عباس المغني - تصوير وفيديو: نايف صالح
العمل العقاري قديماً كان بسيطاً منحصر في بيع أو تأجير
مرحلة ارتفاع الأسعار بالسوق بدأت بعد حرب الخليج في 1992
كنت أدرس في الجامعة وأبيع العقارات على الأساتذة والمعلمين
عملت في تقديم الاستشارات والتقييم للجهات الحكومية
أنوي توثيق أعمال كبار العقاريين بكتاب يشمل جيل المعلمين
المسلسلات المصرية والكويتية هادفة وفيها كثير من العبر
علمه والده البيع والشراء عبر فتح برادة صغيرة في منزله عندما كان طفلاً، فكسب خبرة جعلته واحداً من كبار العقاريين في البحرين، أنه العقاري ناصر الأهلي الذي تربى وترعرع في الرفاع ومنها أنطلق إلى كل مناطق البحرين، وكانت أول عمولة عقارية حصل عليها 140 ديناراً عن بيع أرض بقيمة 7 آلاف دينار في الرفاع.
«الوطن» التقت الأهلي وتحدثت معه عن مسيرته منذ الطفولة وأبرز محطات حياته والتحديات التي واجهته، وفيما يأتي نص اللقاء:
حدثنا عن طفولتك ونشأتك؟
- ولدت عام 1966 في المنامة، وسكنت في أكثر من منطقة، بدءاً من المنامة، ثم الحد، ثم الخميس، وأخيراً انتهى بنا المطاف في الرفاع حيث استقررنا هناك.
درست الصف الأول والثاني الابتدائي في مدرسة الخميس، ثم انتقلنا إلى الرفاع، ودرست الثالث الابتدائي في مدرسة أحمد الفاتح، ثم مدرسة الرفاع الثانوية.
الوالد علمنا كثيراً من الأعمال منذ الصغر منها البيع، عمل لنا برادة صغيرة داخل البيت بالرفاع، ونبيع ونشتري أنا مع إخواني، وتعلمنا الأخذ والعطاء في مجال البيع والشراء، والإنسان عندما يتربى على العمل منذ الصغر يحقق كثيراً من النجاح، والحمد لله آباؤنا وأمهاتنا علمونا منذ الصغر كي نعتمد على أنفسنا في المستقبل. وعندما وصلت مرحلة الثانوية، في فترة الإجازة الصيفية عملت مخلصاً في مكاتب تخليص المعاملات وتعلمت الكثير منهم وإنجاز المعاملات، وفي صف الثالث الثانوي استخرجت سجلاً تجارياً للعمل في تخليص المعاملات.
متى بدأت الصيام؟
- بدأت الصيام عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي وهي السنة الأولى التي سكنا فيها في الرفاع، وكانت البيئة الاجتماعية تساعد على الصيام، وليالي رمضان في الفرجان كانت مزدهرة وعامرة والناس كلهم أهل قريبين من بعضهم البعض، عندما كنا صغار كان رمضان بالنسبة لنا حياة خاصة جميلة تشعر فيها بالفرح والأنس والسعادة. كنا صغاراً نتجمع، بعد الفطور، ونذهب لمسجد بهزاد بالرفاع والآن يسمونه مسجد النور، نصلي صلاة العشاء، ثم صلاة التراويح، وبعدها نتجمع بالقرب من المنزل ونوفر الماء والشاي، ونلعب الكرة الطائرة وكرة القدم، وألعاب مختلفة ونضع تلفزيون في الهواء الطلق ونشاهد المسلسلات الهادفة والجميلة وكانت بسيطة وشعبية، ونجلس إلى أن يخرج المسحر ونمشي خلفه. هذا في ليالي رمضان من أول يوم حتى اليوم العشرين من رمضان، أما في العشرة الأواخر من رمضان فتكون مخصصة للعبادة.
كانت الحياة في رمضان بسيطة جداً، ولكنها في غاية الجمال ولها نكهة خاصة، واليوم تغيرت الأمور البعض يذهب إلى كوفي شوب، والبعض إلى أماكن ترفيهية، والبعض إلى مجالس.
بالنسبة لي أنا مازلت أحب الذهاب إلى المجالس القديمة والحديثة محافظ عليها، ولكن في فترة كورونا افتقدنا هذه المجالس، ونأمل أن تعود هذه المجالس فأنا أحبها للالتقاء بالناس والتعرف عليهم.
ومن مميزات العمل العقاري التعرف على الناس، وأنا أعتبر كل معرفة مكسباً، أي شخص أعرفه؛ فهو مكسب على أن أحافظ عليه.
هل شهدت بداية الكهرباء وظهور التلفزيون؟
- الحمد لله، الكهرباء كانت موجودة، والتلفزيون أيضاً كان موجوداً، فأنا لست من الجيل الذي عاش بدونها، لكن في ذلك الوقت ليس كل بيت كان يمتلك تلفزيوناً، وفي عام 1975 الوالد اشتر لنا تلفزيون «أبيض وأسود» وأنا من المحبين للمسلسلات والبرامج الهادفة.
ربما نحن شهدنا بداية المكيفات، في بداية حياتنا لم تكن هناك مكيفات، وكانت الأجواء نقية ولطيفة جداً، ولم يكن هناك تلوث، حيث ينام الناس فوق الأسطح.
ولكن مع التقدم التكنولوجي اختلف الوضع وازداد التلوث والتغير المناخي بسبب كثرة الأجهزة والالآت التي تصدر الحرارة والكربون وغيرها.
وبدأت الناس تشتري المكيفات مع تغير الحرارة، وأنا شهدت فترة دخول المكيفات إلى البحرين، وكانت «مكيفات ويندو».
ما هي المسلسلات التلفزيونية التي تحبها في ذلك الوقت؟
- كنت أحب التلفزيون، وأشاهد المسلسلات الكويتية والمصرية وكانت مسلسلات جميلة وهادفة وقصصها رائعة فيها كثير من العبر، وتقوم على روايات راقية لإحسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم، وحسين الصالح، وكذلك ممثلين كبار، مثل عبدالحسين عبدالرضا، وسعد الفرج، ومن مصر أمينة رزق، ومحمود المليجي، ومجموعة كبيرة من الممثلين الذين يتشجع المشاهد لرؤية أدوارهم في المسلسلات.
من المسلسلات الجميلة ليالي الحلمية، والشهد والدموع، ودرب الزلق، والأقدار، ومسلسل جحا، ومسلسلات يوسف شعبان، ورأفت الهجان، وأنا في المسلسلات العاطفية أتعاطف وأبكي، ونحن صغار لا نعلم أن هذه تمثيل نفكر أن المسلسل حقيقة، فنتعاطف ونبكي في المشاهد العاطفية والحزينة.
وكان تلفزيون البحرين كل ليلة خميس يعرض فلماً هندياً، وكنا نتابعه باستمتاع، كما يعرض تلفزيون البحرين في منتصف كل أسبوع أغاني أجنبية منها لفرقة بوني أم وفرقة آبا.
وكنت أميل أيضاً إلى المسلسلات التي فيها قصص بوليسية ومخابرات. بشكل عام أنا أحب المسلسلات القديمة وإلى الآن أحبها وأشاهدها. أما المسلسلات الجديدة لا أتحمس لها كثيراً.
كيف كانت بدايتك في العمل العقاري؟
- بعد أن استخرجت سجلاً لتخليص المعاملات في عام 1987، كان لدى خالي مكتب عقارات في المنامة «مؤسسة المنامة العقارية»، فكنت أزوره بين فترة وأخرى، علمني كيفية الشراء والبيع، فوجدت أن العمل في العقار متعة وعمل جميل، فزاد ولعي بتعلم الأصول في المكاتب العقارية في الرفاع، وتعلمت على يد كثير من الكبار، منهم: الشيخ علي بن راشد، ومحمد ناصر الكعبي، وفؤاد الساتر، وسعد العباد، وشبيب المطوع، وعبدالرحمن الرفاعي وغيرهم من جيل الرفاع الذين تعلمت منهم أصول العقار، كنت صغيراً أذهب لهم، وهم يرحبون بي.
أنا محظوظ بدأت في فترة فيها جيل المعلمين الكبار، وتعلمت منهم، إذ منحوني الثقة بأن أعطوني تسويق أراضي مخططات في الرفاع، وثقتهم كانت انطلاقتي نحو عالم العقار.
في أثناء انطلاقتي في الثانوية، كنت أدرس وأعمل، وعندما وصلت الجامعة، كنت أدرس في الجامعة وبعد انتهاء المحاضرة أذهب للدكاترة والأساتذة والموظفين الإداريين في الجامعة في مكاتبهم، وأعرض عليهم العقارات والمخططات، وكثير منهم اشتروا أراضي لبناء سكن لأسرهم.
كيف كان العمل العقاري؟
- كان العمل العقاري قديماً بسيطاً تبيع أرضاً أو بيتاً أو تؤجر دكاناً، ولم تكن هناك منتجات متنوعة مثل الآن كمنتجات المساحات المكتبية وشقق التمليك وأبراج وعمارات وغيرها من منتجات.
وفي السابق كل وسيط عقاري يعمل في حدود منطقته، من في الرفاع يعمل في منطقة الرفاع، ومن في المحرق يعمل في منطقة المحرق، وكذلك بالنسبة لباقي المناطق؛ لأن الوسطاء في ذلك الوقت غير متفرغين إذ يعملون في الصباح في القطاع العام أو الخاص، والعصر يمارسون مهنة الوساطة العقارية.
والزملاء في الرفاع يعملون في حدود الرفاع بنسبة 90%، وأنا أنطلقت من الرفاع إلى المناطق الأخرى كوني متفرغاً، وليس لدي التزام بأي جهة رسمية، فوسعت عملي في المنامة ثم المحرق، ما زاد من ثقتي وقدرتي على تحقيق النجاح، وكسب رضا وثقة العملاء في مختلف مناطق البحرين.
في المنامة تعرفت على محمد جاسم سند، وسعد السهلي، وحسن كمال، والمرحوم سيد مهدي، وسلمان الدلال وغيرهم من الجيل الذين تعلمت منهم في المنامة.
وفي المحرق تعلمت على يد جيل من المعلمين ومنهم العم أحمد سيف، وغازي عبدالله ومجموعة كبيرة، وكانت علاقتي بهم جداً جميلة.
أنا من الجيل الذي عاش مع الكبار، وللأسف لم يتم توثيق شيء عنهم، وبعضهم رحلوا، رحمة الله عليهم، وخطتي الآن هو العمل على توثيق أعمال العقاريين الكبار وخصوصاً الذين رحلوا، وذلك من خلال معرفتي بهم ومعرفة العقاريين بهم وكذلك من خلال أبنائهم، سأعمل على كتاب لتوثيق جيل المعلمين العقاريين، مثل المرحوم جاسم سند الذي كان من كبار العقاريين وله علاقات داخل البحرين وخارجها على مستوى الخليج.
ومهنة العقار من المهن القليلة التي فيها تعاون بين مكتب ومكتب، كان هناك تعاون بين المكاتب ومنفتحين بعضهم على بعض، والإخوان العقاريين أعطوني من خبرتهم ومعرفتهم، ومنحوني ثقتهم بتسويق أراض ومخططات، وأنا أعتز بهم ولهم كل الشكر والثناء.
ما هي أول معاملة عقارية عملتها؟
- أول معاملة عقارية كانت أرضاً في الرفاع، وكان سعر الأراضي في تلك الفترة بين 6 و7 آلاف دينار، والعمولة وفق القانون القديم 2% إذ كانت قيمة العقار أقل من 10 آلاف دينار، ونسبة 1% إذ كانت قيمة العقار أكثر من 10 آلاف دينار. وأول أرض بعتها بسعر 7 آلاف دينار، وكانت عمولتي 140 ديناراً، وهذا المبلغ في ذلك الزمان مشجع ويرفع الحماسة، وهذه العمولة كانت خيراً وبركة تأخذها وأنت فرحان ومسرور.
كيف كان العمل العقاري في شهر رمضان أيام لول؟
- أيام لول المكاتب العقارية في شهر رمضان كانت مجالس، وأغلب المكاتب العقارية في ذلك الوقت لديها مجلس، وكان العمل العقاري نشطاً في شهر رمضان، وكنت بعد صلاة التراويح أفتح المكتب، ويأتي أهل الفريج والأصدقاء وأصحاب العقارات والملاك ونتبادل الأحاديث، ومن يريد إنجاز معاملة ننجز له المعاملة، فهو مكتب ومجلس في نفس الوقت. والحياة جميلة طبيعتها تجعلك قريباً من الناس، وكنا نتعلم من المجالس في رمضان خصوصاً عند زيارة الشخصيات الكبيرة التي تفيض على الجميع بخبرتها ومعرفتها.
كانت المكاتب هي مجالس في رمضان، باستثناء ليالي العشرة الأواخر تكون مخصصة للعبادة.
اليوم العمل العقاري في رمضان اختلف، أسلوب الحياة تغير، حالياً أغلب المكاتب 90% منهم أصبحت رسمية أكثر، تعمل فترة دوام رسمي، بعدها لديها التزامات عائلية واجتماعية كزيارة المجالس الأهلية والشعبية.
اليوم زادت المجالس الشعبية، أنا دائم الحضور في المجالس الرمضانية، وبحكم معرفتي أزور كل المجالس في مختلف مناطق البحرين، وندعو الله أن تعود بعد انقطاعها بسبب «كورونا».
كما أن المجالس في الماضي تقتصر على المنطقة، فنحن في الرفاع نزور مجالس الرفاع، وكذلك بالنسبة لأهالي المحرق يزورون مجالس المحرق، وكذلك بالنسبة لباقي المناطق، أما اليوم فالزيارة تكون على مختلف مناطق البحرين، فأنا في الرفاع، ولكن أزور كل المجالس في مختلف مناطق البحرين، وهذا حال الكثيرين.
متى بدأ السوق العقاري في الارتفاع؟
- ابتدأت مرحلة ارتفاع الأسعار في السوق بعد حرب الخليج 1992، مثلاً كان لدي مخطط في المالكية وكنا نبيع سعر القدم المربع بـ500 فلس، وبعد 1995 الأسعار في نفس المخطط تضاعفت.
كانت مساحات الأراضي في المخططات 7 آلاف قدم مربع، وأنا بعت أرخص المخططات في ذلك الوقت، وحاولت إقناع الناس، أقول لهم اشتروا أرضاً بسعر 6 آلاف دينار و7 آلاف دينار، وبعد 3 سنوات سيتضاعف سعرها إلى 30 ألف دينار، بينما لو اشتريت سيارة تويوتا كريسيدا بـ6 آلاف دينار، فسعرها بعد 3 سنوات سينخفض إلى 4 آلاف دينار. كنت أقارن شراء الأرض بشراء أفضل سيارة في ذلك الوقت، ونصحت الكثير، فنحن كعقاريين في ذلك الوقت نعرف أن الأسعار ستشهد ارتفاعاً، والناس الذين اشتروا من المخططات التي كنا نسوقها استغنوا، والله يوفقهم ويبارك لهم.
بعت المخطط الأول في المالكية في فترة قياسية، ثم بعت مخططاً ثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً وسادساً في نفس المنطقة، وأعلى سعر بعناه في ذلك الوقت كان 1.5دينار للقدم المربع، لصالح مستثمرين ومواطنين وخليجيين، كسبنا ثقتهم.
كيف طورت من عملك؟
- كنت أحافظ على أن يكون العمل يسير وفق الطرق الرسمية، وعملت على خلق ثقافة العمل العقاري بشكل رسمي، بأن يكون لديك مكتب، وسجل رسمي معتمد من الدولة، وتمارس العمل بمهنية، وتعمل وفق دوام محدد. ونجحت في صناعة ثقافة لدى كثير من الإخوان للعمل بشكل رسمي بعد أن كانوا يعملون وفق الأسلوب القديم، فالجيل القديم كانت لديهم بطاقة دلالة وليس لديهم مكاتب.
فوفق القانون القديم، يمكن لأي شخص أن يعمل في الوساطة العقارية من خلال حصوله على بطاقة دلالة، حتى بدون مكتب.
فتح مكتب يساعدك على التطور والانتشار، وتعرفت على كثير من المكاتب العقارية في مختلف قرى البحرين ومنهم الحاج علي مشيمع صاحب عقارات الفرزدق، وهو والد حسن مشيمع صاحب عقارات غرناطة.
التعرف على المكاتب العقارية ساعدنا على التعرف على ناس لهم باع طويل في مجال التأجير في المنامة، فبدأنا إضافة نشاط التأجير إلى عملنا بعد أن كنا نقتصر على البيع، وفي فترة التسعينيات بدأنا تقديم استشارات وتثمين عقاري. وبادرت بتحديث عمل التثمين العقاري، وأنا من الأوائل الذين استخدموا التكنولوجيا في تقييم العقارات بهدف تطوير المهنة، ونقدم التقييم بالصور والخرائط.
وأول بنك عملت معه في مجال التقييم العقاري بنك البحرين الإسلامي، ثم باقي البنوك والشركات في البحرين. ثم عملت في تقديم الاستشارات والتقييم للجهات الحكومية.
العمل العقاري قديماً كان بسيطاً منحصر في بيع أو تأجير
مرحلة ارتفاع الأسعار بالسوق بدأت بعد حرب الخليج في 1992
كنت أدرس في الجامعة وأبيع العقارات على الأساتذة والمعلمين
عملت في تقديم الاستشارات والتقييم للجهات الحكومية
أنوي توثيق أعمال كبار العقاريين بكتاب يشمل جيل المعلمين
المسلسلات المصرية والكويتية هادفة وفيها كثير من العبر
علمه والده البيع والشراء عبر فتح برادة صغيرة في منزله عندما كان طفلاً، فكسب خبرة جعلته واحداً من كبار العقاريين في البحرين، أنه العقاري ناصر الأهلي الذي تربى وترعرع في الرفاع ومنها أنطلق إلى كل مناطق البحرين، وكانت أول عمولة عقارية حصل عليها 140 ديناراً عن بيع أرض بقيمة 7 آلاف دينار في الرفاع.
«الوطن» التقت الأهلي وتحدثت معه عن مسيرته منذ الطفولة وأبرز محطات حياته والتحديات التي واجهته، وفيما يأتي نص اللقاء:
حدثنا عن طفولتك ونشأتك؟
- ولدت عام 1966 في المنامة، وسكنت في أكثر من منطقة، بدءاً من المنامة، ثم الحد، ثم الخميس، وأخيراً انتهى بنا المطاف في الرفاع حيث استقررنا هناك.
درست الصف الأول والثاني الابتدائي في مدرسة الخميس، ثم انتقلنا إلى الرفاع، ودرست الثالث الابتدائي في مدرسة أحمد الفاتح، ثم مدرسة الرفاع الثانوية.
الوالد علمنا كثيراً من الأعمال منذ الصغر منها البيع، عمل لنا برادة صغيرة داخل البيت بالرفاع، ونبيع ونشتري أنا مع إخواني، وتعلمنا الأخذ والعطاء في مجال البيع والشراء، والإنسان عندما يتربى على العمل منذ الصغر يحقق كثيراً من النجاح، والحمد لله آباؤنا وأمهاتنا علمونا منذ الصغر كي نعتمد على أنفسنا في المستقبل. وعندما وصلت مرحلة الثانوية، في فترة الإجازة الصيفية عملت مخلصاً في مكاتب تخليص المعاملات وتعلمت الكثير منهم وإنجاز المعاملات، وفي صف الثالث الثانوي استخرجت سجلاً تجارياً للعمل في تخليص المعاملات.
متى بدأت الصيام؟
- بدأت الصيام عندما كنت في الصف الثالث الابتدائي وهي السنة الأولى التي سكنا فيها في الرفاع، وكانت البيئة الاجتماعية تساعد على الصيام، وليالي رمضان في الفرجان كانت مزدهرة وعامرة والناس كلهم أهل قريبين من بعضهم البعض، عندما كنا صغار كان رمضان بالنسبة لنا حياة خاصة جميلة تشعر فيها بالفرح والأنس والسعادة. كنا صغاراً نتجمع، بعد الفطور، ونذهب لمسجد بهزاد بالرفاع والآن يسمونه مسجد النور، نصلي صلاة العشاء، ثم صلاة التراويح، وبعدها نتجمع بالقرب من المنزل ونوفر الماء والشاي، ونلعب الكرة الطائرة وكرة القدم، وألعاب مختلفة ونضع تلفزيون في الهواء الطلق ونشاهد المسلسلات الهادفة والجميلة وكانت بسيطة وشعبية، ونجلس إلى أن يخرج المسحر ونمشي خلفه. هذا في ليالي رمضان من أول يوم حتى اليوم العشرين من رمضان، أما في العشرة الأواخر من رمضان فتكون مخصصة للعبادة.
كانت الحياة في رمضان بسيطة جداً، ولكنها في غاية الجمال ولها نكهة خاصة، واليوم تغيرت الأمور البعض يذهب إلى كوفي شوب، والبعض إلى أماكن ترفيهية، والبعض إلى مجالس.
بالنسبة لي أنا مازلت أحب الذهاب إلى المجالس القديمة والحديثة محافظ عليها، ولكن في فترة كورونا افتقدنا هذه المجالس، ونأمل أن تعود هذه المجالس فأنا أحبها للالتقاء بالناس والتعرف عليهم.
ومن مميزات العمل العقاري التعرف على الناس، وأنا أعتبر كل معرفة مكسباً، أي شخص أعرفه؛ فهو مكسب على أن أحافظ عليه.
هل شهدت بداية الكهرباء وظهور التلفزيون؟
- الحمد لله، الكهرباء كانت موجودة، والتلفزيون أيضاً كان موجوداً، فأنا لست من الجيل الذي عاش بدونها، لكن في ذلك الوقت ليس كل بيت كان يمتلك تلفزيوناً، وفي عام 1975 الوالد اشتر لنا تلفزيون «أبيض وأسود» وأنا من المحبين للمسلسلات والبرامج الهادفة.
ربما نحن شهدنا بداية المكيفات، في بداية حياتنا لم تكن هناك مكيفات، وكانت الأجواء نقية ولطيفة جداً، ولم يكن هناك تلوث، حيث ينام الناس فوق الأسطح.
ولكن مع التقدم التكنولوجي اختلف الوضع وازداد التلوث والتغير المناخي بسبب كثرة الأجهزة والالآت التي تصدر الحرارة والكربون وغيرها.
وبدأت الناس تشتري المكيفات مع تغير الحرارة، وأنا شهدت فترة دخول المكيفات إلى البحرين، وكانت «مكيفات ويندو».
ما هي المسلسلات التلفزيونية التي تحبها في ذلك الوقت؟
- كنت أحب التلفزيون، وأشاهد المسلسلات الكويتية والمصرية وكانت مسلسلات جميلة وهادفة وقصصها رائعة فيها كثير من العبر، وتقوم على روايات راقية لإحسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم، وحسين الصالح، وكذلك ممثلين كبار، مثل عبدالحسين عبدالرضا، وسعد الفرج، ومن مصر أمينة رزق، ومحمود المليجي، ومجموعة كبيرة من الممثلين الذين يتشجع المشاهد لرؤية أدوارهم في المسلسلات.
من المسلسلات الجميلة ليالي الحلمية، والشهد والدموع، ودرب الزلق، والأقدار، ومسلسل جحا، ومسلسلات يوسف شعبان، ورأفت الهجان، وأنا في المسلسلات العاطفية أتعاطف وأبكي، ونحن صغار لا نعلم أن هذه تمثيل نفكر أن المسلسل حقيقة، فنتعاطف ونبكي في المشاهد العاطفية والحزينة.
وكان تلفزيون البحرين كل ليلة خميس يعرض فلماً هندياً، وكنا نتابعه باستمتاع، كما يعرض تلفزيون البحرين في منتصف كل أسبوع أغاني أجنبية منها لفرقة بوني أم وفرقة آبا.
وكنت أميل أيضاً إلى المسلسلات التي فيها قصص بوليسية ومخابرات. بشكل عام أنا أحب المسلسلات القديمة وإلى الآن أحبها وأشاهدها. أما المسلسلات الجديدة لا أتحمس لها كثيراً.
كيف كانت بدايتك في العمل العقاري؟
- بعد أن استخرجت سجلاً لتخليص المعاملات في عام 1987، كان لدى خالي مكتب عقارات في المنامة «مؤسسة المنامة العقارية»، فكنت أزوره بين فترة وأخرى، علمني كيفية الشراء والبيع، فوجدت أن العمل في العقار متعة وعمل جميل، فزاد ولعي بتعلم الأصول في المكاتب العقارية في الرفاع، وتعلمت على يد كثير من الكبار، منهم: الشيخ علي بن راشد، ومحمد ناصر الكعبي، وفؤاد الساتر، وسعد العباد، وشبيب المطوع، وعبدالرحمن الرفاعي وغيرهم من جيل الرفاع الذين تعلمت منهم أصول العقار، كنت صغيراً أذهب لهم، وهم يرحبون بي.
أنا محظوظ بدأت في فترة فيها جيل المعلمين الكبار، وتعلمت منهم، إذ منحوني الثقة بأن أعطوني تسويق أراضي مخططات في الرفاع، وثقتهم كانت انطلاقتي نحو عالم العقار.
في أثناء انطلاقتي في الثانوية، كنت أدرس وأعمل، وعندما وصلت الجامعة، كنت أدرس في الجامعة وبعد انتهاء المحاضرة أذهب للدكاترة والأساتذة والموظفين الإداريين في الجامعة في مكاتبهم، وأعرض عليهم العقارات والمخططات، وكثير منهم اشتروا أراضي لبناء سكن لأسرهم.
كيف كان العمل العقاري؟
- كان العمل العقاري قديماً بسيطاً تبيع أرضاً أو بيتاً أو تؤجر دكاناً، ولم تكن هناك منتجات متنوعة مثل الآن كمنتجات المساحات المكتبية وشقق التمليك وأبراج وعمارات وغيرها من منتجات.
وفي السابق كل وسيط عقاري يعمل في حدود منطقته، من في الرفاع يعمل في منطقة الرفاع، ومن في المحرق يعمل في منطقة المحرق، وكذلك بالنسبة لباقي المناطق؛ لأن الوسطاء في ذلك الوقت غير متفرغين إذ يعملون في الصباح في القطاع العام أو الخاص، والعصر يمارسون مهنة الوساطة العقارية.
والزملاء في الرفاع يعملون في حدود الرفاع بنسبة 90%، وأنا أنطلقت من الرفاع إلى المناطق الأخرى كوني متفرغاً، وليس لدي التزام بأي جهة رسمية، فوسعت عملي في المنامة ثم المحرق، ما زاد من ثقتي وقدرتي على تحقيق النجاح، وكسب رضا وثقة العملاء في مختلف مناطق البحرين.
في المنامة تعرفت على محمد جاسم سند، وسعد السهلي، وحسن كمال، والمرحوم سيد مهدي، وسلمان الدلال وغيرهم من الجيل الذين تعلمت منهم في المنامة.
وفي المحرق تعلمت على يد جيل من المعلمين ومنهم العم أحمد سيف، وغازي عبدالله ومجموعة كبيرة، وكانت علاقتي بهم جداً جميلة.
أنا من الجيل الذي عاش مع الكبار، وللأسف لم يتم توثيق شيء عنهم، وبعضهم رحلوا، رحمة الله عليهم، وخطتي الآن هو العمل على توثيق أعمال العقاريين الكبار وخصوصاً الذين رحلوا، وذلك من خلال معرفتي بهم ومعرفة العقاريين بهم وكذلك من خلال أبنائهم، سأعمل على كتاب لتوثيق جيل المعلمين العقاريين، مثل المرحوم جاسم سند الذي كان من كبار العقاريين وله علاقات داخل البحرين وخارجها على مستوى الخليج.
ومهنة العقار من المهن القليلة التي فيها تعاون بين مكتب ومكتب، كان هناك تعاون بين المكاتب ومنفتحين بعضهم على بعض، والإخوان العقاريين أعطوني من خبرتهم ومعرفتهم، ومنحوني ثقتهم بتسويق أراض ومخططات، وأنا أعتز بهم ولهم كل الشكر والثناء.
ما هي أول معاملة عقارية عملتها؟
- أول معاملة عقارية كانت أرضاً في الرفاع، وكان سعر الأراضي في تلك الفترة بين 6 و7 آلاف دينار، والعمولة وفق القانون القديم 2% إذ كانت قيمة العقار أقل من 10 آلاف دينار، ونسبة 1% إذ كانت قيمة العقار أكثر من 10 آلاف دينار. وأول أرض بعتها بسعر 7 آلاف دينار، وكانت عمولتي 140 ديناراً، وهذا المبلغ في ذلك الزمان مشجع ويرفع الحماسة، وهذه العمولة كانت خيراً وبركة تأخذها وأنت فرحان ومسرور.
كيف كان العمل العقاري في شهر رمضان أيام لول؟
- أيام لول المكاتب العقارية في شهر رمضان كانت مجالس، وأغلب المكاتب العقارية في ذلك الوقت لديها مجلس، وكان العمل العقاري نشطاً في شهر رمضان، وكنت بعد صلاة التراويح أفتح المكتب، ويأتي أهل الفريج والأصدقاء وأصحاب العقارات والملاك ونتبادل الأحاديث، ومن يريد إنجاز معاملة ننجز له المعاملة، فهو مكتب ومجلس في نفس الوقت. والحياة جميلة طبيعتها تجعلك قريباً من الناس، وكنا نتعلم من المجالس في رمضان خصوصاً عند زيارة الشخصيات الكبيرة التي تفيض على الجميع بخبرتها ومعرفتها.
كانت المكاتب هي مجالس في رمضان، باستثناء ليالي العشرة الأواخر تكون مخصصة للعبادة.
اليوم العمل العقاري في رمضان اختلف، أسلوب الحياة تغير، حالياً أغلب المكاتب 90% منهم أصبحت رسمية أكثر، تعمل فترة دوام رسمي، بعدها لديها التزامات عائلية واجتماعية كزيارة المجالس الأهلية والشعبية.
اليوم زادت المجالس الشعبية، أنا دائم الحضور في المجالس الرمضانية، وبحكم معرفتي أزور كل المجالس في مختلف مناطق البحرين، وندعو الله أن تعود بعد انقطاعها بسبب «كورونا».
كما أن المجالس في الماضي تقتصر على المنطقة، فنحن في الرفاع نزور مجالس الرفاع، وكذلك بالنسبة لأهالي المحرق يزورون مجالس المحرق، وكذلك بالنسبة لباقي المناطق، أما اليوم فالزيارة تكون على مختلف مناطق البحرين، فأنا في الرفاع، ولكن أزور كل المجالس في مختلف مناطق البحرين، وهذا حال الكثيرين.
متى بدأ السوق العقاري في الارتفاع؟
- ابتدأت مرحلة ارتفاع الأسعار في السوق بعد حرب الخليج 1992، مثلاً كان لدي مخطط في المالكية وكنا نبيع سعر القدم المربع بـ500 فلس، وبعد 1995 الأسعار في نفس المخطط تضاعفت.
كانت مساحات الأراضي في المخططات 7 آلاف قدم مربع، وأنا بعت أرخص المخططات في ذلك الوقت، وحاولت إقناع الناس، أقول لهم اشتروا أرضاً بسعر 6 آلاف دينار و7 آلاف دينار، وبعد 3 سنوات سيتضاعف سعرها إلى 30 ألف دينار، بينما لو اشتريت سيارة تويوتا كريسيدا بـ6 آلاف دينار، فسعرها بعد 3 سنوات سينخفض إلى 4 آلاف دينار. كنت أقارن شراء الأرض بشراء أفضل سيارة في ذلك الوقت، ونصحت الكثير، فنحن كعقاريين في ذلك الوقت نعرف أن الأسعار ستشهد ارتفاعاً، والناس الذين اشتروا من المخططات التي كنا نسوقها استغنوا، والله يوفقهم ويبارك لهم.
بعت المخطط الأول في المالكية في فترة قياسية، ثم بعت مخططاً ثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً وسادساً في نفس المنطقة، وأعلى سعر بعناه في ذلك الوقت كان 1.5دينار للقدم المربع، لصالح مستثمرين ومواطنين وخليجيين، كسبنا ثقتهم.
كيف طورت من عملك؟
- كنت أحافظ على أن يكون العمل يسير وفق الطرق الرسمية، وعملت على خلق ثقافة العمل العقاري بشكل رسمي، بأن يكون لديك مكتب، وسجل رسمي معتمد من الدولة، وتمارس العمل بمهنية، وتعمل وفق دوام محدد. ونجحت في صناعة ثقافة لدى كثير من الإخوان للعمل بشكل رسمي بعد أن كانوا يعملون وفق الأسلوب القديم، فالجيل القديم كانت لديهم بطاقة دلالة وليس لديهم مكاتب.
فوفق القانون القديم، يمكن لأي شخص أن يعمل في الوساطة العقارية من خلال حصوله على بطاقة دلالة، حتى بدون مكتب.
فتح مكتب يساعدك على التطور والانتشار، وتعرفت على كثير من المكاتب العقارية في مختلف قرى البحرين ومنهم الحاج علي مشيمع صاحب عقارات الفرزدق، وهو والد حسن مشيمع صاحب عقارات غرناطة.
التعرف على المكاتب العقارية ساعدنا على التعرف على ناس لهم باع طويل في مجال التأجير في المنامة، فبدأنا إضافة نشاط التأجير إلى عملنا بعد أن كنا نقتصر على البيع، وفي فترة التسعينيات بدأنا تقديم استشارات وتثمين عقاري. وبادرت بتحديث عمل التثمين العقاري، وأنا من الأوائل الذين استخدموا التكنولوجيا في تقييم العقارات بهدف تطوير المهنة، ونقدم التقييم بالصور والخرائط.
وأول بنك عملت معه في مجال التقييم العقاري بنك البحرين الإسلامي، ثم باقي البنوك والشركات في البحرين. ثم عملت في تقديم الاستشارات والتقييم للجهات الحكومية.