بقلم: د. محمد عبدالله

تُشكل الإصابات الرياضية - خاصة الشديدة منها – علامات فارقة في حياة اللاعبين الرياضيين، ولطالما انشغل الإعلام الرياضي بكسر في لاعب مشهور لأحد الأندية، أو تعرض لاعب آخر لقطع في الرباط الصليبي للركبة في منتصف الموسم الرياضي، وما يصاحب ذلك من رحلة علاجية طويلة، وابتعاد عن الملاعب سواءً كان ذلك محلياً أم عالمياً. حتى وإن اختلف سبب الإصابة، كضربة مباشرة، أو احتكاك مع لاعب آخر، أو نتيجة ضعف في التدريب، يبقى السؤال هو: كم عدد هذه الإصابات ونوعها وشدتها في الوسط الرياضي المحلي؟

تمر على مختلف وحدات وعيادات ومراكز العلاج الطبيعي المنتشرة حوالي المملكة، شتى أنواع الإصابات الرياضية متفاوتة الحدة، وقد تشكل إصابات مفاصل الركبة والكاحل والكتف المراتب الأولى من ناحية العدد، بينما تتوزع الإصابات الباقية على أجزاء الجسم الأخرى مثل: المرفق، والحوض، والظهر، ولكن بنسب أقل. حتى إن كانت هذه التقديرات مبنية على التجربة والملاحظة الشخصية، فإنها تتوافق مع الإحصاءات المنشورة. فقد أجرى فريق بحثي في إسبانيا في عام 2021 بقيادة بريتو-غونزاليز، استطلاعاً شمل ما يقارب 500 لاعب من فئة الشباب، وأشارت النتائج إلى أن نسبة إصابات الكاحل "36%"، والركبة "19%"، والكتف "6.5%"، كانت في طليعة الإصابات الرياضية المسجلة في العينة المشاركة، بينما تراوحت إصابات المناطق الأخرى بين 2.1 إلى 5.5%، وإن معظم هذه الإصابات نتجت أثناء التمرين بنسبة 59% تليها المنافسات بنسبة 25%.



لو قمنا بربط نتائج الدراسة المنشورة وغيرها من الدراسات السابقة مع عدد الحالات والإصابات محلياً ذات الصلة، سنشاهد تقارباً ملحوظاً من حيث العدد والنوع ولربما المسببات. ولكن الاختلاف بينهما ينبع من حقيقة غياب الإحصاءات والدراسات الرسمية المنشورة والمتعلقة بهذا المجال.

إن مسببات الفجوة بين الإحصاءات المحلية والعالمية عديدة ومنها عدم توحيد إجراءات الفحص والعلاج بين الأندية الرسمية المسجلة، وغياب الأدوات والاستبانات الضرورية لرصد ومتابعة هذه الإصابات وتطورها.

إن الدور المهم الذي يلعبه أخصائي العلاج الطبيعي ومدرب الفريق في إعداد اللاعب للعودة للتدريب والمنافسة متحقق على أرض الواقع حيث تحظى مملكة البحرين بسمعة طيبة في مجال العلاج الطبيعي للإصابات الرياضية نتيجة بروز أسماء لامعة في هذا المجال. حتى عن تنوعات هذه الإصابات وشملت حالات وعمليات معقدة نتجت عنها مضاعفات، فإن كثيراً من اللاعبين الذين عانوا لأسابيع عديدة من إصابة جديدة أو متكررة عادوا للملاعب وقاموا بالمساهمة في تحقيق الانتصارات الرياضية. مع ذلك من هو المسؤول عن رصد هذه الإصابات وتسجيلها؟

وجود هذه الفجوة لا يعني بالضرورة عدم المقدرة على سدها، فالدعم المتواصل للمجال الرياضي من قبل سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، شكّل فارقاً مهماً ونقلة نوعية لتطوير الرياضية وتحقيق الإنجازات الرياضية. وهذا الدعم يكتمل مع زيادة البحث العلمي في مجال الإصابات الرياضية وأنواعها ومسبباتها ومدى انتشارها في الوسط الرياضي.

يجب التأكيد هنا بأن الرصد المستمر والدوري لأعداد الإصابات الرياضية وأنواعها، وشدتها، سيؤدي إلى خلق منصة وطنية تحوي الإحصاءات الرسمية، وتُعنى بتقديم المعلومات المُحدثة لصُناع القرار، وسوف يساهم هذا الأمر مستقبلاً في وضع الحلول والاستراتيجيات المناسبة لتقليل الإصابات التي من الممكن تجنبها عن طريق تطبيق البروتوكولات العلاجية والوقائية في إعادة تأهيل مثل هذه الإصابات والعودة بشكل أسرع للملاعب.

* أكاديمي في جامعة البحرين - باحث في العلاج الطبيعي والإصابات الرياضية