تواصلت انسحابات القوات الروسية من شمال أوكرانيا وغربها، أمس، في وقت تحولت الأنظار إلى الشرق في دونباس.

وكانت موسكو ذكرت قبل أيام أنها ستقلص الهجمات قرب العاصمة وفي الشمال الأوكراني، كبادرة حسن نية، من أجل تشجيع المفاوضات لإنهاء النزاع، وتركز على «تحرير» منطقة دونباس في الجنوب الشرقي الأوكراني.

وحذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن الوضع هناك لا يزال صعباً للغاية، وأن روسيا تستعد لشن ضربات جديدة في دونباس وخاركيف، مطالباً الدول الغربية بمنح بلاده طائرات للدفاع عن نفسها.



وأفاد ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني بأن القوات الروسية «تنسحب بسرعة» من مناطق في محيط العاصمة كييف ومدينة تشيرنيهيف في شمال أوكرانيا. وقال «مع الانسحاب السريع للروس من مناطق كييف وتشيرنيهيف.. يتضح تماما أن روسيا تعطي الأولوية لتكتيك مختلف: الانسحاب إلى الشرق والجنوب لمحاولة فرض الشروط».

ووقعت إصابات جراء انفجارات قوية، واندلعت حرائق في منطقة سالتوفكا شمال شرقي مدينة خاركيف.

وأشارت هيئة الأركان الأوكرانية إلى أن «الجيش الروسي يعيد نشر قواته لتنفيذ مزيد من العمليات في سلوبوزانسكي ودونيتسك ولوغانسك»، وأن «روسيا تشرك وحداتها في إقليم ترانسنيستريا الانفصالي بمولدوفا للقيام بعمليات على حدودنا».

مواصلة التقدم

وبعد إعلان القوات الأوكرانية تنفيذ هجمات مضادة في محيط كييف، من أجل إبعاد القوات الروسية في بعض المناطق المحيطة بها شمال البلاد، أكدت المخابرات العسكرية البريطانية أن الأوكران يواصلون التقدم ضد قوات روسيا المنسحبة في محيط العاصمة.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة دورية، إن هناك تقارير تفيد أيضاً بانسحاب القوات الروسية من مطار هوستوميل القريب من العاصمة، الذي كان محل قتال منذ اليوم الأول للصراع.

بعد أن عادت إلى السيطرة الأوكرانية، بدا المشهد في إربين مأساوياً، حيث عانت المدينة مستويات غير عادية من الدمار، بينما تستمر عملية الإخلاء.

آخر الناجين من أنقاض إيربين لديه كلمة واحدة فقط لوصف الروس، الذين انسحبوا بعد إحدى المعارك المحورية في الحرب «الفاشيون!».

يستشيط بوجدان (58 عاماً) بينما يمشي هو وأصدقاؤه. ويقول «كنا نسمع طلقات قذائف الهاون كل 20 إلى 30 ثانية. وهكذا طوال اليوم.. تدمير فقط».

إيربين أوقفت القوة الكاملة للغزو الروسي على بعد 20 كيلومتراً. البلدة التي كانت حدائقها مورقة ذات يوم، باتت ممتلئة بالجثث، بعد أن انسحبت القوات الروسية على عجل من خارج كييف.

جاء النصر بثمن باهظ جعل إيربين تبدو مثل حلب أو غروزني. «إنها نهاية العالم»، هذا ما قاله جندي أوكراني قام برحلة عبر البلدة الخالية.

من جانبه، حذر فولوديمير زيلينسكي شعبه من أن القوات الروسية المنسحبة تخلق «كارثة كاملة» خارج كييف من خلال ترك الألغام في «المنطقة بأكملها»، بما في ذلك حول المنازل والجثث.

دعم أميركي

وفي خطوة دعم قوية لكييف، أكدت وزارة الدفاع الأميركية، أمس، أن «الولايات المتحدة ستقدم 300 مليون دولار إضافية مساعدة أمنية لأوكرانيا، تشمل أنظمة الصواريخ الموجهة بالليزر والطائرات المسيرة والذخيرة».

بدورها، أفادت صحيفة نيويورك تايمز نقلاً عن مسؤول أميركي: «إدارة بايدن وحلفاؤها سينقلون قريباً دبابات سوفيتية الصنع إلى دونباس، لدعم دفاعات أوكرانيا»، مردفة أن «الدبابات ستمكن أوكرانيا من شن ضربات مدفعية بعيدة المدى على أهداف روسية في دونباس».

إجلاء من ماريوبول

إلى ذلك، فر أكثر من ثلاثة آلاف شخص من ماريوبول في حافلات وسيارات خاصة، على ما أعلنت السلطات الأوكرانية، بينما يستعد الصليب الأحمر لمحاولة تنفيذ عملية إجلاء جديدة، بعد فشل محاولة أولى.

وأكدت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أنه تم فتح سبع ممرات إنسانية لإجلاء السكان من عدة مناطق محاصرة، بينها دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا، مضيفة أن هذه الممرات تشمل واحداً لإجلاء المدنيين من ماريوبول، بوسائل نقل خاصة وبالحافلات نحو مدينة برديانسك.

وتفيد التقديرات الأخيرة بأن نحو 160 ألف شخص لا يزالون عالقين في المدينة. وتجري عمليات إجلاء المدنيين بشكل تدريجي بعدما كانت مستحيلة على مدى أسابيع.