العربية

أكد رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، الأربعاء، تضامن الشعب الأميركي مع النساء الإيرانيات في وقت أفادت فيه تقارير بمقتل ثمانية أشخاص في إيران منذ تفجر الاحتجاجات المنددة بوفاة مهسا أميني بعد أن احتجزتها "شرطة الأخلاق".

وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد وقت قصير على كلمة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حيا بايدن المتظاهرين، وأكد دعمه لإحياء الاتفاق النووي مع طهران.

وقال من على منبر الأمم المتحدة "نقف إلى جانب شعب إيران الشجاع والإيرانيات الشجاعات، والذين يتظاهرون اليوم دفاعا عن أبسط حقوقهم".

وانفجر الغضب الشعبي في الشارع منذ أن أعلنت السلطات، الجمعة، وفاة الشابة البالغة من العمر 22 عاما وهي من منطقة كردستان في شمال غرب إيران، والتي كانت أوقفت في 13 أيلول/سبتمبر في طهران بحجة ارتداء "ملابس غير محتشمة".

ويقول ناشطون إن مهسا، واسمها الكردي زينة، تعرّضت لضربة على الرأس أثناء احتجازها، وهو أمر تنفيه السلطات الإيرانية التي أعلنت فتح تحقيق في الحادثة.

وأظهرت أشرطة فيديو تمّ تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن بين المحتجين نساء خلعن الأوشحة عن رؤوسهن وعمدن إلى إلقائها في نيران أشعلت في الطريق، بينما عمدت أخريات إلى قصّ شعورهن بشكل قصير في تحرك رمزي. وسُمعت هتافات بين المتظاهرين في طهران "لا للحجاب، لا للعمامة، نعم للحرية والمساواة".

وخرجت تظاهرات في مدن عدة ولا سيما في شمال إيران، ليل الأربعاء، لليلة الخامسة على التوالي، وأفاد نشطاء بوقوع اشتباكات في مدن من بينها أورميا وسردشت. كما أحرق المتظاهرون الإيرانيون أكبر صورة للمرشد الإيراني علي خامنئي في إيران، بالإضافة إلى إحراق العلم الإيراني، وسط ترديد هتافات وشعارات مناهضة للنظام.

في جنوب إيران، أظهرت تسجيلات مصورة يعتقد أنها بتاريخ الأربعاء، متظاهرين وهم يضرمون النار بصورة عملاقة على جانب مبنى للجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الذي قتل في ضربة أميركية في العراق عام 2020.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية أن رقعة الاحتجاجات امتدت إلى 15 مدينة، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع، وفرّقت حشودا جمعت قرابة ألف شخص.

وقالت مجموعة "آرتيكل 19" الحقوقية ومقرها لندن، إنها تشعر "بقلق بالغ إزاء تقارير عن الاستخدام غير القانوني للقوة من جانب الشرطة وقوات الأمن الإيرانية"، ومنها استخدام الذخيرة الحية.

وذكرت وكالة "إرنا" للأنباء أن المتظاهرين عطلوا حركة المرور في بعض المناطق، وأشعلوا النار بمستوعبات النفايات ومركبات الشرطة، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة، وردّدوا شعارات مناهضة للنظام. وشملت الاحتجاجات الليلة الماضية طهران ومدنا أخرى بما فيها مشهد في شمال شرق البلاد، وتبريز في الشمال الغربي، وأصفهان في الوسط، وشيراز في الجنوب، وفق إرنا.

كما هتف المتظاهرون "الموت للدكتاتور"، و"نساء، حياة، حرية"، وفق أشرطة الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من القيود التي فرضت على الإنترنت وفق مرصد مراقبة الشبكة "نيتبلوكس".

وفي السياق، كشف الاعلامي والمذيع الايراني، محمود شهرياري أنه حصل على معلومات تفيد بان عناصر الحكومة تنوي في يوم الأحد الذي يصادف وفاة الرسول والإمام الحسن، أن تحرق القرآن وتنزع حجاب المحجبات بالقوة. وأضاف أن الحكومة تريد بذلك توجيه الاتهام إلى المحتجين مؤكدا "نحن طلاب حرية ونرفض هذه التصرفات ونحترم من تريد أن تكون محجبة كقرار شخصي".

الكيل بمكيالين

وألقى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، صباح الأربعاء، خطابا في طهران لم يتطرّق فيه إلى وفاة أميني ولا إلى الاحتجاجات. لكن من على منبر الأمم المتحدة، أشار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى وفاة نساء من السكان الأصليين في كندا وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و"وحشية" تنظيم الدولة الإسلامية تجاه نساء من أقليات دينية.

وقال "طالما لدينا هذا الكيل بمكيالين وحيث يتركز الانتباه فقط على جهة واحدة وليس على الكل، لن يكون لدينا عدالة وإنصاف حقيقيان".

كما انتقد الشروط الغربية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، مشددا على أن بلاده "لا تسعى إلى صنع أسلحة نووية أو حيازتها، ولا مكان لهذه الأسلحة في عقيدتنا".

وكان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قال لوكالة فرانس برس في نيويورك "يجب أن يتنبه القادة الإيرانيون إلى أن الناس غير راضين عن الاتجاه الذي سلكوه"، مضيفا "يمكنهم التخلي عن طموحهم بالحصول على أسلحة نووية. يمكنهم التوقف عن قمع الأصوات داخل بلادهم. يمكنهم وقف أنشطتهم المزعزعة للاستقرار".

وتابع "في نهاية المطاف، يجب أن يراجع القادة الإيرانيون أنفسهم. يجب أن يتساءلوا لماذا هنا مثل هذا العدد من الإيرانيين مستاؤون، وما إذا كان هناك طريق آخر ممكن. طريق مع اقتصاد أقوى ومشاركة فاعلة أكثر مع المجموعة الدولية".

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه طلب من رئيسي في اجتماع معه الثلاثاء على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، إظهار "احترام لحقوق المرأة".

"خضة مهمة"

والاحتجاجات في إيران هي الأخطر منذ اضطرابات تشرين الثاني/نوفمبر 2019 بشأن ارتفاع أسعار الوقود.

ويرى الباحث في مركز "إيريس" دافيد ريغوليه روز، المتخصص في الشأن الإيراني، أن التظاهرات "تشكل خضة مهمة" في إيران، مضيفا أنه "من الصعب التكهن بكيفية انتهائها، لكن هناك عزلة تامة بين السلطات العالقة عند الثورة الإسلامية ومجتمع أكثر علمانية".

وبدأت التظاهرات، الجمعة، في محافظة كردستان الإيرانية، مسقط رأس أميني، حيث أعلن المحافظ إسماعيل زاري كوشا، الثلاثاء، مقتل ثلاثة أشخاص في "ظروف مشبوهة" وفي إطار "مخطط للعدو".

وأعلن قائد شرطة كردستان علي أزادي، الأربعاء، وفاة شخص رابع، وفق ما نقلت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية.

وقتل متظاهران "خلال أعمال الشغب" في محافظة كرمانشاه، على ما أعلن مدعي عام المحافظة شهرام كرامي، محملا المسؤولية في ذلك إلى "عناصر مناهضين للثورة".

وأفادت منظمة "هنكاو" لحقوق الإنسان الكردية التي تتخذ من النرويج مقرا، الأربعاء، عن مقتل متظاهرين يبلغان 16 و23 عاما، ليلا في محافظة أذربيجان الغربية بشمال غرب إيران.

كما جرح 450 شخصا واعتُقل 500، بحسب المنظمة. ولم يتسن التأكد من الأرقام من مصادر مستقلة.

بدورها، قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي" إنّ إجمالي عدد قتلى الاحتجاجات بلغ ثمانية، هم ستة رجال وامرأة وطفل.

وندّدت المنظمة الحقوقية الدولية بـ"القمع الوحشي" و"الاستخدام غير القانوني للرصاص والكرات الفولاذية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والعصي لتفريق المتظاهرين".

ومساء الأربعاء، واجه العديد من مستخدمي الإنترنت في إيران صعوبات في التواصل عبر الشبكات الاجتماعية.