وليد صبري




- الحوثيون أفقدوا المعلمين الحق في الحياة والسلامة و الحرية


- سيطرة الميليشيات على الإدارات التربوية والتعليمية

- الحوثيون يسعون لتغيير الهوية اليمنية عبر «التربية والتعليم»

- الميليشيات تحرم ملايين الطلاب اليمنيين من التعليم


- مناهج الحوثيين تبث سموم الطائفية في المجتمع اليمني

- المتمردون يجبرون الطلاب على التجنيد الإجباري


ترتكب ميليشيات المتمردين الحوثيين في اليمن انتهاكات جسيمة في قطاعات الدولة المختلفة منذ استيلائها على السلطة بالقوة وانقلابها على الشرعية، في سبتمبر 2014، ولعل أبرزها كان قطاع التعليم، حيث بدأت تلك الانتهاكات بتعيين يحيى بدر الدين الحوثي شقيق زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي وزيراً للتربية والتعليم، رغم عدم امتلاكه أي مؤهل تعليمي، بحسب ما كشفت تقارير إخبارية.

وقد توسعت تلك الانتهاكات الحوثية شيئاً فشيئاً حتى أصبحت كافة المؤسسات التعليمية في قبضة المتمردين، خلال نحو 7 سنوات من الانقلاب على الشرعية، ولعل أبرز تلك الانتهاكات كانت تغيير المواد الدراسية وتحريفها بما يخدم توجهات وعقائد الحوثيين، والتحريض على الكراهية وتصفية المخالفين لفكرهم وعقيدتهم.

من جهته، عقد مجلس إدارة نقابة المعلمين اليمنية، مؤتمراً صحفياً في مأرب، شمال شرق البلاد، كشف من خلاله عن تقرير حقوقي حمل عنوان «آثار الحرب على قطاع التعليم في اليمن»، حيث يرصد انتهاكات المتمردين الحوثيين بحق المعلمين وتحديداً من 24 أكتوبر 2014 حتى 30 ديسمبر2021، والتي بلغت نحو 49 ألف انتهاك حوثي في 7 سنوات.

وذكر التقرير أن الميليشيات الحوثية فجرت 25 مدرسة، وحولت نحو 22 مدرسة إلى سجون عسكرية، وثكنات قتالية، و74 مدرسة كمخازن للقواعد والآليات العسكرية في عدد من المحافظات التي تخضع لسيطرة الحوثيين.

وقد أسفرت عمليات القنص والقتل المباشر خارج القانون والاغتيالات والاستهداف للمنازل والأحياء بالقذائف والصواريخ والمسيرات، عن مقتل نحو 1580 معلماً، وإصابة 2642 آخرين، فيما قتل نحو 22 تربوياً تحت التعذيب في معتقلات المتمردين، في حين تم اعتقال نحو 1137 معلماً وتربوياً، وخضع نحو 170 منهم لحالات اختفاء قسري، كما أعدمت الميليشيات المتمردة نحو 10 معلمين منهم خلال عام 2019.

وقالت نقابة المعلمين اليمنية في تقريرها إنه خلال 7 سنوات تم رصد 20 ألف حالة تهجير للمعلمين من منازلهم، ومصادرة 681 منزلاً لمعلمين وتربويين، في حين تم تسجيل 621 حالة انتهاك لحقوق الإنسان تنوعت بين الضرب والتعذيب الجسدي والنفسي.

وفيما يتعلق بالانتهاكات الخاصة بالتوظيف في قطاع التعليم، ذكر تقرير نقابة المعلمين اليمنية أنه تم فصل نحو 921 معلماً، في محافظة صنعاء خلال 2019، في حين لم يحصل نحو 60 % من إجمالي العاملين في القطاع التربوي في مناطق سيطرة الحوثي على رواتبهم ومستحقاتهم خلال نحو 4 سنوات.

وفي أكتوبر 2018، أعلن نائب وزير التربية والتعليم في حكومة الحوثيين، د. عبدالله سعيد الحامدي انشقاقه عن حكومة المليشيات في صنعاء، فور وصوله إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث أعلن في تصريحات لقناة «العربية»، و«العربية الحدث»، أن الحوثيين يسعون إلى تغيير الهوية اليمنية خصوصا عبر التربية والتعليم وسيطرة الميليشيات على كافة الإدارات التربوية والتعليمية في المحافظات الخاضعة لنفوذهم.

وأَضاف أن «الميليشيات الحوثية فرضت مناهج جديدة كما قامت بدمج مواد إجبارية تروج للميليشيات الحوثية وتبث سموم الطائفية في المجتمع اليمني.

وأوضح القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام أن «الحوثيين يقومون باختطاف الأطفال واقتيادهم للتجنيد الإجباري».

من جانبه، صرح المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي في وقت سابق لوكالات أنباء عالمية موضحاً أن الحرب حرمت ملايين الطلاب من التعليم، وأفقدت آلاف المدرسين حقوقهم الأساسية، وأهمها الحق في الحياة والسلامة والحرية الشخصية، إضافة إلى حرية التنقل والتعبير والحقوق المادية.

وتحدث عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترتكبها ميليشيات المتمردين الحوثيين في اليمن، مرجعاً جزء من المسؤولية في ارتفاع أرقام الضحايا إلى صمت المجتمع الدولي، وإفلات الجناة من العقاب، الأمر الذي ضاعف انتهاكات الحوثيين بحق منتسبي قطاع التعليم.

واعتبر أن هناك تصدعات كبيرة في بنية النظام التعليمي وطابعه الوطني والمدني، متهماً الحوثيين بعسكرته وتسييسه بما يخدم الحرب والتحشيد للقتال، معتبرا أن هذا الأمر «يهدد المنظومة التعليمية الوطنية بالشلل الكامل، كما يتسبب بحرمان مليون طالب من الدراسة».

وأشار إلى أن «الحوثيين يتدخلون في العملية التعليمية من خلال استبدال المدرسين الذين انصرفوا إلى البحث عن بدائل للدخل، بعناصر من الجماعة لتدريس منهج تم تعديله وفق فكر الحوثيين وأجندتهم».

وأعرب عن قلقه اليناعي عن قلقه من عدم استيعاب الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمجتمع الدولي، لآثار انقطاع الرواتب بشكل فجائي وكامل عن أهم وأكبر شريحة عاملة ومؤثرة في حاضر أجيال اليمن ومستقبلها.

وأضاف «تبعاً لذلك، لم يضمنوا قدرة المدرسين على أداء وظائفهم وتوفير مرتباتهم بانتظام لمساعدة الطلاب على اختيار الالتحاق بالتعليم عوضاً عن الانضمام إلى المليشيات، بعد تدهور فرص التعليم».

وتحدث عن إيقاف رواتب العاملين في التعليم في مناطق سيطرة الحوثيين انعكس على حياة الطلاب، وشكل زيادة متصاعدة في نسبة تجنيد الصغار للحرب.

وحذر من مستقبل قاتم للتعليم في اليمن، مشيراً إلى دور النقابة في دعم الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، ومطالبتها المستمرة للمدرسين بالذهاب إلى المدارس على الرغم من عدم دفع أجورهم، لحماية الجيل من الضياع والأمية واللا عودة واليأس، ما يوفر ظروفاً مثالية للتطرف بين الأطفال.

وحذر من العواقب الكارثية لنشوء جيل مشرد من الأطفال بلا تعليم، يتجهون إلى حمل البنادق، معتبراً أن هؤلاء يشكلون «مأساة اليمن في المستقبل».

كما حذر من استخدام التعليم كوسيلة ضغط تمارسه الجماعات المسلحة، والتأثير السلبي لتقسيم اليمن على وحدة التعليم والوئام الاجتماعي.

ونبه من «مخاطر ثقافية وفكرية جراء تسييس الحوثيين للتعليم وتعديلاتهم للمناهج، وفق أجندة طائفية ستغير النسيج الاجتماعي وتعمق الفجوة الثقافية والفكرية في البلاد، وتنتج جيلاً محاصراً بالأفكار الطائفية والإقليمية، إضافة إلى ثقافة العنف والكراهية».

وتحدث عن مبادرات لنقابة المعلمين أطلقتها مع الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية، بهدف الوصول إلى المعلمين والطلاب الأكثر تضرراً من الحرب، لكنه يبدي أسفه لأن المجتمع الدولي خذل النقابة وقطاع التعليم في هذه المساعي.