العربية نت


لدى التحدث عن التزاماتهم تجاه منطقة الشرق الأوسط، يفتقد الأميركيون إلى الوضوح. ولعل ما يقلق دولاً عديدة في المنطقة أن الأميركيين يتعاطون مع حلفائهم دون إبداء حماسة لمواجهة المخاطر الإيرانية.

على الرغم من ذلك، لا تزال الإدارة الأميركية تعتبر أن منطقة الشرق الأوسط ومنطقة عمليات القيادة المركزية "استراتيجية".

وقد أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في بداية أبريل الماضي، أن بلاده "ستتابع العمل على مواجهة استعمال إيران للصواريخ والمركبات المسيرة"، مضيفاً: "سنتابع الوقوف بقوة إلى جانب شركائنا لمحاسبة إيران والميليشيات التابعة لها".


فبحسب مصادر "العربية"، تراجع عدد الجنود الأميركيين في منطقة الشرق الأوسط إلى 40 ألف جندي، مع قواعد في الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى انتشار في العراق وسوريا.

ولدى إجابته عن تلك النقطة، قال مسؤول في البنتاغون: "صحيح.. تستطيع حتى القول إن الرقم أقل قليلاً من 40 ألفا".

وبمقارنة هذا الرقم مع مستويات 70 ألف جندي منذ عام تقريباً، وارتفاع هذا الرقم إلى أكثر من 100 ألف خلال الانسحاب من أفغانستان، يمكن القول إن هذا العدد هو الأصغر منذ أكثر من 20 سنة.

الحد الأدنى

بدوره، أكد جوزيف فوتيل، القائد السابق للمنطقة المركزية الأميركية في رسالة إلكترونية أن "الرقم بالتأكيد أقل مما كان عليه عندما كان قائداً للمنطقة المركزية بين 2016 و2019".

لكنه شدد على أنه "من الضروري أن نبقي في بالنا أنه خلال تلك المرحلة كانت القوات الأميركية تقوم بحملات في العراق وسوريا وأفغانستان، وهذا يحسب العدد الأضخم من القوات التي تمّ خفضها". وأضاف أن القوات الأميركية تحتفظ بقواعد عسكرية "في الكويت والبحرين وقطر والإمارات، وسنحتاجها لو أردنا العودة إلى المنطقة بأعداد أكبر".

كما أكد "أن العدد خفّض بالفعل لكن الإمكانيات معتبرة والخطوط مفتوحة".

يشار إلى أن نهاية المهمة في أفغانستان قلّصت بدون شك عدد الجنود الأميركيين في المنطقة، لكن هناك انطباع لدى التحدث إلى الأميركيين أنهم يريدون الاحتفاظ بالحد الأدنى من القوات المنتشرة في المنطقة.

المصالح الأميركية

إلى ذلك، أوضحت مصادر عسكرية أميركية لـ"العربية" أن القيادة المركزية توزّع مهمتها إلى جزأين: الأول هو الحفاظ على المصالح الحيوية الأميركية، والثاني هو مواجهة داعش.

كما أكدت أن أركان القوات الأميركية في المنطقة تعمل يومياً على التأكد من أن القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة لديها القدرة على مواجهة التحديات. وقال مسؤول في البنتاغون إن "القيادة المركزية تتحدث مباشرة إلى وزير الدفاع الأميركي بالتشاور مع رئيس هيئة الأركان المشتركة، وتقيّم خطة القيادة المشتركة، وتطلب القيادة المركزية من وزير الدفاع" ما تحتاجه.

وأكبر تحد تواجهه المنطقة الآن هو الصواريخ الدقيقة والمسيرات التي يمكن أن تطلقها إيران أو الميليشيات التابعة لها على القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة، غير أن الأمور تصبح أقل وضوحاً عندما يتعلّق الأمر بمهاجمة طهران أو ميليشياتها لأراضي الدول في منطقة الشرق الأوسط.

تنسيق فقط

ويؤكد الأميركيون أن لديهم القوة الكافية للدفاع عن قواعدهم وقواتهم في المنطقة. كما يؤكد المسؤول الكبير في البنتاغون أن هذا الأمر "دقيق!".

إلا أن المشكلة تصبح ثقيلة، لأن الأميركيين باتوا يعتبرون أن من مهمتهم ليست الدفاع عن الأصدقاء بل مساعدة الأصدقاء للدفاع عن أنفسهم.

وقد طرحت إدارة الرئيس الأميركي في هذا السياق نظرية "الردع المدمج"، وكأنها تقول لدول المنطقة نسقوا دفاعاتكم خصوصاً الجوية لمواجهة مخاطر الصواريخ والمسيرات، فيما تقوم الولايات المتحدة بدور تنسيقي بين مجموعة دول إقليمية تواجه تهديدات وتحتاج إلى البنية التحتية والأسلحة المتطورة.

ومن الواضح أن الإدارة الأميركية الحالية مرتاحة إلى تزايد التنسيق بين دول المنطقة، لكنها تثير قلقاً كبيراً لدى تلك الدول التي باتت ترى أن أميركا أضحت بطيئة أو لا مبالية عندما تتعرّض دول حليفة لهجوم.

"ليس كافيا"

فيما يرى فوتيل لدى التحدث عن المنطقة التي كان يقودها، أن عدد القوات والعتاد "كاف لإمكانية الرد على أي تهديد جدي لواحد من مصالح واشنطن الحيوية"، لكنه يضيف أن "عدد القوات ليس كافيا للدفاع عن كل شركائنا في المنطقة".

ولعل المثير للاهتمام أن فوتيل يقول إن "هذا الأمر ليس من ضمن استراتيجية بلاده، وإن عدد القوات ربما ليس كافيا لردع من يقومون بأدوار سيئة مثل النظام الإيراني".

ويترافق هذا التراجع في الخليج العربي مع تراجع مماثل في العراق وسوريا حيث الحضور الأميركي هناك مرتبط أيضاً بمبدأ الحد الأدنى، فالأميركيون يعتبرون أن مهمتهم في البلدين قائمة على منع عودة داعش "وهذه مصلحة أميركية".

وفي العراق تحديداً، يحصر الأميركيون مهمتهم بتدريب ومساعدة القوات العراقية لمنع عودة التنظيم الإرهابي. أما في سوريا فيرى الأميركيون أن خطر عناصر داعش مرتفع جداً ويهدد الأمن الأميركي، ولكن من السهل القول الآن إن إدارة جو بايدن تخلت عن هدف الإدارة السابقة في إخراج القوات الموالية لإيران من أراضيها.