قالت مصادر مطلعة إن الاتحاد الأوروبي يستكشف الخيارات القانونية لتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، في تغيير كبير لسياسته يغامر بأي أمل في إحياء الاتفاق النووي الإيراني، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الأحد.

وذكرت الصحيفة أن الخطوة، التي تحظى بتأييد فرنسا وألمانيا، وكلاهما طرفان في المفاوضات المعطلة مع إيران، تأتي رداً على إمداد طهران لروسيا بالمسيرات المسلحة في حربها ضد أوكرانيا، وكذلك "قمعها العنيف" للتظاهرات.

ونقلت الصحيفة عن 4 مصادر مطلعة على الأمر قولها إن باريس وبرلين أعلنتا دعمهما للإجراء في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد، الأسبوع الماضي.



ومن المنتظر أن تصدر الخدمة القانونية بالاتحاد رأيها لعواصم الدول الأعضاء الـ27 بشأن قانونية الإجراء خلال 3 أسابيع.

وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقابلة مع الصحيفة: "نعم، بعض الدول الأعضاء تدعم هذا الطرح. الكثير من الأعضاء سيوافقون عليه".

خطوة غير معتادة

وقالت "فاينانشيال تايمز" إن من غير المعتاد أن تصنف حكومات جيوش دولة أخرى كمنظمات إرهابية، ورأت أن دعم العواصم الغربية للإجراء "يبرز موقفها الذي يزداد تصلباً تجاه إيران".

وتقوم المملكة المتحدة بالفعل بمراجعتها الخاصة، بشأن ما إذا كانت ستصنف الحرس الثوري منظمة إرهابية أم لا.

وأدرجت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في 2019.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن موقف فرنسا وألمانيا مهم على وجه الخصوص لأن الدولتين، إضافة إلى المملكة المتحدة وروسيا والصين، هم الموقعون على الاتفاق النووي لعام 2015 بين طهران والقوى العالمية.

وتبحث فرنسا في احتمال تصنيف أفرع إقليمية من الحرس الثوي الإيراني ككيانات إرهابية، عوضا عن إدراج الحرس بالكامل، وفقاً لمسؤول فرنسي.

ولم ترد وزارة الخارجية الفرنسية على طلب للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية: "لا توجد عقبات سياسية فقط، ولكن عقبات قانونية كبيرة" أمام التصنيف الإرهابي.

تغير موقف الغرب

وبدعم من باريس وبرلين ولندن، عمل جوزيب بوريل كوسيط رئيسي في المباحثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، في مسعى لإحياء ما تبقى من الاتفاقية النووية المعروفة باسم خطة العمل المشتركة الشاملة.

ووضعت الاتفاقية قيوداً على برنامج طهران النووي في مقابل رفع العديد من العقوبات الغربية، لكن الاتفاق انهار بعد انسحاب ترمب من الاتفاق أحادياً في 2018، وفرضه موجة جديدة من العقوبات على طهران.

وردت إيران بشكل عنيف بتوسيع برنامجها النووي، وهي تقوم الآن بتخصيب اليورانيوم بدرجة تقترب من تصنيع السلاح النووي.

وسعت الحكومات الغريبة إلى فصل المحادثات النووية عن المخاوف الأخرى المتعلقة بإيران، إذ اعتقدت أن خطة العمل المشتركة الشاملة، هي أفضل طريقة لمنع طهران من تطوير قدراتها لإنتاج سلاح نووي.

لكن هذا الموقف تغير، بعدما أغضبت طهران الغرب قراراها بيع الأسلحة إلى روسيا وقمعها للتظاهرات التي اندلعت في 16 سبتمبر احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني وهي قيد الاحتجاز من قبل شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد اللباس.

وقال بوريل إن هاتين القضيتين "بالطبع كان لهما تأثير سياسي" على سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إيران.

ولم تعقد أي محادثات نووية منذ سبتمبر الماضي، حين لام الغرب إيران على رفض مسودة الاتفاق. واندلعت هذا الشهر التظاهرات في إيران.

حجج قانونية محتملة

وتأسس الحرس الثوري الإيراني وقوامه نحو 120 ألف جندي، بعد الثورة الإيرانية في 1979، بالتوازي مع الجيش التقليدي، لحماية الجمهورية من التهديدات الداخلية والخارجية.

وتلقي الدول الغربية باللوم غالباً الحرس الثوري في إذكاء التوترات عبر الشرق الأوسط، حيث تسلح وتدعم العديد من الجماعات المسلحة، وفقاً للصحيفة.

ومن بين الأمور التي يمكن أن تستخدم كحجج قانونية لتصنيف الحرس الثوري إرهابياً، قتل المعارضين الإيرانيين على أرض أوروبية قبل عقود، أو استدراجهم إلى دول مجاورة ونقلهم إلى إيران لعقابهم في السنوات الأخيرة، وفقاً لدبلوماسي غربي في طهران.

وقال الدبلوماسي إن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيتخذان على الأرجح تحركاً جماعياً لجعل أي انتقام إيراني، كطرد السفراء من طهران، "أمراً أكثر تكلفة على النظام الإيراني".

وأدرج ترمب الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية كجزء من سياسة "الضغط الأقصى" ضد الجمهورية الإيرانية، وهو ما زاد التوتر عبر الإقليم، وفق "فايانانشيال تايمز".

وألقت الولايات المتحدة باللوم على طهران في الهجوم على ناقلات نفط في الخليج والهجمات الصاروخية وبالمسيرات على البنية التحتية النفطية بالمملكة العربية السعودية، والتي عطلت نصف إنتاج المملكة النفطي مؤقتاً.

رسائل إلى طهران

ويأتي هذا التطور رغم إعلان إيران، الأحد، أنها تلقت، عبر قطر، رسائل من دول مشاركة في مفاوضات الملف النووي المتوقفة، بحسب ما أعلن وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، الأحد، في أثناء استقباله نظيره القطري في طهران.

وقال عبد اللهيان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القطري: "تسلمنا عبر وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رسائل من جانب أطراف الاتفاق النووي".

ولم يورد المسؤول الإيراني أي تفاصيل عن مضمون الرسائل، لكنه رحب بالجهود التي تبذلها الدوحة لإحياء المفاوضات النووية المتوقفة منذ أشهر، وأضاف: "تُحاول قطر إعادة جميع الأطراف في الاتفاق النووي إلى التزاماتها".

وأعلن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي، الثلاثاء، أنه يعتزم زيارة إيران في فبراير المقبل لإجراء مباحثات "أساسية" تهدف إلى حمل طهران على استئناف التعاون حول أنشطته النووية.

وحذر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" من أن آمال المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي، والتي أصبحت بعيدة بالفعل، ستنهار إذا مضى الاتحاد الأوروبي قدماً في تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية.

وقال بوريل: "خطة العمل المشتركة الشاملة، ليست ميتة، لكنها معطلة بالكامل. يمكنك أن تتخيل أنها ستتعطل بشكل أكبر إذا تم تصنيف الحرس الثوري من قبل الدول الأخرى إرهابياً. سيجعل هذا التصنيف الأمور أكثر صعوبة حتماً".

وأضاف: "إذا كان النظام الإيراني سيئاً للغاية، يجب أن نحاول أن نتجنب امتلاك هذا النظام قنبلة نووية. ولا أعرف أي طريق آخر لذلك سوى بجعل الاتفاق النووي يعمل".