ضيّقت موسكو الخناق على مدينة باخموت الاستراتيجية في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا، بعدما سيطرت على كليشيفكا، في وقت أكدت واشنطن أن الحرب في أوكرانيا تمر بفترة "حساسة ومفصلية"، داعية إلى مواصلة دعم كييف.

وقالت وزارة الدفاع الروسية الجمعة إن قواتها سيطرت على كليشيفكا، التي تقع جنوبي باخموت، وذلك بعدما استولت في الأسبوع الماضي على سوليدار إلى الشمال الشرقي من باخموت، في تقدم قال محللون عسكريون إنه قد يساعد موسكو في التقدم نحو المدينة الأكبر حجماً.

وذكرت الوزارة أن السيطرة على كليشيفكا، التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 400 شخص، جاء بدعم جوي.



وتقع البلدة على بعد تسعة كيلومترات جنوبي باخموت، حيث خاضت وحدات من مجموعة "فاجنر" الروسية العسكرية الخاصة معركة استنزاف استمرت شهوراً مع القوات الأوكرانية.

وقالت "فاجنر" الخميس، إنها سيطرت على كليشيفكا. ولم يتسن لـ"رويترز" التأكد من التقارير الواردة من ساحة المعركة بشكل مستقل.

مرحلة مفصلية

وفي السياق، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على أن الحرب الأوكرانية تمر بلحظة "حاسمة ومفصلية"، مشدداً على الاستمرار في دعم كييف "عسكرياً ولوجستياً".

وأضاف في مؤتمر "رامشتاين" الذي يعقد في القاعدة الأميركية بألمانيا لدعم أوكرانيا، الجمعة، أن المحافظة على زخم الدعم "مطلوب"، لأن روسيا تعيد تموضع نفسها وتحاول إعادة الهجوم، مشدداً على مواصلة الدعم، فيما أعلن عن مساعدات أميركية هي الأكبر منذ بداية الغزو الروسي في العام الماضي.

وتابع: "نحن في مرحلة صعبة من الحرب. جميعنا ندعم دفاع أوكرانيا عن نفسها لطالما تطلب الأمر، لأن روسيا ما زلت مستمرة بعدوانها وزادت من اعتداءاتها، كما أن الكرملين يراقبنا".

ولفت إلى أن الاجتماع "في هذا الوقت العصيب| يهدف لرؤية "العزيمة والوحدة. أتينا ممثلين من 50 دولة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها أمام العدوان الروسي، قبل أشهر اعتقدنا أن أوكرانيا ستنهار، وأن العالم سيتجاهل ذلك، لكن بوتين لم يعتمد على فكرة أن الشعب الأوكراني شجاع. يجب المحافظة على عزيمتنا لأن هذه المرحلة حاسمة".

وزاد: "القوات الروسية استهدفت محطات الطاقة والساحات الرياضية والمواقع التاريخية، روسيا أخفقت في كسر عزيمة الأوكرانيين، فالشعب الأوكراني مصدر إلهام للعالم"، موضحاً أن روسيا تنفد منها الذخيرة، وتعاني "خسائر في معاركها، وتعتمد على قلة من شركائها المتبقين ليدعموها. حتى إيران وكوريا الشمالية لا تعترفان بتزويد روسيا بالدعم".

وأردف: "أنا فخور بالدعم الذي نقدمه لكييف. واشنطن زادت مساعداتها الأمنية لأوكرانيا، وأعلنّا الشهر الماضي، أننا سنقدم بطاريات باتريوت للدفاع الجوي، فضلاً عن مدرعات برادلي وغيرها".

وزاد: "اليوم أعلن مجموعة جديدة من المساعدات الأمنية التي تساعد أوكرانيا على التقدم في ساحة المعركة، بما في ذلك 2.5 مليار دولار تعد الأكبر، فضلاً عن 26.7 مليار دولار منذ بداية الحرب فبراير الماضي، كما سنقدم دفاعات جوية لحماية المدن والأجواء الأوكرانية مثل صواريخ سام ومضادات دفاعية بينها 150 مدرعة هامفي ومخازن للذخيرة".

وأشار اوستن إلى أن مجموعة الاتصال من أجل دعم أوكرانيا "ستواصل دعم القوات الأوكرانية وتدريبها وتزويدها بالسلاح المتقدم بموازاة جهود دولية".

وقال: "بولندا كانت ريادية في تقديم المركبات المدرعة وتوفير ملاجئ آمنة للأوكرانيين، كما أن ألمانيا قدمت دفاعات جوية، وتواصل بتزويد أوكرانيا بمركبات مقاتلة وكذلك كندا، فيما قدمت فرنسا مركبات إم إكس 10 المصفحة وهذا جزء من المساعدات الأوروبية".

"الوقت ليس بصالحنا"

من جانبه، شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مداخلة عبر تقنية الفيديو على ضرورة "التعجيل" بإمداد بلاده بالمساعدات العسكرية، قائلاً: "ممتن لهذه الوحدة وكلنا نرى النتائج في ساحة المعركة، لكن هل لدينا وقت طويل لحشد الدعم؟".

وتابع: "الإرهاب يباغت مدينة تلو الأخرى، والحرب الروسية غير مبررة، لكن في ظل كل ما قدمناه كلنا نستطيع أن نتشاور، لأن الحروب لا يمكن خوضها بدون سلاح. نحن بحاجة للسلاح، وأشكركم جميعاً على ما قدمتموه، لكن الوقت ليس في صالحنا".

وزاد زيلينسكي: "هذه المرة الأولى التي أتكلم بها أمام وزراء الدفاع من 50 دولة تدافع عن الحرية، لذلك لا بد من تحقيق أحلام الحرية من خلالكم، لأني واثق من أنكم لن تسمحوا لهذه الحرب بالاستمرار، فروسيا تسعى لتدمير قيم أمم بأكملها ونحن نحارب من أجل تلك القيم".

الكرملين: الدبابات الغربية لن تغير "شيئاً"

إلى ذلك، أكّد الكرملين أن تسليم دبابات غربية لأوكرانيا "لن يغيّر شيئاً" في الوضع على الأرض، وذلك تزامناً مع الاجتماع في ألمانيا.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن هذه الشحنات (من الدبابات) لا يمكن أن تغير شيئاً، بل ستسبب مشكلات جديدة لأوكرانيا"، معتبراً أن الغرب "واهم" بشأن إمكان تحقيق انتصار في أوكرانيا، مضيفاً أن الصراع "يتطور في دوامة تصاعدية"، ويتزايد خطر التدخل المباشر لحلف "الناتو".

وأشار بيسكوف إلى سوء العلاقات الروسية - الأميركية خلال عامين من رئاسة جو بايدن، قائلاً إنه ليس هناك أمل في تحسينها في المستقبل القريب، مشدداً على أن روسيا عرضت على الغرب مناقشة مخاوفهم.

ورفض بيسكوف التعليق على فيديو نشرته وسائل التواصل، يظهر نشر أنظمة دفاع جوية فوق أسطح الأبنية في موسكو.

مساءلة روسيا جنائياً

وفي سياق منفصل، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي الجمعة، إن بلاده وافقت على الانضمام إلى تحالف يستهدف مساءلة روسيا جنائياً عن عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

وأضاف كليفرلي في بيان نشرته الحكومة، أن الانضمام جاء بناء على دعوة وجهتها كييف إلى لندن، مشيراً إلى أن بريطانيا ستلعب دوراً قيادياً في التحالف.

وقال إن العملية الروسية في أوكرانيا تمثل "انتهاكاً صارخاً" للنظام الدولي، متهماً موسكو بارتكاب ما وصفه بأنها "فظائع"، من بينها "قتل الآلاف من الجنود والمدنيين والتسبب في نزوح الملايين".

وشدد كليفرلي على أن هذه "الفظائع" لن تمر من دون عقاب، مشيراً إلى أن بريطانيا تعتزم استغلال خبرتها القانونية لبحث خيارات تضمن محاسبة القادة الروس بشكل كامل على أفعالهم.