العين الإخبارية

من شراء ناد بأمريكا، مرورًا بتبرع سخي لحزب المحافظين البريطاني، إلى وقف أنشطته التجارية في روسيا، عناوين عريضة جعلت وزيرًا من عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، حديث الغرف السياسية ومواقع التواصل الاجتماعي في آن.



فالملياردير المصري محمد منصور، الذي بات قبل أشهر أمين الصندوق الأول لحزب المحافظين البريطاني، قدم طوق النجاة للحزب، الذي انشق عنه عدد من مموليه البارزين، وبات في وضع لا يُحسد عليه.

فماذا فعل؟

بأكبر تبرع منذ أكثر من 22 عامًا، أنعش الملياردير المصري خزائن حزب المحافظين البريطاني، بعد أن منحه 5 ملايين جنيه إسترليني.

تبرع جعل من محمد منصور المانح الأكبر لحزب المحافظين البريطاني منذ أن تبرع في العام 2001، السير بول جيتي بالمبلغ نفسه.

إلا أن قيمة وتوقيت التبرع، جعلت منه بمثابة طوق النجاة لـ"المحافظين البريطاني"، بحسب صحيفة "التلغراف"، التي قالت إنه يأتي في وقت صعب يمر به الحزب، بعد خروج رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون من منصبه، وانشقاق عدد من ممولي الحزب البارزين إلى حزب العمال المعارض، ومنهم غاريث كواري الذي اتهم الحزب بأنه "ممزق بين الغرور وتملق الذات".

يأتي ذلك إضافة إلى أن حجم التبرعات لحزب العمال خلال الفترة بين شهري يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول الماضيين، فاق حجم التبرعات لحزب المحافظين، للمرة الأولى خلال أكثر من عام، بحسب الأرقام الصادرة عن مفوضية الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي قالت إن المحافظين جمعوا 3 ملايين جنيه إسترليني، بينما جمع العمال 5.4 مليون.

لكن لماذا تبرع منصور بهذا الرقم "الضخم"؟

الإجابة تعود جذورها إلى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؛ فالملياردير المصري لا زال يتذكر كيف "تغيرت حياته بين عشية وضحاها" بعد أن صودرت ممتلكات وأصول أسرته، بسبب عقيدة عبد الناصر الاشتراكية التي لم تؤمن بملكية الفرد.

"كنت بالفعل في الجامعة في الولايات المتحدة. لكن منذ هذه اللحظة، لم تستطع عائلتي إعالتي. كان عليّ أن أبيع سيارتي، وأن أعمل نادلًا"، يقول منصور، في مقاله له بصحيفة "التلغراف"، مضيفًا: "تعرفت على شعور الجوع والكفاح من أجل دفع ثمن الطعام والمرافق".

الملياردير المصري، أضاف: "تركت هذه التجربة لدي إيمانًا مدى الحياة بأهمية الاستقرار السياسي وحقوق الملكية وسيادة القانون"، متابعًا: لم يكن والدي رجلاً يُسقط أرضًا. فأسس شركة قطن في السودان، إلا أنه جرى تأميمها أيضًا".

لكنه لم ييأس؛ فعندما تولى أنور السادات منصبه، عاد إلى مصر وبدأ مهمة إعادة بناء شركة العائلة، مع إخوته، يقول منصور، مضيفًا: قمنا بتنويع أعمالنا بعيدًا عن السلع الأساسية وبدأنا العمل مع شركات مثل جنرال موتورز وكاتربيلر. اليوم، توظف شركتنا 60 ألف شخص حول العالم.

سر الانتقال لبريطانيا

"مع هذا النجاح جاءت المسؤولية. فأنشأت مؤسسة غير ربحية لتقديم الدعم المالي لسيدات الأعمال في مصر، وقد قدمنا أكثر من أربعة ملايين قرض"، يقول منصور، الذي أشار إلى أنه بعد أن أدى دوره في الحكومة المصرية وزيرًا، "علمت أن هناك دولة واحدة أرغب في تأسيس عملي فيها. مكان تكون فيه سيادة القانون هي الأسمى، وتحترم حقوق الملكية ولها سجل يحسد عليه من الاستقرار السياسي. هذا البلد: المملكة المتحدة".

وفي رسالته التي نشرتها الصحيفة البريطانية، عدد الملياردير المصري، أسباب انتقاله لبريطانيا، قائلا: أعتقد أن هذا البلد لديه رئيس وزراء مقتدر للغاية. يعرف كيف يصنع النمو في الأنظمة الاقتصادية الحديثة، ويمتلك النظرة التقنية والإبداعية بما يسمح له بدفع عجلة الاقتصاد الحديث إلى الدوران، والعمل لكل المواطنين البريطانيين".

سبب التبرع

وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قرر العام الماضي تعيين رجال الأعمال المصري، أمينا أول لصندوق حزب المحافظين، بعد تبرعه -آنذاك- بنحو 600 ألف جنيه إسترليني.

"ثقتي برئيس الوزراء هي سبب اعتزازي بكوني أمين صندوق حزب المحافظين. أريد أن أمنحه أفضل فرصة للحصول على فترة ولاية كاملة مدتها خمس سنوات، ولذا فقد تبرعت بمبلغ 5 ملايين جنيه إسترليني لصندوق الحزب"، يقول منصور، مضيفًا: "أنا أحب وأحترم هذا البلد الذي استقبلني وعائلتي بحرارة. لها تاريخ فخور وتقاليد نبيلة. أعتقد أن أمامها أيام رائعة. أريد أن أفعل ما بوسعي لمساعدة هذا البلد - المكان الذي أشاهد فيه أحفادي يكبرون - لتحقيق إمكاناته العظيمة".

وفي فبراير/شباط الماضي، وافق منصور على تسوية ضريبية بملايين الجنيهات مع هيئة الضرائب البريطانية، والتي أجرت مراجعات شاملة بخصوص عدد من الشركات الكبرى بينها (أوناتراك).

وفي العام الماضي، كلف بدور في المجلس الاستشاري للاستثمار التابع للحكومة البريطانية، كمؤسس لشركة الاستثمار المملوكة لعائلته "مان كابيتال"، والتي أسسها في لندن عام 2010 بعد انتقاله من مصر.

ومع شقيقيه، أقامت الشركة علاقات وثيقة كموزعين لشركات أمريكية بما في ذلك كاتربيلر وشيفروليه وجنرال موتورز، وتشمل بعض أنشطته الأخرى سلسلة مترو، أكبر سلسلة سوبر ماركت في مصر، وماكدونالدز.

وخارج نطاق الاستثمارات، شغل منصب وزير النقل من 2006 إلى 2009 في عهد حسني مبارك، الرئيس المصري الراحل الذي استقال من منصبه خلال 2011.