مع حلول الذكرى الأولى للانسحاب الأميركي من أفغانستان، اتهم تقرير أعده أعضاء جمهوريون في مجلس النواب، إدارة الرئيس جو بايدن بالتأخر في التخطيط لإجلاء المدنيين من كابول، مؤكدين أن هذا التأخر كان "مكلفاً للغاية".

وفي المقابل، أعدّ البيت الأبيض مذكرة تضمّنت التأكيد على أن الانسحاب "عزّز أمن الولايات المتحدة"، كما أنه تضمن انتقادات لإدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.

وزعم تقرير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، أن إدارة بايدن تركت قرارات مهمة بشأن كيفية إجلاء المدنيين من كابول، حتى الساعات الأخيرة التي سبقت سقوط المدينة في يد طالبان، حسبما أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي.



وقال التقرير، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على "إخفاقات بايدن في أفغانستان"، إنه بالنظر إلى أن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية كانا غير متعاونين إلى حد كبير، فإن المصادر الرئيسية التي تم الاستعانة بها لإعداد التقرير، هي السجلات العامة، وتحقيق منفصل من قبل الجيش الأميركي، وشهادات المبلغين عن المخالفات.

ووفقاً لهذا التقرير، الذي قاده النائب مايك ماكول، وهو العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، والرئيس المحتمل للجنة في حال استعاد الجمهوريون الأغلبية في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، فقد صدرت أوامر للجيش الأميركي بالبدء في التخطيط لعملية إجلاء المدنيين في أبريل 2021، قبل أربعة أيام من إعلان بايدن الانسحاب غير المشروط من البلاد.

وأفاد التقرير بأنه تم إجراء عدة اجتماعات للنظر في السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك أحد الاجتماعات الذي عُقد في 6 أغسطس 2021، قبل أسبوع من سقوط كابول، والذي حضره كبار المسؤولين في إدارة بايدن.

"فشل التخطيط"

وقال النائب مايك ماكول لشبكة "سي بي إس"، الأحد: "كان هناك فشلاً كاملاً في التخطيط للأمر، لم تكن هناك أي خطة".

وحسب التقرير، فإن أحد الجنرالات المكلفين بالتخطيط للإجلاء، وهو الجنرال فاريل سوليفان، أخبر محققي الجيش قائلاً: "يبدو أن هناك انفصال بين ما نراه على الأرض، ومدى الإلحاح الذي أظهره مسؤولو وزارة الخارجية".

وبعد ظهر يوم 14 أغسطس 2021، قبل ساعات من استيلاء طالبان على كابول، عقد مجلس الأمن القومي الأميركي اجتماعاً ناقش خلاله أولويات الإجلاء، وكان أحد القرارات الرئيسية هو تكليف وزارة الخارجية بإنشاء أماكن إقامة في بلدان ثالثة؛ يمكن إيواء الأشخاص الذين تم إجلاؤهم فيها بشكل مؤقت، وكانت تلك الاتفاقيات التي تم عقدها حاسمة في جهود الإجلاء، ولكن التقرير يشير إلى أنه كان من الممكن اتخاذ مثل هذه القرارات قبل ذلك بكثير.

ووفقاً للتقرير فإن "14 أغسطس كان هو اليوم الذي قررت فيه الإدارة رسمياً المضي قدماً في عملية إجلاء المدنيين"، وذلك على الرغم من أن الجيش كان على استعداد للتحرك في وقت سابق"، وتابع: "حتى أنه عندما كانت جهود الإجلاء في ذروتها، لم يكن هناك سوى 36 موظفاً قنصلياً في مطار كابول، إذ تم ترك الجنود دون تدريب على التعامل مع مسائل إنهاء إجراءات التأشيرات لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين يصلون إلى المطار".

ويعزو التقرير ذلك إلى "فشل الإدارة في التخطيط"، ويزعم أن أحد القرارات التي لم يتم اتخاذها، هو ما إذا كان سيتم إجلاء قوات الكوماندوز الأفغان الذين دربتهم الولايات المتحدة، والذين لديهم معرفة حساسة بالعمليات العسكرية الأميركية.

ولفت التقرير إلى وجود تناقض بين التصريحات المتفائلة نسبياً التي خرجت من وزارتي الخارجية، والدفاع قبل وأثناء عملية الإجلاء، مع الأحداث على الأرض والمناقشات التي كانت تجري وراء الكواليس، قائلاً إنه "بينما كان المتحدثون باسم الإدارة يؤكدون أن طالبان كانت تتعاون مع جهود الإجلاء، كان العسكريون على الأرض يتعرضون للضرب وإطلاق النار والمضايقات".

ونقل "أكسيوس" عن أحد أعضاء اللجنة الذين شاركوا في كتابة التقرير قوله، إنهم أصيبوا بالذهول من الانفصال بين التصريحات الرسمية، التي تصف عملية الإجلاء بأنها كانت "فعّالة"، والفوضى التي تكشفت في المطار في ذلك الوقت.

"تعزيز الأمن"

وقرر البيت الأبيض الرد على تقرير الجمهوريين، بمذكرة جديدة تدافع عن قرار بايدن سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وتدعي أن هذه الخطوة عزّزت أمن الولايات المتحدة القومي، من خلال تحرير عملاء عسكريين واستخباراتيين مهمين، حسبما أفاد "أكسيوس".

وذكر الموقع الأميركي أنه تمت كتابة المذكرة من قبل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون، والذي قال في بيان أُرسل إلى "أكسيوس"، إن تقرير الجمهوريين "مليء بالتوصيفات غير الدقيقة والادعاءات الكاذبة"، مضيفاً: "قمنا بتخطيط طوارئ مكثف طوال ربيع وصيف عام 2021، كما نشرنا قواتنا بشكل مسبق في المنطقة، مما مكننا من تسهيل إجلاء أكثر من 120 ألف شخص".

وتقول المذكرة التي سيصدرها البيت الأبيض لاحقاً، إن تقرير الحزب الجمهوري "مليء بالادعاءات الكاذبة"، وتلقي بالمسؤولية على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لإبرامه اتفاقاً عام 2020 مع طالبان، والمعروف بـ"اتفاق الدوحة"، والذي كان ينص على خروج القوات الأميركية من كابول بحلول مايو 2021.

ورأى الموقع أن هذه الوثائق تشير إلى الانقسام الذي سيظهر خلال الأيام المقبلة، بشأن الروايات المتباينة الخاصة بالجمهوريين والديمقراطيين، لما حدث خلال الانسحاب من كابول.

ويحرص الديمقراطيون والبيت الأبيض على تصوير الانسحاب كخطوة ضرورية حافظت على سلامة القوات الأميركية، وأنهت الحرب التي استمرت 20 عاماً، فيما يأمل الجمهوريون في إعادة فحص الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة في الفترة التي سبقت الإجلاء وبعده، ويخططون لجعل أفغانستان محوراً رئيسياً للتحقيقات في حال استعادوا السلطة في الكونجرس.