الرأي

الدراما الرمضانية.. إثارة وانتقادات قبل العرض

كعادة كل عام، تثير الأعمال الدرامية الرمضانية التي تعرض على الشاشات العربية جدلاً واسعاً بين النقاد والمتابعين، وحتى غير المختصين، بعض هذه الآراء تبنى على قواعد وأسس مهنية وفنية بحتة، فيما تغرد أخرى في سياقات دينية واجتماعية وثقافية، وصولاً إلى الشعبوية التي تميل إلى قبول أو رفض مطلق دون بينة أو قاعدة واضحة، انسجاماً مع ثقافة القطيع وتوجهات الأغلبية أو على الأقل أصحاب الأصوات العالية.

الغريب في الأمر أن كثيراً من هذه الآراء "الشعبوية" تتشكل في وقت مبكر جداً، حتى قبل عرض العمل أو حتى الإعلان عنه، بناء على تسريبات إعلامية أو مشاهد سريعة لا تتجاوز عدة ثوانٍ، وتكون في الأغلب مجتزأة وغير معبرة عن حقيقة العمل أو تفاصيله أو سير أحداثه، وقد يكون الرأي المتشكل مرتبطاً فقط باسم المسلسل أو أحد أبطاله أو صانعيه.

وشكل أحد المسلسلات الخليجية المثال الأكثر وضوحاً على ما ذكرت آنفاً، فمنذ اللحظات الأولى للإعلان عنه جوبه بموجة من الانتقادات على أكثر من صعيد، اجتماعي وديني وثقافي، بل وصل الأمر إلى دخول شخصيات رسمية وسياسية على خط الانتقادات، في محاولة للتماهي مع موجة الانتقاد والمعارضة الشعبوية، حتى قبل عرض أولى حلقاته، ناهيك عن الخروج عن الذوق العام والتنمر وتوجيه الاتهامات لطاقم العمل، إضافة لاستخدام عبارات عنصرية وجارحة ليس لها محل في ثقافة منفتحة ومتسامحة.

شخصياً لست مع أو ضد أي عمل درامي مما يعرض على الشاشة حالياً لأسباب كثيرة، قد يكون أهمها أن الأعمال لا تزال في بداياتها ومن غير المنصف أن تكون موضع تقييم الآن، إضافة إلى أنني لست متخصصة في النقد الدرامي، فما أنا إلا متابعة مثل ملايين الأشخاص أمام الشاشات، أتفاعل مع القصة الجيدة والأحداث المتماسكة والأداء المقنع، وما يمكن أن تتركه من قيمة وأثر اجتماعي لدى المشاهد.

وبشكل عام فإن كثيراً من القضايا التي تطرحها الدراما، سواء الخليجية أو العربية، تكون مرتبطة بأحداث وتفاصيل حقيقية موجودة في المجتمع، قد تكون حساسة أو غربية أو مستهجنة من قبل البعض أو مسكوت عليها لاعتبارات كثيرة، إلا أنها حقيقية لا يمكننا تجاهلها أو غض النظر عنها.

وأخيراً.. فإن الحديث عن المسكوت عنه أو المستهجن اجتماعياً من خلال الدراما، قد يساهم في حلحلة ملفات وقضايا تعاني منها فئة لا بأس بها، وقد تساهم في زرع قيم إيجابية مستقبلاً، وهو ما جسده المسلسل التلفزيوني المصري "ليه لأ" تحديداً في الجزء الثاني رمضان الماضي، عندما حرك المياه الراكدة في موضوع رعاية الأطفال الأيتام ومجهولي الأب.