جاءت واقعة إلقاء الصين القبض على ياباني بتهمة "التجسس" لتصب مزيدا من الزيت على شعلة التوتر الحاد بين بكين وطوكيو، وتعيد في حلق الشعبين ذكريات تاريخية "مؤلمة".

ويوضح خبير في الشؤون الآسيوية لموقع "سكاي نيوز عربية" أسباب تكرار وقائع إعلان الصين القبض على "جواسيس" يابانيين، خاصة مع اصطفاف طوكيو بجانب واشنطن في سياسات تعتبرها بكين "معادية" لها.



"تأديب" المواطنين

الإثنين، ذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ: "يُشتبه في أن هذا المواطن الياباني ضالع في أنشطة تجسس، في انتهاك لقانون العقوبات وقانون مكافحة التجسس لجمهورية الصين الشعبية".

وأضافت خلال مؤتمر صحفي: "الصين دولة تحكمها سيادة القانون، يجب على الرعايا الأجانب التزام القوانين الصينية، يُحاكَم من يخالف القانون ويرتكب الجرائم والجنح".

وفي إشارة لتكرار هذه الواقعة، قالت المتحدثة: "كانت هناك حالات مماثلة السنوات الأخيرة شملت يابانيين، يجب على اليابان تأديب مواطنيها بشكل أفضل".

من جانبها طالبت طوكيو في ذات اليوم بالإفراج عن مواطنها البالغ من العمر ما بين 50- 60 عاما "في أسرع وقت ممكن".

وبحسب وكالة "كيودو" للأنباء اليابانية فإن الرجل الذي كان مسؤولا كبيرا سابقا في غرفة التجارة والصناعة اليابانية في الصين، أوقف قبيل عودته إلى اليابان هذا الشهر.

المرة الثالثة خلال 4 سنوات

الخبير في الشؤون الآسيوية، عامر تمام، يعلق على التحرك الصيني بأن "الصين لديها حس أمنى عال جدا"، ولا تتردد في إيقاف المتهمين بالتجسس، ولديها قوانين تنظم ذلك الشأن.

ويُذكِّر تمام بالوقائع السابقة للقبض على يابانيين بتهمة التجسس في الصين:

في أكتوبر 2019، أوقفت بكين أستاذا جامعيا يابانيا بتهمة التجسس، تم الإفراج عنه في الشهر التالي.

في مارس 2020، أعلنت وزارة الخارجية الصينية توقيف رجل صيني متهم بالتجسس يعمل أيضًا في إحدى الجامعات اليابانية.

غياب الثقة

غير أن "الحس الأمني العالي" ليس وحده وراء القبض على المتهمين اليابانيين بالتجسس، ولكن كذلك غياب الثقة وارتفاع حدة التوتر بين البلدين في الآونة الأخيرة.

وفي هذه النقطة، يضرب المحلل السياسي أمثلة لأسباب للخلافات وتصاعد التوتر بين بكين وطوكيو:

التوسع الياباني في الإنفاق العسكري بما يصل إلى 315 مليار دولار على مدى خمس سنوات.

اعتزام اليابان مضاعفة ميزانيتها الدفاعية لتصل إلى 2 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي بحلول 2027.

سعي اليابان لردع بكين عن استخدام القوة في بحر الصين الشرقي (الواقع بين البلدين).

إعلان اليابان أنها تشتبه في دخول مناطيد مراقبة صينية في مجالها الجوي 3 مرات على الأقل منذ عام 2019.

دعم طوكيو المواقف السياسية لواشنطن فيما يتعلق بتايوان ومنطقة بحر الصين الجنوبي.

عمق تاريخي لتوتر البلدين

يعود ظهور الأزمات كل فترة بين الصين واليابان إلى خلفية تاريخية مريرة في حلق الشعبين، مرتبطة بذكريات حروب ومذابح واتهامات بجرائم إبادة جماعية، وقلق كل بلد من أطماع الأخرى فيها:

وقوع الحرب الصينية اليابانية الأولى عام 1894.

قبيل وخلال الحرب العالمية الثانية وقعت الحرب الصينية اليابانية الثانية، ولم تنتهِ إلا بإعلان اليابان استسلامها أمام دول الحلفاء.

بتحول الصين إلى الشيوعية وانضمام اليابان للمعسكر الغربي خلال الحرب الباردة، ساد عدم الثقة بين الجانبين.

البلدان يتنازعان السيادة على جزر سينكاكو في بحر الصين الشرقي.

عام 1972 تم تطبيع العلاقات، إلا أن التوتر يتجدد كلما قامت إحدى البلدين بنشاط عسكري ملحوظ، أو زيادة التسلح، وكذلك مع اتخاذ اليابان الجانب الأميركي في أزمة تايوان.