مع استعداد الأسر المكلومة لدفن ضحايا حادث إطلاق نار جماعي آخر بالولايات المتحدة، امتزجت مشاعر الحزن بالغضب وسط مؤشرات على احتمال وجود قصور في أمن المدارس وعلى أن الجهات الأمنية ربما لم تتوقف عند دلائل تتعلق بخطط المسلح.

وعبرت أم بدا عليها الذهول عن عدم استيعابها لمسألة دخول مسلح إلى مدرسة وفتح النار بهذه البساطة وناشدت الرئيس دونالد ترامب التحرك. وقالت إنها قضت ساعتين في إعداد ترتيبات جنازة ابنها البالغ من العمر 14 عاما.

وقع الحدث في مدرسة ماجوري ستونمان دوجلاس الثانوية في باركلاند حين اقتحمها يوم الأربعاء نيكولاس كروز (19 عاما) الذي كان طالبا بها قبل فصله لأسباب تتعلق بالانضباط، وفتح نيران بندقية كانت بحوزته وقتل 17 من الطلاب والمعلمين وأصاب 15 آخرين.



وأثار الأمر أسئلة بين أولياء الأمور المكلومين بشأن دقة إجراءات الأمن في المدرسة وجدد نقاشا محليا في الكونجرس وخارجه بشأن وباء العنف المسلح في المدارس الأمريكية.

وصاحت لوري الهادف أمام الكاميرا في لقطات عرضتها شبكة سي.إن.إن "كيف نسمح لمسلح بدخول مدرسة أبنائنا؟ كيف يطبقون الأمن؟ أين هو الأمن؟"

وصرخت الأم التي كانت ابنتها أليسا ضمن القتلى "هذا المسلح، هذا الشخص المجنون، دخل المدرسة وحطم نافذة باب فصل ابنتي وبدأ يطلق النار.. يطلق النار عليها".

ووجهت 17 تهمة بالقتل مع سبق الإصرار لكروز الذي مثل أمام المحكمة الخميس.

وقال محاميته ميليسا مكنيل التي عينتها المحكمة للدفاع عنه للصحفيين "إنه إنسان محطم... إنه حزين ومكتئب ونادم".

ربما يكون كروز قد ألقى خيطا ينم عن نيته تنفيذ الهجوم، وذلك في تعليق على موقع يوتيوب حقق فيه مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي). وكشف المكتب أنه تلقى بلاغا في سبتمبر عن رسالة تقول "سأكون راميا محترفا بالمدرسة" لمستخدم اسمه نيكولاس كروز.

لكن روبرت لاسكي الضابط المسؤول عن مكتب (إف.بي.آي) في جاكسونفيل قال إن ضباط المكتب ليس لديهم معلومات تشير إلى "توقيت أو موقع أو الهوية الحقيقية" للشخص الذي نشر الرسالة.

وحذف موقع يوتيوب المادة المشار إليها في النهاية وأغلق المكتب التحقيق إلى أن ظهر اسم نيكولاس كروز مرة أخرى فيما يتصل بمذبحة الأربعاء بمدرسة مارجوري ستونمان دوجلاس الثانوية.

وقال زملاء كروز السابقون بالدراسة إنه كان منبوذا ومعروفا بإثارة المشاكل و"الهوس بالأسلحة". وقال قائد شرطة المنطقة إن بعض أنشطة كروز على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كانت "مقلقة جدا جدا".

ويمثل هجوم الأربعاء ثاني أكبر حادث إطلاق رصاص في مدرسة حكومية أمريكية من حيث عدد القتلى بعد مذبحة وقعت عام 2012 حين قتل 20 تلميذا وستة معلمين في مدرسة ساندي هوك للتعليم الأساسي في كونيتيكت.

وقال ترامب في كلمة ألقاها من البيت الأبيض شدد فيها على أهمية الأمن والصحة العقلية في المدارس وتجنب أي إشارة للسياسة المتعلقة بالأسلحة "لا يكفي أن نتخذ خطوات تجعلنا نشعر أننا نحدث فرقا. بل لا بد أن نحدث ذلك الفرق فعلا".

وانتقد ديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي الزعامة الجمهورية يوم الأربعاء لرفضها تأييد تشريع يقتضي فحص خلفية الراغبين في شراء الأسلحة بعناية.

وقال بعض داعمي الحد من الأسلحة وخبراء قانونيون إن حادث الأربعاء ربما أمكن تجنبه لو أن فلوريدا كانت ضمن الولايات الأمريكية التي تطبق قوانين تسمح للشرطة وأفراد الأسر باستصدار أوامر تمنع من يرتابون فيهم من حيازة السلاح.