بين "الحمى" و"المجاعة" تمضي أيام كوريا الشمالية في رتابة مرعبة فيما أوصى زعيمها مواطنيه بـ"الغرغرة بالماء المالح" لعلاج الوباء.

وبحسب تقارير إعلامية، طلب كيم جونج أون، من الكوريين الشماليين "الغرغرة بالماء المالح" لعلاج فيروس كورونا، وأمر الجيش بتوزيع الدواء.

وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن النظام الكوري الشمالي يعاني في التعامل مع تفشي "حمى" كما تسميها السلطات، حيث أصيب أكثر من 1.2 مليون شخص - من بين 26 مليون نسمة-، وتم تسجيل 50 حالة وفاة.



ورغم اعتراف بيونج يانج بتفشي فيروس كورونا، فإنها لا تربط تلك الإصابات والوفيات بكوفيد 19، متحدثة عوضا عن ذلك عن انتشار "حمى".

وأمر كيم الجيش أيضًا بالعمل على توزيع العلاج في العاصمة بيونج يانج، و"انتقد بشدة" مسؤولي الرعاية الصحية فيما وصفه بالاستجابة الفاشلة، بحسب وكالة الأنباء المركزية الكورية.

والخميس، أقرت كوريا الشمالية، لأول مرة، بحالات العدوى، لكنها قالت حينها إنها "حمى غير معروفة" تنتشر منذ نهاية أبريل/ نيسان الماضي.

والأسبوع الماضي، دعا كيم لإغلاق وطني، فيما يقول اليوم إن التوزيع البطيء للأدوية كان "بسبب أن مسؤولي الوزرات وقطاع الصحة العامة المسؤولين عن الإمداد لم يشمروا عن سواعدهم، ولم يدركوا الأزمة الحالية بشكل صحيح".

وأمر الجيش بالمساعدة في تحقيق "الاستقرار الفوري لإمدادات الأدوية في بيونج يانج".

وأفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية بأن أكثر من نصف مليون شخص يتلقون حاليا العلاج، لكن دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وسبق أن رفضت كوريا الشمالية عروضا لتلقي لقاحات فيروس كورونا المستجد من الصين ومبادرة كوفاكس التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

بين المجاعة والوباء

وفي سياق متصل، اعتبر تحليل منشور بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن كوريا الشمالية ربما تكون عالقة بين "المجاعة والوباء".

وذكر التحليل أن كوريا الشمالية تابعت بقلق، في يناير/ كانون الثاني 2020، ظهور وباء كورونا المستجد في الصين.

وعلى مدار الأشهر الـ28 اللاحقة، أبلغت كوريا الشمالية بشكل لا يصدق عن تسجيل صفر حالات لفيروس كورنا، حتى بينما كان الفيروس يجتاح باقي دول العالم، واختار حزب العمال الكوري اتباع استراتيجية "صفر-كوفيد" تقوم على إغلاق الحدود.

لكن توقف ادعاء صفر إصابات الأسبوع الماضي مع إعلان البلاد عن أول حالة إصابة بمتحور أوميكرون والمتحور BA.2 داخل حدودها.

وفي حين من المعروف أنه لم يتم تطعيم أي مواطن كوري ضد كورونا، ومع عدم وجود حالات إصابة مؤكدة سابقة بالوباء، فمن غير المرجح وجود مناعة طبيعية للمتحورات السابقة من المرض كذلك.

وفي غضون أيام، أقرت وسائل الإعلام بأن أكثر من مليون حالة إصابة بـ"الحمى" -كناية عن الاشتباه بكوفيد-19، بالنظر إلى الافتقار للقدرة على إجراء الاختبارات التشخيصية- انتشرت في شتى أنحاء البلاد.

وتعتبر بيونج يانخ، التي شهدت عرضا عسكريا ضخما في الأيام الأخيرة من أبريل/نيسان الماضي، بؤرة تفشي المرض. وشوهد كيم جونج أون وهو يرتدي كمامة عبر وسائل الإعلام فيما يعتقد أنها المرة الأولى.

وبالنسبة لـ"كيم" الذي احتفل بمرور عقد زمني على وصوله السلطة الشهر الماضي، يمثل وصول "أوميكرون" ومتحوراته إلى كوريا الشمالية تهديدا كبيرًا، وإن يكن الفيروس ليس التحدي الوحيد الذي تواجهه البلاد بالوقت الحالي.

وطبقًا للتحليل، قد تكون كوريا الشمالية على حافة مجاعة مرة أخرى.

وفي رأس السنة الجديدة، ألقى كيم خطابا شدد فيه على الإنتاج الزراعي، وليس الأسلحة النووية والصواريخ.

وكوريا الشمالية ليست بغريبة على نقص الغذاء، بحسب التحليل، لكن يعتبر مزيج انعدام الأمن الغذائي المستشري والفيروس المميت تحديا جديدا مخيفا.

وفي حين يظل الوضع متقلبا، يبدو أن هذه المجموعة من التحديات الموازية تشكل معضلة أساسية للنظام في كيفية إدارة انتشار الفيروس.

وطبقًا لوسائل الإعلام الكورية الشمالية، دعا كيم جميع المدن والمقاطعات إلى إغلاق مناطقها تماما وتنظيم العمل والإنتاج بعد إغلاق كل وحدة عمل ووحدة إنتاج، مع بعضهم البعض لمنع انتشار الفيروس.

واعتبرت المجلة الأمريكية أن هذا يرقى لإغلاق كامل، لافتة إلى أن النظام في كوريا الشمالية يجب أن يكون قادرا على فعل ذلك بسرعة، لكن المؤشرات تشير إلى أن البلاد لم تخضع لإغلاق كامل بعد، حتى وإن حدث ذلك في بيونج يانج ومدن أخرى.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه ليس من الواضح الخطوات التي قد تتخذها قيادة البلاد حال حدث الأسوأ وتبين أنه من الصعب احتواء متحورات كورونا.

وفي خضم مواجهة كوريا الشمالية لتفشي الجائحة، أصبح احتمال قبول كيم جونج أون للمساعدات الخارجية أكثر ترجيحا.

وبالرغم من الشعارات الكورية الشمالية التي تنادي بـ"الاعتماد على الذات"، قبلت البلاد مرارا عروض مساعدات خارجية، بما في ذلك من جارتها الجنوبية والولايات المتحدة، خلال فترات المحن الاقتصادية السابقة.

ويعتبر النظام الصحي في كوريا الشمالية من الأسوأ عالميا، حيث يفتقر إلى الأدوية الضرورية والمعدات اللازمة، بحسب خبراء.