في حدود منتصف شهر أيار/مايو 1966، عاشت جمهورية الصين الشعبية على وقع بداية أحداث الثورة الثقافية بدعوة من الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ الذي أعلن حينها عن اختراق الحزب الشيوعي الصيني من قبل أتباع وعملاء البورجوازية. ومن خلال تصريحاته، وعد ماو تسي تونغ بملاحقة واجتثاث هؤلاء الأشخاص الذين لقبهم بأعداء المجتمع الصيني.

بهذه الأثناء، استجاب عدد كبير من أعضاء الحرس الأحمر لدعوة ماو تسي تونغ وباشروا بحملة لتدمير الآثار والتراث الصيني القديم تزامنا مع مهاجمتهم وقتلهم للمعارضين والمثقفين بالبلاد.



أغسطس الأحمر

إلى ذلك، بلغت موجة العنف بالصين أوجها خلال شهر آب/أغسطس 1966. فيوم 5 آب/أغسطس 1966، تحولت نائبة مدير المدرسة الثانوية التجريبية بجامعة بكين بيان زونغيون (Bian Zhongyun) لأولى ضحايا الثورة الثقافية. فعقب مهاجمتها من قبل أفراد الحرس الأحمر، تعرضت الأخيرة للضرب بالعصي الخشبية وفارقت الحياة عقب تلقيها إصابات بليغة بمختلف أرجاء جسمها.

وحسب الإحصائيات الرسمية التي صدرت عام 1980، توفي ما بين شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر عام 1966 حوالي 1772 شخصا، كانت النسبة الساحقة منهم من المعلمين والقيمين والأساتذة، تحت وطأة التعذيب والضرب الذي تعرضوا له على يد الحرس الأحمر بسبب تصنيفهم كمعارضين للزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ.

وببكين وحدها، نهب الحرس الأحمر خلال نفس الفترة أكثر من 33 ألف منزل، ونفوا ما يزيد عن 85 ألف عائلة خارج العاصمة.

من ناحية أخرى، امتدت هذه الأحداث للمناطق الريفية المتاخمة لبكين. فبمنطقة داشينغ (Daxing) الريفية، أعدم الحرس الأحمر 325 شخصا ما بين يومي 27 آب/أغسطس و1 أيلول/سبتمبر 1966. وقد تواجد من ضمن هؤلاء الأشخاص أناس طاعون بالسن قاربت أعمارهم 80 عاما. وإضافة لذلك، طردت 22 عائلة من هذه المنطقة ونفيت، كعقوبة لها، نحو مناطق أخرى نائية بالبلاد.

وحسب التقارير الصادرة عام 1985، بلغ عدد الذين فارقوا الحياة تحت وطأة الضرب بالعصي الخشبية ببكين وضواحيها 10275 شخصا أثناء شهر آب/أغسطس 1966 الذي لقب لاحقا لأغسطس الأحمر.

تدخل ماو تسي تونغ

يوم 18 آب/أغسطس 1966، التقى ماو تسي تونغ بسونغ بينبين (Song Binbin)، التي صنفت كأحد أهم كوادر الحرس الأحمر، ليبارك جهود الحرس الأحمر في حماية جمهورية الصين الشعبية من أعداء الداخل ودعاها لبذل مزيد من الجهود لجعل البلاد أكثر أمانا.

وبحسب تقارير تلك الفترة، تنوعت الأساليب التي اعتمدها الحرس الأحمر لقتل كل من شكك في ولائهم لماو تسي تونغ. فإضافة للضرب والسحل، استعملت أساليب أخرى كالجلد والحرق والدوس وقطع الرؤوس. وللنجاة من بطش قوات الحرس الأحمر، فضل عدد من المثقفين والأدباء الصينيين، كلاو شه (Lao She)، وضع حد لحياتهم بأيديهم مخيرين بذلك الإنتحار على الإهانة والقتل أمام أعين المواطنين.

أثناء أغسطس الأحمر، تدخل ماو تسي تونغ شخصيا وطالب الهياكل الأمنية بعدم التدخل في شؤون الحركات الطلابية التي قادها الحرس الأحمر ضد من وصفهم بالبورجوازيين وأعداء الداخل.

وبدل اعتقالهم، أمر مدير الأمن العام حينها شي فوجيه (Xie Fuzhi) قوات الأمن بحماية الحرس الأحمر أثناء تنفيذه لعمليات الإعدام وتخريب التراث الصيني القديم.