقول هذه الساعة أخذتها من البحرين وتحمل اسم جزيرة بالبحرين وأعتقد أن هذا الأمر كاف لنا ويشبع طموحاتنا وأهدافنا البحرين هي الأغلى والأبقى من أي تجارة أو مكسب والفوز بتسويقها هو المكسب الرابح بالنسبة لنا وبهذه المناسبة سأعلن أننا نعمل اليوم بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» على صناعة ساعة بحرينية تحمل شعار الوكالة في القريب العاجل وهذا أيضاً أعتبره إنجازاً ونجاحاً جديداً للشركة.