قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، إنه لا يعرف متى ستنتهي الحرب في قطاع غزة على وجه التحديد، مؤكداً مع قرب دخول الحرب عامها الثاني أن جيشه «ليس قريباً بعدُ من إنهاء الحرب».

وأضاف هاليفي في لقاء وصفته القناة 12 الإسرائيلية بأنه كان عاصفاً مع أهالي محتجزين في القطاع: «كلما طالت الحرب أصبح من الصعب إعادتهم إلى ديارهم، وإذا لم نقاتل ونضغط على (حماس) فإن الأمر سيستغرق وقتاً أطول».

وجاءت تصريحات هاليفي مع تراجع فرص التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب وإعادة المحتجزين، فيما أظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نوايا لفرض الأمر الواقع في القطاع.

وعزَّزَت تصريحات هاليفي المخاوف من نوايا نتنياهو حول البقاء في غزة، في وقت قال مصدر في الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطة نتنياهو الواضحة تقوم على احتلال شمال القطاع، والبقاء في أماكن محدَّدة، مثل نتساريم وفيلادلفيا، وهي خطة طويلة الأمد».

وأضاف المصدر أن «نتنياهو يريد تحويل الوضع الموجود اليوم إلى أمر واقع على قاعدة (ماذا أنتم فاعلون؟)، وغير آبِه بالعالم، أو بأسراه هنا، حتى لو قُتلوا جميعاً».

ولم يكتفِ نتنياهو بالامتناع عن وضع خطة لليوم التالي في قطاع غزة، وإعلانه أنه لن يقبل بوجود «فتحستان (يقصد حركة فتح والسلطة الفلسطينية)، بديلاً لحماسستان (حركة حماس) في غزة»، وعرقلته اتفاقات وقف النار، بل يعمل على دفع خطة لاحتلال شمال قطاع غزة بالكامل، وتسليم الجيش الإسرائيلي مهمةَ توزيع المساعدات في القطاع، بدلاً من الجهات الفلسطينية والدولية.

ويدرس كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي خطة تحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة عسكرية.

وتقوم الخطة على إخلاء 200 ألف فلسطيني من سكان شمال القطاع إلى جنوبه، وإبقاء المنطقة خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة.

والخطة التي يدور الحديث عنها هي خطة بادَر إليها الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند، وتم تقديمها إلى المجلس الوزاري المصغَّر الإسرائيلي، وتقوم على طرد السكان من الشمال، ومحاصرة مقاتلي «حماس» هناك، ومنع الحركة من السيطرة على المساعدات الإنسانية.

وردَّت السلطة الفلسطينية على الخطة بتحذيرها من أنها تُعَدُّ مقدمة للاستيطان في أجزاء من القطاع.

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إن الخطة «مقدمة للبدء بضم القطاع وأجزاء أساسية منه، تمهيداً للاستعمار فيه، ما يهدّد بشكل جدّي بتهجير المواطنين بعد حشرهم في منطقة ضيقة».

واتهمت الخارجية اليمين الإسرائيلي الحاكم، بأنه يجنّد جميع أدواته وإمكاناته لتفجير الأوضاع في الضفة، بهدف تسهيل ضمِّها، والإطاحة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، وتنفيذ مخططاته في غزة.

وفي انتظار أن يتخذ نتنياهو قراره بشأن شمال القطاع، أوعز فعلاً للجيش بتولّي توزيع المساعدات من أجل تحييد «حماس» في القطاع، والمَسِّ بقدراتها في الحكم، ومنع وصول المساعدات إليها.

وطلب نتنياهو من الجيش تولّي مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بدلاً من المنظمات الإنسانية، وطلب منهم القيام بما يلزم فيما يتعلق باللوجيستيات، وآليات العمل، والقوى العاملة المطلوبة للمهمة.

وتمثّل عملية توزيع المساعدات في قطاع غزة أزمةً لنتنياهو الذي حاول تسليم المهمة لعشائر وعائلات من قطاع غزة، وفشل، ثم حاول تحييد «وكالة الأونروا» وفشل، واليوم يقول إن «حماس» لا زالت تسيطر على آلية التوزيع من خلال المنظَّمات الدولية.

ويعتقد نتنياهو أن حرمان «حماس» من قدرتها على الحكم، يعني إيجاد بديل لكل أو جزء كبير من عملية توزيع المساعدات الإنسانية.

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» كشفت في وقت سابق عن أن الجيش استحدث منصباً جديداً تحت اسم «رئيس الجهود الإنسانية - المدنية في قطاع غزة»، ليتولى إدارة الجوانب الإنسانية، وتنسيق القضايا المدنية في القطاع، في خطوة تهدف لتثبيت احتلال القطاع لفترة طويلة.

وقالت الصحيفة إن العميد إلعاد غورين هو من سيتولى هذا المنصب الجديد، وهو منصب يوازي منصب رئيس الإدارة المدنية التابعة للسلطة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وحسب مصادر قريبة من «حماس» فإن «الحركة متنبّهة لخطط نتنياهو طويلة الأمد، لكنها تراهن على استمرار المقاومة وتورّط الجيش الإسرائيلي في غزة وجبهات أخرى، وخضوع نتنياهو أخيراً للضغوط من أجل إنهاء الحرب وعقد صفقة تبادل».

وتحاول «حماس» طمأنة الغزيّين بأن اتفاقاً سيُعقَد في النهاية، وقال فلسطينيون في شمال غزة لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة تبثّ عبر مواقع التواصل وصحافيين رسائل طمأنة غير مباشرة بأن إسرائيل ستخضع في نهاية المطاف، ولن يكون هناك احتلال طويل الأمد، أو استيطان في القطاع.