الحرة

رغم انسحاب الدبابات وآلاف الجنود الروس من شمال أوكرانيا، لا يزال الخوف يسود هذه المنطقة، بسبب استمرار استهداف البلدات القريبة من الحدود مع موسكو. كما تثير الانفجارات الذعر بين السكان الذين عاشوا أسابيع من الاحتلال الروسي ولم ينسوا الوجود المرعب لجيش موسكو وهو يسير في طريقه إلى كييف.

وقالت كاترينا كراسنوميروفا، التي تعيش في مسكن مؤقت في قرية موشتشينكا، صحيفة نيويورك تايمز: "نحن خائفون من كل صوت، لأن منزلنا في سينكيفكا، القريب من الحدود، لايزال يتعرض للقصف يوميًا".

بحلول مطلع أبريل، أجبرت أوكرانيا القوات الروسية بالانسحاب من محيط كييف والتراجع إلى شرق البلاد، وهو أكبر انتصار لها في الحرب. لكن بالنسبة للقرويين في المنطقة، لم يوفر الانسحاب إحساسًا بالأمن أو حتى العودة إلى الحياة الطبيعية.

باستثناء غياب القوات الروسية، ليس هناك ما يشير إلى أن هذه ليست منطقة حرب. يقوم الحرس والجنود الأوكرانيون بدوريات منتظمة على الحدود، بالإضافة إلى وجود نقاط تفتيش كل بضعة أميال على طول جميع الطرق بين الشمال والجنوب.

كما تم وضع علامات على مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية على أنها حقول ألغام، وتنتشر متاهات الخنادق في عدة اتجاهات من كل نقطة تفتيش. وعند مدخل موشينكا، توجد حواجز مضادة للدبابات من أشجار البتولا المحلية والأسلاك الشائكة تحرس الحاجز.

وقالت كاليفوشكو، 65 سنة هربت مع زوجها من قرية سينكيفكا إلى موشتشينكا: "أحصينا 14 انفجارًا أمس. نريد العودة إلى ديارنا، لكننا لا نعرف ما إذا كنا سنكون قادرين على ذلك، لذلك بدأنا بالفعل في تجهيز الخشب لفصل الشتاء".

وذكر أولكسندر تورتشينوف، الذي شغل منصب الرئيس بالنيابة لأوكرانيا لعدة أشهر في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وغزت منطقة دونباس: "بوتين لم يتخل عن خطته لتدمير أوكرانيا، وهذا يتطلب الاستيلاء على كييف. طالما استمرت الحرب، فسيكون هناك خطر غزو آخر من الشمال واقتحام العاصمة".

وبالرغم من أن محاولة الاستيلاء على كييف بهجوم فوري من الشمال كانت هدفًا خاطئًا لروسيا، وانتهت بالفشل، إلا أن العديد من المحللين يعتقدون أن الاستيلاء على العاصمة وإسقاط الحكومة الأوكرانية يظل الهدف النهائي للرئيس فلاديمير بوتين، حتى في الوقت الذي حصر فيه أهدافه العسكرية للسيطرة على منطقة دونباس.

ويقول المسؤولون الأوكرانيون إنهم لا يريدون تكرار ما حدث في فبراير، عندما فوجئ المدنيون بالغزو، وانقلبت حياتهم فجأة، على الرغم من أن الكرملين أشار إلى نواياه منذ شهور.

وأشار فولوديمير بينتشوك، نائب رئيس بلدية هورودنيا، أكبر مدينة في المنطقة، إلى أن ذكريات السكان عن عدة آلاف من الدبابات الروسية كانت تتجول في المدينة في فبراير لمدة 48 ساعة متواصلة لن تُنسى قريبًا.

وأكد بينتشوك أن استراتيجية موسكو تركز على إجبار الأوكرانيين على الدفاع عن أكبر قدر ممكن من حدودهم حتى في حالة عدم وجود قتال.

وتحتاج أوكرانيا للدفاع عن حدودها مع روسيا في مقاطعتي تشيرنيهيف وسومي في الشمال. وفي الجنوب الغربي، ستضطر كييف للدفاع عن حدودها مع ترانسنيستريا، المقاطعة الانفصالية الموالية لموسكو داخل مولدوفا، بالإضافة إلى خط المواجهة النشط في الشرق، من مقاطعة خيرسون الجنوبية إلى منطقة سومي الشمالية الشرقية، والتي يبلغ طولها أكثر من 750 ميلاً.

كما يتعين على الدولة أن تدافع عن حدودها مع بيلاروسيا، التي يبلغ طولها 600 ميل. وأعطت التدريبات العسكرية الروسية البيلاروسية المشتركة في يناير وفبراير ذريعة لموسكو لإرسال معدات وجنود إلى الحدود.

وقال غوستاف غريسيل، المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "يحاول الروس تحييد أكبر عدد ممكن من القوات الأوكرانية في أماكن أخرى، من خلال تشكيل تهديدات كامنة عليهم".

وأضاف غريسيل: "لهذا السبب تجري بيلاروسيا تدريبات عسكرية في 22 يونيو، ويستخدم الروس المدفعية لقصف تشيرنيهيف، ولهذا أيضا تم حشد الجنود في ترانسنيستريا: لإبقاء القوات الأوكرانية منتشرة".

ولفت رئيس حرس الحدود الأوكراني، سيرهي هومنكو، إلى أن قواته رصدت مجموعات روسية تحاول دخول أراضيها ليلا.

وكتب متحدث باسم القيادة العملياتية للجيش على فيسبوك الأحد: "يتم رفع الوحدات إلى مستويات أعلى من الجاهزية القتالية، ويتم اتخاذ إجراءات عملية لقبول المجندين، وسحب الأسلحة والمعدات العسكرية من المخازن".