الحرة

يواجه السوريون في تركيا مستقبلا غامضا سواء فاز الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان في الانتخابات أو خسر، حيث تزداد مخاوف الترحيل مع ارتفاع حدة الصراع مع الأطراف المتنافسة وتصاعد دعوات المعارضة المطالبة بطرد السوريين من البلاد، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

ويعيش نحو 4 ملايين سوري في تركيا، تجذر وجودهم في البلاد على مدى العقد الماضي على الرغم من المناخ العدائي المتزايد.

تقول الصحيفة إن آخر استطلاعات الرأي تشير إلى أن نحو 80 في المئة على الأقل من الأتراك يريدون عودة السوريين لبلادهم.

من بين السوريين الذين تحدثت معهم الصحيفة شاب يدعى راكان طالب يبلغ من العمر 26 عاما، وكان قد وصل لمدينة غازي عنتاب بجنوب تركيا في عام 2014 بعد فراره من تقدم تنظيم داعش على مدينته دير الزور.

كان طالب يحلم بدراسة الطب، لكنه ترك كل ذلك خلفه بعد أن غادر مقاعد الدراسة واتجه للعمل في تركيا ونجح في امتلاك متجره الخاص منذ نحو عامين.

يقول طالب: "لقد فقدت تعليمي ومستقبلي وكل شيء تقريبا من أجل المجيء إلى هنا والعيش بأمان وكرامة".

ويضيف أن "الكثيرين يتحدثون عن إعادة العلاقات مع بشار الأسد وترحيلنا إلى سوريا"، مشيرا إلى أن "نتائج الانتخابات ستكون مصيرية بالنسبة لي ولكل السوريين في تركيا".

ازداد الصراع بين حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة إردوغان وأحزاب المعارضة القومية التي تتحدث في العلن بشأن مصير الجالية السورية في تركيا.

تقول الصحيفة إن الطرفين يتنافسان لمعرفة من يمكنه التعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة واستعادة العلاقات مع الأسد بسرعة.

وتضيف أن "الجالية السورية على وشك تحمل الخسارة بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات يوم الأحد".

وعلى الرغم من الوعود بالدخول في حقبة جديدة من العدالة والديمقراطية، إلا أن مرشح الرئاسة المعارض كمال كيلتشدار أوغلو كان صريحا بشكل خاص حول رغبته في ترحيل اللاجئين السوريين.

بالمقابل كان رد فعل إردوغان على هذه المساعي من خلال الضغط باتجاه استعادة العلاقات بسرعة مع دمشق.

في العام الماضي، صعدت الحكومة التركية ما تصفه ببرنامج "العودة الطوعية" إلى سوريا، على الرغم من أن السوريين والجماعات الحقوقية نفوا أن يكون معظم العائدين قد شاركوا بملء إرادتهم.

وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في وقت سابق أن العائدين كثيرا ما تعرضوا للاعتقال أو أجبروا على التوقيع على استمارات الترحيل.

وكذلك أشارت إلى أن السلطات التركية اعتدت عليهم، وفي بعض الحالات أجبروا على عبور الحدود إلى سوريا تحت تهديد السلاح.

تحدث السوريون الذين شاركوا في برنامج "العودة الطوعية" في تركيا عن المعاملة القاسية التي تعرضوا لها من قبل الأتراك وكذلك كيف واجه الكثيرون منهم خطر الاعتقال والتعذيب والاختفاء القسري والفقر في بلدهم الأم.

ووصف آخرون من الجالية السورية في غازي عنتاب كيف اختفى أصدقاؤهم الذين عادوا عند وصولهم إلى سوريا.

من بين هؤلاء خالد الحمصي، الصحفي الذي تم اعتقاله عند نقطة تفتيش في تركيا في وقت سابق من هذا العام.

يقول الحمصي: "في البداية تعرضت لضغوط لقبول الترحيل بعد أن قاومت مرات عديدة، لأنني أعلم جيدا أن ذلك يعني ترك عائلتي ورائي في تركيا".

أُجبر الحمصي على التوقيع على أوراق الترحيل ثم رُحل بعد ذلك إلى تل أبيض في شمال سوريا.

يضيف الحمصي للغارديان: "عشت في تركيا لما يقرب من سبع سنوات، وبعد أن فقدت كل شيء في سوريا في المرة الأولى، أرى الآن نفسي أفقد كل شيء بنيته في تركيا خلال السنوات القليلة الماضية، وأضطر مرة أخرى للبدء من الصفر".

ويرى الحمصي أن "الانتخابات التركية لا تعني لي شيئا على الإطلاق ولا يهمني من سيفوز".

وأضاف "نعلم جميعا أن اللاجئين هم كرة قدم سياسية تستخدمها الحكومة الحالية لتهدئة المعارضة، فيما تستغلها المعارضة لإرضاء الجمهور التركي الأوسع".