يتتبع كبار المسؤولين الأميركيين تحركات مجموعة "فاجنر" العسكرية الروسية الخاصة خارج أوكرانيا بشكل متزايد، وسط تقارير عن مواصلة موسكو استخدامها في بسط نفوذها داخل إفريقيا وأوروبا.

وذكرت مجلة "بوليتيكو" الأميركية أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خفضت، الشهر الماضي، تصنيف بعض المعلومات الاستخباراتية السرية، قائلة إن روسيا تعتمد على "فاجنر" في أوكرانيا لتجنيد السجناء وشن هجمات في مدينة باخموت.

ووفقاً لبرقيات حصلت عليها "بوليتيكو"، فإن المسؤولين الأميركيين يجمعون المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بأنشطة المجموعة في دول مثل جمهورية إفريقيا الوسطى، ومالي، وصربيا، مشيرةً إلى أن روسيا تستخدم "فاجنر" للدفاع عن مصالح الحكومة الروسية المتعلقة بالتعدين.



وتعمل "فاجنر"، التي يملكها رجل الأعمال الروسي يفجيني بريجوزين، في عشرات البلدان. كما تعمل مع الحكومات في مشروعات عسكرية وسياسية. ولطالما تتبعت الولايات المتحدة أنشطتها في جميع أنحاء العالم، لا سيما في دول مثل سوريا، التي تتمركز فيها القوات الأميركية.

تصريحات المسؤولين الأميركيين الأخيرة تكشف مدى "قلق" إدارة بايدن بشأن اعتماد روسيا على المجموعة، وقدرة الأخيرة على تشكيل الأحداث في البلدان التي لدى الولايات المتحدة وحلفاؤها علاقات تجارية ودبلوماسية معها.

وأظهرت البرقيات كيفية تتبع المسؤولين الأميركيين لتحركات "فاجنر" على الأرض في جمهورية إفريقيا الوسطى وصربيا، ومدى تهديدها للقوات المحلية والمسؤولين.

وذكرت المجلة أنه على الرغم من عمل "فاجنر" في كلا البلدين منذ سنوات، إلا أن البرقيات تكشف سياقاً جديداً لكيفية تحليل إدارة بايدن للنشاط المتزايد للمجموعة في البلدان المضطربة سياسياً، فضلاً عن تمدد عملياتها عبر دول مختلفة في إفريقيا.

ونقلت المجلة عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، لم تكشف عن هويته، قوله: "تشعر الحكومة الأميركية بالقلق بشأن مدى تدخل (فاجنر) في السياسات الداخلية للدول ذات السيادة، وانتهاكها حقوق الإنسان، وسلبها ثرواتها المعدنية".

ولفت المسؤول الأميركي إلى وجود "أدلة مهمة على أن التكتيكات القاسية التي تتبعها المجموعة لمكافحة الإرهاب في أماكن مثل مالي، تؤدي لتفاقم الوضع من خلال خلق المزيد من الفرص التي يستغلها المسلحون".

وكشفت البرقيات أن المسؤولين الأميركيين، بدأوا في ديسمبر الماضي، تتبع تداعيات هجوم مزعوم على أحد كبار قادة "فاجنر" والذي يدعى دميتري سيتاي في جمهورية إفريقيا الوسطى، إذ زعم بريجوزين (مالك المجموعة) أن سيتاى تلقى طرداً انفجر في يديه، واصفاً الحادث بأنه "هجوم إرهابي"، كما قال إن الطرد جاء مع ملاحظة تشير إلى أن الفرنسيين هم المسؤولون عن الأمر.

ولكن في الأيام التي أعقبت الحادث، سارع المسؤولون الأميركيون لتحديد ما إذا كان الهجوم قد وقع بالفعل أو ما إذا كانت المجموعة الروسية تنشر معلومات مضللة لأسباب سياسية، وهو التكتيك الذي لطالما استخدمته، حسب البرقيات.

ولم يتمكن المسؤولون الأميركيون على الفور من تحديد ما إذا كانت "فاجنر" تحاول جعل الأمر يبدو كما لو أن الفرنسيين هم مَن هاجموها، فيما نفت باريس الأمر.

وتلقى المسؤولون الأميركيون معلومات متباينة بشأن الحادث، بما في ذلك أن الهجوم ربما وقع في قاعدة عسكرية أو مركز ثقافي، ولكن على العكس من ذلك، شوهد سيتاي وهو يحتفل في بانجي في الساعات التي أعقبت وقوع الحادث المزعوم.

وسمع المسؤولون كذلك أنه ربما تم نقله إلى المستشفى بسبب فقده 3 أصابع في الانفجار، أو أنه ربما يكون قد تم إجلاؤه من المكان.

وأثار المسؤولون الأميركيون تساؤلات بشأن توقيت الأخبار المتعلقة بهذا الحادث، إذ أنه جاء بعد وقت قصير من استهداف طائرة مجهولة لمصنع قطن ورد أن قوات "فاجنر" تتمركز فيه، كما أنه جاء عقب يوم واحد من رحيل الجيش الفرنسي وبعد يومين من اندلاع حريق في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في بانجي، بحسب إحدى البرقيات.

وتقول برقية أخرى: "الجميع قلقون من وقوع عدد ملحوظ من المصادفات في الآونة الأخيرة"، وفقاً لـ"بوليتيكو".

وتتابع واشنطن تحركات المجموعة في صربيا وبيلاروسيا أيضاً، حيث أعلنت "فاجنر" أنها بدأت عملياتها بشكل رسمي في بداية ديسمبر الماضي.

ومنذ ذلك الحين، أطلقت عمليات لبسط النفوذ لمواجهة "الأنشطة المناهضة لنظام (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين من قبل عناصر من الشتات الروسي"، كما جاء في إحدى البرقيات.

ويخطط المسؤولون الأميركيون لاتخاذ إجراءات إضافية ضد المجموعة الروسية للحد من دورها في أوكرانيا.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة فرضت بالفعل عقوبات على بريجوزين و"فاجنر" وشبكتها، فإنه من المحتمل أن يتم اتخاذ إجراءات عقابية مالية إضافية، حسب المجلة.