أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الاثنين أن قرارا صدر بفتح معبري كرم أبو سالم ونيتسانا من أجل عمليات التفتيش الأمني لزيادة المساعدات التي يتم إدخالها إلى قطاع غزة

قال مصدر فلسطيني مطلع على ملف التفاوض لتبادل الأسرى والمحتجزين بين حركة حماس وإسرائيل إن الوسطاء بدأوا بتقديم عروض وجس نبض الأطراف ذات العلاقة يوم الجمعة الماضي.



وأشار المصدر الفلسطيني لوكالة أنباء العالم العربي إلى أن عملية "جس النبض" التي تسبق المفاوضات الجدية بدأت خلال التهدئة الماضية قبل عشرين يومًا من إعلان الهدنة الإنسانية، لكنه توقع هذه المرة أن تكون مرحلة "جس النبض" قصيرة نظرا لأن هناك ترتيبات تم التوافق عليها في مرحلة التفاوض السابقة تتعلق بتصنيف "الأسرى الإسرائيليين" داخل غزة وتوصيف الأسرى الفلسطينيين وتقسيمهم من طرف الفصائل الفلسطينية، حيث باتت الخطوط العامة واضحة ونطاق التفاوض محددًا ومعروفًا.

وذكر المصدر أن ملف المعتقلين من قطاع غزة في ظل الاقتحام البري الإسرائيلي بات على طاولة الفصائل، لكن "لن نسمح أن يكون هو محور التفاوض دونا عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية".

وحول تفاصيل ما تم عرضه في مرحلة "جس النبض" يقول المصدر إن إسرائيل رفعت قائمة من 50 إسرائيلياً تتضمن مجندات ومصابين وكبار سن مدنيين، إضافة إلى من تبقى من النساء والأطفال، وهو ما كانت الفصائل الفلسطينية قد رفضته قبيل انهيار التهدئة السابقة.

وتابع المصدر: "عرض الاحتلال عبر الوسطاء الإفراج عن 150 أسيرا فلسطينيا من المرضى وكبار السن ممن يصنفهم بالسجناء الأمنيين، لكن الفصائل رفضت هذا الطرح بشكل كامل".

وتعليقا على نفي حماس الرسمي لوجود تفاوض، قال المصدر الفلسطيني لوكالة أنباء العالم العربي إن عملية التفاوض الفعلية لم تبدأ بعد وإن ما يحدث هو عروض متبادلة بعضها رفضته الفصائل بشكل تام "مثل قائمة الخمسين إسرائيليا"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى وجود اتصالات خاصة بين حركتي حماس والجهاد لإمكانية نقاش "عرض جدّي ومثمر لعملية التبادل"، كما يصفه المصدر.

وفي وقت سابق، نفى القيادي في حركة حماس محمود مرداوي وجود مفاوضات أو صفقات مع إسرائيل، وقال: "لن يكون هناك أي مفاوضات حول إطلاق سراح أسرى إسرائيليين ومحتجزين طالما لم يتوقف إطلاق النار".

ووفق هيئة البث الإسرائيلية، فإن إسرائيل تبحث فعليا فتح الباب أمام عملية تبادل جديدة.

ونقلت الهيئة عن مسؤول كبير لم تسمه قوله إن رئيس الموساد دافيد بارنياع تلقى توجيهات للبدء بالاستماع إلى عروض الوسطاء، مضيفا "إذا أراد القطريون التحدث، فسوف نستمع".

ووفق الهيئة، فإن الفئة المستهدفة من عملية التبادل القادمة هي "الفئة الإنسانية" وتضم النساء والمرضى والجرحى والمسنين.

عرض الجثامين

وأكد المصدر الفلسطيني لوكالة أنباء العالم العربي أن الفصائل الفلسطينية وحماس أبلغت الوسطاء برفض "طرح الخمسين" وقدمت حماس في المقابل عرض "الجثامين"، وكل هذه العروض، وفق المصدر، "تبقى ضمن مرحلة جس النبض ولكنها تؤسس لبداية تفاوض معمقة متوقعة".

وأوضح المصدر أن عرض الجثامين يتضمن إفراج حماس عن نحو 30 إلى 40 جثة لجنود ومدنيين قتلوا في غزة بسبب القصف الإسرائيلي، مقابل الإفراج عن جثامين شهداء فلسطينيين من ضمنهم قتلى هجوم 7 أكتوبر، بالإضافة إلى هدنة لمدة 5 أيام في هذه المرحلة.

ووفق المصدر فإن هذا العرض كانت قد قدمته حماس قبيل انهيار التهدئة الأخيرة ورفضت إسرائيل مناقشته وقتها، وأبلغت الوسطاء عدم اهتمامها بتبادل جثث في المرحلة الحالية، وأنها تركز على تبادل الأحياء فقط.

وذكر المصدر أيضا أن الفصائل الفلسطينية اتفقت على الالتزام بالتصنيفات التي تم الاتفاق عليها قبل بدء المفاوضات السابقة وعدم السماح لإسرائيل بخلط أوراق الأسرى في غزة، وأن "المرحلة الثانية وفق الاتفاق السابق هي المرضى وكبار السن من الرجال"، بينما اتهمت إسرائيل في المقابل حركة حماس بخرق التهدئة ورفض الإفراج عمن تبقى لديها من نساء وأطفال.

وقال المصدر إن "المرحلة الثالثة هي المجندات الإسرائيليات والرابعة هي الجنود"، وهذا الملف به عدة تفاصيل وفق المصدر تتضمن ترتيب رُتب الجنود المحتجزين في غزة وفقًا لرتبتهم العسكرية، وصولا كما قال "لتبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى بشكل كامل".

صفقة شاملة

ورغم رفض حماس بشكل مطلق بعد انهيار التهدئة الأخيرة التفاوض دون وقف إطلاق النار، لم يخف المصدر توقعه أن يتم البدء بالتفاوض المعمق وبشكل جدي خلال الأسبوع المقبل، بحيث يتم التوصل إلى اتفاق يخص كبار السن من المدنيين والمرضى مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، لكن ليس بالعدد والتصنيف الذي تتحدث عنه إسرائيل (واحد مقابل ثلاثة).

وتابع المصدر: "نتطلع إلى صفقة شاملة عنوانها الكل مقابل الكل، بحيث نطلق سراح جميع المحتجزين لدينا مقابل إطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين".

وأضاف: "بما أن إسرائيل وضعت أهدافا فإننا أيضا لدينا أهداف وهي وقف الحرب وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال"، ونوه إلى أن "الترتيبات التي يمكن التفاوض عليها والآليات ليس هي محل الخلاف، وليس شرطا بالنسبة للفصائل أن يتم التبادل الشامل في يوم واحد، يمكن تجزئته بشرط أن يؤدي إلى تحقيق مطالبنا".

وأشار المصدر أيضا إلى أن إسرائيل ترفض فكرة وقف شامل ونهائي لإطلاق النار، وقدمت عروضا بديلة مثل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الذين تم اعتقالهم منذ 7 أكتوبر.

وتشير إحصاءات رسمية فلسطينية إلى أن عدد المعتقلين لدى إسرائيل يقترب من سبعة آلاف، ولا يشمل العدد من تم اعتقالهم من قطاع غزة منذ بدء العمليات البرية الإسرائيلية. وتتحدث مصادر غير رسمية عن اعتقال إسرائيل ما يقارب 3 آلاف فلسطيني من مناطق غزة وجباليا والشجاعية وخان يونس منذ بدء العملية البرية.

وتحتجز حماس 137 إسرائيليا، وأفرجت عن 110 آخرين بموجب عملية تبادل في الشهر الماضي استمرت نحو أسبوع تخللها وقف مؤقت لإطلاق النار.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أنه لن يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق جديد في الأسبوع المقبل، لكن إسرائيل تريد فتح مسار متجدد للاستفادة من الضغط على حماس في القتال.

ونقلت هيئة البث عن المصدر الإسرائيلي أن هناك إشكاليات قد تعقد إنجاز المهمة سريعا، ومنها أن "جزءا من قيادة حماس غادر قطر، وقُتل بعض الرسل الذين نقلوا الرسائل بين الطرفين، كما أن إسرائيل موجودة فعليا في الشمال والجنوب، وليس فقط في شمال القطاع، وهو ما يعقد قنوات الاتصال".

إعلام إسرائيلي يتحدث عن صفقة "قريبة"

وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مصدر رفيع المستوى قوله إن جهود التفاوض على صفقة جديدة لإطلاق سراح محتجزين بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة قد تبدأ "قريبا".

وأوضحت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) نقلا عن تقرير للقناة 12 التلفزيونية أن الصفقة الجديدة ستشمل النساء والمصابين والمرضى والمسنين، بحسب وكالة أنباء "العالم العربي".

وقال المصدر الإسرائيلي الذي لم تكشف الصحيفة عن اسمه إن "الظروف مهيأة لوضع يمكن خلاله البدء في صياغة اتفاقيات جديدة، من وجهة نظر حماس وإسرائيل".

وأضافت الصحيفة أن التقديرات تشير إلى أنه "من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق جديد في الأسبوع المقبل، لكن إسرائيل تريد فتح الباب أمام صفقة محتملة وسط تصاعد الضغط العسكري على حماس".

وفي تطور آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي مساء اليوم الاثنين أن قرارا صدر بفتح معبري كرم أبو سالم ونيتسانا، من أجل عمليات التفتيش الأمني لزيادة المساعدات التي يتم إدخالها إلى قطاع غزة.

وقال الجيش في بيان مشترك مع وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إنه "بعد مشاورات أمنية، تم اتخاذ قرار اليوم (الاثنين) بإجراء عمليات تفتيش أمني متكاملة في معبر نيتسانا ومعبر كرم أبو سالم".

وأضاف البيان أن القرار يهدف إلى "تحسين قدرات وحجم عمليات الفحص الأمني للمساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح في مصر".

وأوضح أنه "سيتم فحص الشاحنات المحملة بالمياه والغذاء والإمدادات الطبية ومعدات الإيواء عند معبر نيتسانا ومعبر كرم أبو سالم، وسيتم إرسالها من هناك إلى منظمات الإغاثة الدولية في قطاع غزة عبر معبر رفح في مصر".

وأكد البيان على أنه لن تدخل أي إمدادات إلى القطاع من إسرائيل وأن جميع المساعدات الإنسانية ستدخل من خلال معبر رفح في مصر.

وصدرت في الآونة الأخيرة مطالبات من جهات دولية عديدة لإسرائيل، منها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بفتح معبر كرم أبو سالم لمعالجة الشحنات الإنسانية التي تدخل القطاع، نظرا لمحدودية الطاقة الاستيعابية لمعبر رفح في ظل الاحتياجات الكبيرة للقطاع الذي يواجه حربا منذ أكثر من شهرين.