مع اكتمال الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان، ونهاية قرابة عقدين من الحرب، لم تقدم حكومة الولايات المتحدة إحصاءً كاملاً للتكاليف التي تكبدتها، خلال ما يعرف باسم "الحروب الأبدية" في أفغانستان والعراق.

لكن باحثين في جامعة "براون" الأميركية، يقدرون أن الولايات المتحدة أنفقت 5.8 تريليون دولار على الحرب في أفغانستان والصراعات الأخرى، الناجمة عن هجمات 11 سبتمبر 2001، بحسب ما ذكرت صحيفة "يوس إس إيه توداي" الأميركية.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن هذا المبلغ الضخم، يشمل الإنفاق المباشر وغير المباشر على كل شيء، من المعدات العسكرية إلى الأمن الداخلي، إلى منح لعائلات القتلى من أفراد الجيش الأميركي.



وحتى الآن، بلغت تكلفة الحرب في أفغانستان 2.3 تريليون دولار حتى الآن، بحسب نتائج الدراسة التي أعلنها، الأربعاء، "مشروع تكاليف الحرب"، في معهد "واتسون" للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون.

ولا يشمل ذلك تكاليف الجسر الجوي الضخم الذي نفذته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لإجلاء 123 ألف شخص من أفغانستان، قبل مغادرة آخر القوات العسكرية، الاثنين.

تكلفة مستمرة

وأشار الباحثون إلى استمرار بعض التكاليف، رغم انتهاء الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، مثل الرعاية الطبية المستمرة لقدامى المحاربين، التي تُقدر بنحو 2.2 تريليون دولار خلال الثلاثين عاماً المقبلة، ما يرفع إجمالي التكلفة إلى 8 تريليونات دولار.

والثلاثاء، أشار الرئيس جو بايدن إلى إحصاء جامعة "براون" لتكلفة حرب أفغانستان، الذي تجاوز 2 تريليون دولار، في دفاع قوي عن قراره بالانسحاب.

وقال بايدن إن التكلفة تصل إلى 300 مليون دولار في اليوم طوال عقدين، وهاجم منتقدين قالو إنه كان يجدر بالولايات المتحدة، الاحتفاظ بعدد صغير من القوات الأميركية في أفغانستان إلى أجل غير مسمى.

وأضاف: "لا يوجد شيء منخفض المستوى أو منخفض المخاطر، أو منخفض التكلفة في أي حرب".

ولقي أكثر من 2400 جندي أميركي حتفه في أفغانستان، بينهم 13 الأسبوع الماضي في تفجير انتحاري وسط جهود الإجلاء المتسارعة. وعلى مدار الصراع الذي دام 20 عاماً، لقي أكثر من 46 ألف مدني أفغاني حتفه، بحسب دراسة جامعة "براون".

العراق وسوريا

وأشارت الدراسة إلى أن الصراعات في العراق وسوريا، كلّفت الولايات المتحدة 2 تريليون دولار أخرى، وكلفت عمليات مكافحة الإرهاب الأخرى في أماكن مثل الصومال وأجزاء أخرى من إفريقيا، نحو 355 مليار دولار.

من جانبها، قالت نيتا سي كروفورد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة براون ومؤلفة الدراسة، إنه لا ينبغي أن يعتمد الأمر على الباحثين الخاصين، لتقدير تكلفة هذه الصراعات.

وكتبت: "من أهم واجبات أي أمة عظيمة عندما تذهب إلى الحرب، هو إجراء مناقشة واضحة لتكاليف ومخاطر وفوائد الحرب".

وأشارت إلى أن "الشفافية بعد صراعات 11 سبتمبر، تضاءلت بمرور الوقت، حيث صنف مسؤولون بعض المعلومات سرية، وتوقفوا ببساطة عن الإبلاغ عن تفاصيل أخرى".

وخلصت إلى أن "كل الدول تخوض الحروب، معتقدة أنها قادرة على الانتصار"، وأن "القتال وتداعياته ستكون تحت السيطرة"، وأن "تكاليف الحرب ستكون أقل تكلفة من الجهود الدبلوماسية أو العقوبات"، وأنه "سيكون هناك عدد قليل من الضحايا.. لكن الحرب نادراً ما تسير كما هو مخطط لها".

وكانت حركة طالبان سيطرت على العاصمة الأفغانية كابول في 15 أغسطس الماضي، بعد شروع القوات الأميركية في الانسحاب من أفغانستان، من دون مقاومة تقريباً من القوات الحكومية الأفغانية.

ومنذ نهاية يوليو الماضي، تم إجلاء نحو 122 ألف شخص من كابول في جسر جوي تاريخي. وتعهدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بمواصلة العمل لإخراج الأفغان المعرضين للخطر، وعدة مئات من الأميركيين من البلاد، في وقت تعهدت فيه طالبان بـ"السماح للأشخاص الذين يريدون المغادرة بالخروج من البلاد".