وليد صبري




طموحي خدمة البحرين والملك وأبناء شعبي

رفض والدي إقراضي المال لشراء قطعة أرض نقطة تحول إيجابية في حياتي

أشعر بمتعة وأنا أعمل 12 ساعة يومياً بين اجتماعات ولقاءات ومناسبات

الغرفة تجربة مثمرة اكتسبت منها خبرة كبيرة في التواصل مع العالم

السمعة رأس المال الحقيقي.. والتاجر الناجح مثل «الرادار»..


«الابن على خطى أبيه»، و«طوبى لمن كانت مهنته هي لذته»، تلك الأقوال المأثورة تلخص سيرة ومسيرة رجل، عضو مجلس التنمية الاقتصادية ورجل الأعمال البارز، خالد علي الأمين، حيث أكد في حوار خصّ به «الوطن»، أن «صرامة والده، رجل الأعمال الراحل علي الأمين، كانت بوابة النجاح له في عالم رجال التجار ورجال المال والأعمال.

وشدد الأمين على أن النظرة المستقبلية الثاقبة لوالده تعد خارطة طريق لنجاح عائلة الأمين في التجارة، مستذكراً الوالد بكل الخير، معتبراً أن رفض والده أن يقرضه المال لشراء قطعة أرض، بقيمة 43 ألف دينار، وهو في الثامنة والعشرين من عمره، كانت نقطة تحول إيجابية في حياته حيث تعلم الاعتماد على النفس وأن يبني نفسه بنفسه.

وقال الأمين إن السمعة هي رأس المال الحقيقي لرجل الأعمال وهي التي تسبقه في كل مكان، مشدداً على أن طموحه هو أن يخدم مملكة البحرين، وجلالة الملك المفدى، والشعب البحريني الكريم، موجهاً رسالة إلى الشباب البحريني بضرورة التفكير في النجاح الذي يقود إلى النجاح.

الأمين تحدث عن عشقه للثقافة والقراءة والكتابة والفنون، حيث يملك معرضاً للوحات في سار، ودائماً ما يهتم في سفراته بشراء الكتب والتحف واللوحات الفنية المختلفة، وقد سرد لـ»الوطن» محطات مختلفة في حياته، نستعرضها في الحوار التالي:

هل لنا أن نتحدث عن النشأة؟

- نحن أساساً من «فريج المحميد» لكني نشأت في «فريج ستيشن» في المحرق، ودرست في مدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية والإعدادية، ثم تخرجت من مدرسة الهداية الخليفية الثانوية، وكنت قد تخصصت في القسم الأدبي في المدرسة، وكنت أكتب شعراً، ثم توجهت مباشرة إلى مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية للدراسة، حيث تخصصت في دراسة التسويق وعلوم الكمبيوتر والحاسوب، وكان السفر رغبة من الوالد، على الرغم من أنني كنت متخصصاً في الدراسة والقسم الأدبي، وكنت أريد أن أتخصص في الكتابة والشعر والثقافة والفن والقراءة، لكن الوالد قال لي كلمة مأثورة لا أزال أتذكرها «نحن تجار وحياتنا تجار وسوف تذهب إلى أمريكا للدراسة وتعود لتكون تاجراً وليس كاتباً»، وكأنه أجبرني على السفر والدراسة في الخارج، وحينما عدت بعد 6 أشهر بعد دراسة مرحلتين، وأخبرته بأنني لا أريد إكمال الدراسة رد علي قائلاً «ما لك مكان في البيت حتى تتخرج!»، وفي وقتها شعرت بضيق شديد وكنت أشعر أن والدي كان قاسياً علي، ولكن الآن، أدركت تماماً أن والدي كان يبحث عن ما فيه الخير لي ومن أجل مستقبل أفضل أعيشه، وبعدما تخرجت، توجهت إلى البرازيل حيث عملت لمدة عام في شركة هناك متخصصة في بيع اللحوم تسمى «منيرفا»، وإلى الآن، هذه الشركة تبيع اللحوم لدول الخليج ومختلف دول العالم، وقد ساهمت في فتح فروع لها في البحرين والسعودية ودول الخليج بحكم علاقاتي، حيث استعنت بخبرة أخي الأكبر راشد، والذي كان يعمل مع والدي، وبعدها توجهت إلى المكسيك حيث التقيت بصديق لي يسمى «ريكاردو»، وقمنا بافتتاح مطعم سوياً، وبعدها تم إغلاق المطعم بعد نحو 6 أشهر، في هذا الوقت، والدي ووالدتي، كان لديهما إصرار على ضرورة عودتي للبحرين، باعتبار أنني وصلت للحد الكافي من التعليم، ولابد من العمل في البحرين، ثم عدت إلى المملكة، وأصر الوالد على عملي في بنك هولندا العام، ثم عملت لفترة في بنك البحرين الوطني حيث تدربت على يد الأستاذ طارق العربي، وبعدها تدربت على يد العم إسماعيل أمين.

كيف كان تأثير الوالد على حياتك؟

- دائماً أي أب، يتمنى لأولاده أن يكونوا أفضل من الآخرين، بل وأفضل منه هو شخصياً، والوالد رحمه الله، في بداية حياته، كان صارماً معنا، حيث زرع في نفوسنا القيادة منذ الصغر، وكيف يبني المرء نفسه بنفسه، ويعتمد على نفسه، ويمدك بالثقة والخبرة، باعتبار أن الابن هو من يحمل الإرث بعد الأب، والحقيقة، أن والدي لم يقصر معنا تماماً، بل العكس، لقد علمنا ودرسنا وأعطانا كل شيء، وأعطى الناس أيضاً، لأنه كان كريماً، وكان يحب أن يساعد الآخرين، وقد غرس في نفوسنا هذا الأمر، ودائماً ما كان يوصينا بأن نكون كريمين مع الآخرين، حتى يكون الله كريماً معنا، وبموازاة ذلك، كان حريصاً على العمل، حيث أسس الشركات الغذائية الأولى في البحرين، سواء الألبان، أو الأمين، أو ميدوي، وكذلك المدارس، والجمعيات الخيرية، ورغم كل ذلك كان لديه الوقت أن يربينا وينصحنا ويوجهنا إلى ما فيه الخير لنا وللآخرين، ويعطينا من وقته ويرشدنا إلى الطريق الصحيح، وبالتالي تأثير والدي علي لن أنساه حتى آخر يوم من عمري.

ما أكثر المواقف التي تذكرها مع الوالد وكان لها تأثير إيجابي عليك؟

- من أكثر المواقف التي كانت مع الوالد وأثرت في مسيرتي بإيجابية، حينما رفض أن يعطيني قرضاً بـ43 ألف دينار، لشراء قطعة أرض، فقال لي احضر أوراق البنك كي أكفلك، فحزنت كثيراً، واستغربت أن أبي يتعامل معي بهذه الطريقة، وكان عمري تقريباً 28 عاماً، وهنا كان يريد الوالد أن يعلمني درساً استمر معي طوال مسيرة حياتي، حيث قال لي نصاً «إن توفاني الله الأموال سوف تأتي إليك، لكن اليوم لابد أن تصنع نفسك بنفسك»، لذلك كان عند الوالد نظرة مستقبلية ويقين بضرورة أن يتعلم الأبناء معنى العمل والنجاح، وقد استوعبت الدرس جيداً وأشكر الوالد كثيراً وليته أمامي الآن كي أقبل رأسه.

ماذا عن مشروعاتك في بداية حياتك العملية؟

- أولى التجارب العملية التي خضتها وقد استفدت منها كثيراً هي استيراد المواد الغذائية الصحية، من أستراليا، وقد أقنعت الوالد وأخي الأكبر راشد، وقد حصلت على تشجيعهما باعتبار أن المجال أمامي مفتوح ولابد أن أخوض التجربة، وكان ذلك الأمر في بداية التسعينيات، وقد خسرت مبلغاً كبيراً في ذلك الوقت بلغ نحو 32 ألف دولار، لكن في الوقت ذاته تعلمت الكثير والكثير من تلك التجربة، وقد كان درساً عظيماً بالنسبة لي، وتعلمت أنه يجب التأني، وعدم الاستعجال ولابد من عمل دراسة جدوى قبل البدء في إطلاق أي مشروع.

كيف كان التحول إلى تطوير أسواق ميدوي؟

- بدأنا في تطوير أسوق ميدوي بتوجيه ومساعدة وإرشاد من الوالد رحمه الله، وأخي الأكبر راشد، حيث قررنا تجديد الأسواق بالكامل كي تواكب الأسواق الأخرى وتتفوق عليها، وبفضل الله نجحنا في ذلك، حيث كان أول فرع كان باسم محلات المعرض عام 1962، واستطعنا استقطاب الزبائن خاصة من يفضلون المنتجات الغربية والأوروبية، خاصة ما يتعلق باللحوم الأرجنتينية والأمريكية والبرازيلية، واليوم الأسواق تسير بخطى ثابتة في السوق، وقد كان للوالد وصية ورغبة في أن يظل جميع الإخوان متماسكين ومرتبطين وبعد حياته، ولا أحد يفترق عن الآخر، وهذا يتحقق اليوم، من تماسك واتحاد واحترام بين جميع الإخوان، وأخي الكبير يستمع إلى الجميع، ونحن بالمناسبة 4 رجال، وسيدة، وأختي الكبيرة هي لبنى الأمين، وهي متزوجة من السيد جمال فخرو، ثم أخي الكبير راشد، وأخي ماجد، وأنا خالد، ثم أخي زايد.

لماذا يقترن اسم خالد الأمين دائماً بالحديث عن الحلول لأية أزمة غذائية؟

- رجل الأعمال لابد أن يكون مثل جهاز الرادار، ويتنبأ بما يمكن أن يحصل في عالم التجارة والمال والأعمال، بل يجب أن يكون على دراية بتحولات السوق والمشاكل والتحديات، لم يكن لدي عصا سحرية، ولكن لدي علاقات متنوعة، خاصة بالسلطة التنفيذية، كوني قادراً على إيجاد الحلول للأزمات والتحديات، وأقرب مثال على ذلك ما حدث خلال أزمة جائحة كورونا (كوفيد19)، حيث استطعنا حل كافة الأزمات.

هل تعتقد أن جائحة كورونا تعد أكبر أزمة غذائية واجهتها البحرين ودول الخليج؟

- كل الأزمات متشابهة، لكن أنا أعتبر أن حرب الخليج شكلت أكبر أزمة غذائية للبحرين ودول الخليج، حيث لا أنسى أننا خلال تلك الحرب واجهنا مشاكل عديدة، سواء في نقص الحليب والخبز، وكان الجسر شبه مغلق، وكان أرفف المتاجر خالية، والثلاجات كانت خالية، ومخازن تجار الأغذية كانت خالية، ولكن بمساعدة الأخوة في قوة الدفاع استطعنا حل المشكلة بفتح الجسر، واستيراد الأغذية، لكن كورونا ربما كانت الأزمة موجودة لكن ليست بنفس القوة والحجم لأنه صاحبها نقص في بعض السلع وهذا شيء طبيعي لأن العالم كل يمر بنفس الأزمة، ولذلك حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، كانت له نظرة ثاقبة ورؤية حكيمة، وسبق الجميع، عندما أمر بتأمين مخزون استراتيجي من الأغذية وأصبحت البحرين لديها مخزون استراتيجي وبالتالي البحرين مؤمنة بمخزون استراتيجي، وربما كانت هناك مشاكل خلال أحداث 2011، وفتحنا الجسر وقمنا بالاستيراد، ولذلك الحلول موجودة، لكن علينا السعي والتعب من أجل حل المشكلات ومواجهة التحديات.

وبالتالي ليس هناك أية أزمة غذاء في البحرين، حتى وإن كانت تستورد احتياجاتها، وبالتالي هناك دائماً مخزون غذائي كافٍ في البحرين في أي أزمات يمر بها العالم.

ماذا عن تجربتكم مع غرفة التجارة والصناعة؟

- الغرفة تجربة طيبة، وتعلمت منها الكثير، وقد أعطتني خبرة كبيرة للعالم وليس للبحرين، وصار لدي علاقات قوية، وعلمتني كيف نخدم الآخرين، وكيف نحل المشاكل، وكيف نذلل العقبات ونتخطى التحديات، كما إن السمعة هي رأس المال الحقيقي وتسبق رجل الأعمال في كل مكان.

هل لنا أن نتطرق إلى الأسرة؟

- زوجتي كانت تعمل لفترة، والآن هي ربة منزل، وأبنائي الثلاثة سلمان وعلي ومريم، يتقلون الدراسة خارج البحرين، في أمريكا وبريطانيا، وبالمناسبة، أنا لدي قناعة بأن لكل شخص دربه في الحياة.

كم عدد ساعات العمل يوميا؟

- أعمل نحو 12 ساعة يومياً ما بين اجتماعات ولقاءات وحضور مناسبات وغيرها.

ما أجمل خبر سمعته في حياتك؟

- ولادة ابني سلمان.

ما أسوأ حدث لا تريد أن تتذكره؟

- أحداث 2011، كانت أيام مريرة، أتمنى ألا أتذكرها، وألا تعود مرة أخرى.

ما أبرز الهوايات؟

- أعشق الفن وشراء اللوحات الفنية، ولدي «جاليري» خاص بي في سار، أقتني فيه اللوحات والتماثيل، كما أنني أعشق القراءة، خاصة عند سفري إلى مصر، حيث أتنقل ما بين المعارض الفنية والمكتبات لشراء الكتب، وأفضل كاتب بالنسبة لي هو الراحل نجيب محفوظ، كما أنني أمشي يومياً بعد الفجر نحو 6 كيلومترات يومياً، كما أنني أحب كرة القدم وأشجع فرق المحرق البحريني والأهلي المصري والآرسنال الإنجليزي.

هل من كلمة أخيرة؟

- طموحي أن أخدم بلادي وحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وأنا أخدم أبناء بلادي، ورسالتي للشباب البحريني هي دائماً التفكير في النجاح حتى يصل إلى النجاح، ولا يفكر في الفشل، وعلى الشباب أن يبذل كل ما يستطيع من أجل أن ينهض بوطنه.