الحرة

بدأت العقوبات الغربية الصارمة "تؤرق" الجيش الروسي وتسهم في إعاقته من إعادة تخزين الأسلحة المتطورة، وفق تقرير لمجلة "فورين بوليسي".

وأجبرت العقوبات التي تعرضت لها روسيا من قبل الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة بسبب غزو الكرملين لأوكرانيا، الجيش الروسي على نفض الغبار عن مخزونات الدفاع من الحقبة السوفيتية واستخدام ذخائر أقل دقة.

وقالت المجلة الأميركية إنه من المحتمل أن تكون الأسلحة القديمة أكثر فتكا للمدنيين الأوكرانيين المحاصرين في مرمى نيران الهجمات العسكرية الروسية الخرقاء.

ويعتقد المسؤولون الأميركيون والبريطانيون أن العقوبات الدولية "المدمرة" تعيق قدرة روسيا على إعادة تخزين الأسلحة عالية التقنية، مثل الذخائر الموجهة بدقة، على الرغم من أن موسكو لا تزال لديها الكثير من مخزونات الذخيرة التقليدية تحت تصرفها لمواصلة الحرب.

ورصدت الحكومات الغربية تأثير النقص العسكري التكنولوجي الناجم عن العقوبات الروسية، حيث أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القوات بدخول مصنع الصلب المحاصر في مدينة ماريوبول، بينما أمطر الطيارون الروس "القنابل العشوائية" بدون توجيه دقيق في المدينة.

وأحرق الجيش الروسي الكثير من مخزونه من الأسلحة المتطورة في الأيام الأولى للحرب، إذ تعتقد الولايات المتحدة أن روسيا ربما أطلقت ما يصل إلى 12 صاروخًا تفوق سرعتها سرعة الصوت، على أوكرانيا.

سعت ضوابط التصدير التي تقودها الولايات المتحدة والتي تم الإعلان عنها في أواخر فبراير إلى حرمان روسيا من رقائق الكمبيوتر وأشباه الموصلات التي يمكن استخدامها في المعدات العسكرية المتقدمة.

وقال نائب وزير الخزانة الأميركية، والي أدييمو، "لقد صُممت عقوباتنا وضوابطنا على الصادرات لحرمان روسيا من المدخلات الحاسمة التي تحتاجها لمواصلة الحرب ضد أوكرانيا وتقليل قدرتها على إبراز قوتها في المستقبل".

وأضاف: "لقد عطّلنا سلسلة التوريد العسكرية الروسية والإنتاج الإجمالي، ومنعنا قطاع الدفاع الروسي من تسوية المدفوعات، وسنواصل استهداف قدرة روسيا على إعادة التزود بالمخزون وإعادة الإمداد، إعادة البناء".

جملة عقوبات

منذ أواخر فبراير، عندما شنت روسيا غزوها على جارتها الواقعة في أوروبا الشرقية، حددت الحكومة الأميركية 147 كيانًا و35 فردًا و74 سفينة تعمل في قطاع الدفاع الروسي، وفقا لبيانات من وزارة الخزانة.

من بين الأهداف الرئيسية للعقوبات الأميركية، شركة الصواريخ التكتيكية "كيه تي أر في"، وهي مجموعة دفاعية روسية مملوكة للدولة تنتج أسلحة تفوق سرعة الصوت بالإضافة إلى التكنولوجيا المستخدمة في أنظمة الرادار والصواريخ متعددة الأغراض الأخرى.

وعاقبت وزارة الخزانة الأميركية، الرئيس التنفيذي لشركة "كيه تي أر في"، بوريس أوبنوسوف، بالإضافة إلى 28 شركة تابعة للمجموعة الروسية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية لمجلة "فورين بوليسي" إن العقوبات الدولية جمدت 60 بالمئة من احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية، أي ما يقرب من 340 مليار دولار.

وغادر روسيا ما يصل إلى 70 ألف متخصص في الكمبيوتر في مارس، ومن المتوقع أن يغادر 100 ألف آخرين.

وقال المتحدث في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني، إن "العقوبات المستمرة ستؤدي إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي (الروسي) على المدى الطويل؛ لأن البلاد غير قادرة على الوصول إلى التكنولوجيا الغربية الرئيسية".

ومن الصعب تتبع المدى الدقيق الذي تؤثر فيه العقوبات على قدرة روسيا على إعادة التسلح، إذ يتحدث المسؤولون الغربيون عن الأمر بعبارات عامة لكنهم لم يقدموا علنا أرقاما محددة بسبب حساسية المعلومات.

داخل روسيا، هناك بالفعل علامات على أن العقوبات بدأت تقلل من قدرة البلاد على إعادة تزويد أنظمتها المتطورة. وقالت وزيرة التجارة الأميركية، جينا ريموندو، للكونغرس، الأربعاء، إن المسؤولين الأوكرانيين أخبروها أن روسيا مجبرة على أخذ أشباه الموصلات من غسالات الصحون والثلاجات لاستخدامها في أسلحة عالية التقنية.

وأفادت ريموندو بأن صادرات التكنولوجيا الأميركية إلى روسيا تراجعت بنحو 70 بالمئة منذ غزوها الشامل لأوكرانيا.

من جانبه، قال مسؤول دفاعي أميركي رفيع للصحفيين – تحدث هذا الأسبوع دون الكشف عن هويته – إن العقوبات الغربية بدأت "بالتأكيد بالإضرار بقدرات (روسيا) الصناعية الدفاعية".

وتابع: "نعتقد أن العقوبات وضوابط التصدير، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمكونات والمكونات الإلكترونية، كان لها تأثير على القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية وقدرتها على إعادة تشغيل (الذخائر الموجهة بدقة)".

"خيارات صعبة"

والاثنين، ذكرت المخابرات التابعة لوزارة الدفاع البريطانية أن استنفاد المخزونات الروسية الموجهة بدقة "أجبر على استخدام ذخائر متاحة بسهولة، ولكنها قديمة وأقل موثوقية وأقل دقة ويمكن اعتراضها بسهولة".

وكشف الغزو الذي استمر 77 يوما عن أوجه قصور في قدرة روسيا على شن ضربات دقيقة، بما في ذلك تعريض البلدات والقرى الأوكرانية لقصف مكثف، وهو اتجاه يبدو أنه يتصاعد في الهجوم في منطقة دونباس الشرقية.

أصدرت وزارة التجارة الأميركية قيودًا جديدة للرقابة على الصادرات تهدف إلى منع روسيا من الحصول على التكنولوجيا الأميركية الصنع التي يمكن استخدامها في المعدات العسكرية، حتى لو تم توفير هذه التكنولوجيا من قبل دول ثالثة.

وهذا يشمل الإلكترونيات الدقيقة، والاتصالات السلكية واللاسلكية، ومعدات أمن المعلومات، وأجهزة الاستشعار، ومعدات الملاحة، وإلكترونيات الطيران، وأجزاء للطائرات المدنية.

ولكن حتى لو تمكنت روسيا من العثور على موردين آخرين للمكونات العسكرية، كما يتوقع البعض، فمن المرجح أن تواجه صعوبات اقتصادية مع استمرار غزو أوكرانيا.

وقال وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، للصحفيين في واشنطن، الثلاثاء، إن العقوبات الغربية ستشكل "تحديا حقيقيا" لقدرة روسيا على تجديد قواتها المسلحة "المنهكة".

وعلى الرغم من أن الكرملين قد نجح في تحقيق الاستقرار في الروبل من خلال صادرات الطاقة، فمن غير المرجح أن يكون قادرًا على تجنب المعاناة المالية لفترة طويلة.

وقال بريان أوتول، الزميل البارز غير مقيم في المجلس الأطلسي والمسؤول السابق بوزارة الخزانة الأميركية، إنه "من المحتمل أن تنفق روسيا كل ما تجنيه تقريبًا على صادراتها من الطاقة لدعم الروبل لإظهار أن الاقتصاد يبدو على ما يرام عندما لا يكون كذلك".

وأضاف: "إنهم يتخذون خيارات صعبة الآن. لكن هذا غير مستدام بالنسبة للروس. وفي مرحلة ما، سوف يسقطون من منحدر".