في قصة حقيقية حصلت معي، تعود بي الذاكرة إلى أول محاضرة في برنامج الماجستير، إذ دخل أستاذ مقرر التاريخ وطلب منا أن نتخيل أنفسنا مروحة، وأن نكتب عن شعورنا!!
ضحك الجميع، وبعضهم تساءل علناً «دكتور!! من صجك، أي، اتتحدث بجد؟؟».
رمق الأستاذ هذا الطالب بنظرة جعلته يتعلثم.
بدأ الجميع بالضحك والاستهزاء بفكرة الأستاذ. حتى أنا ضحكت بطريقة هستيرية؛ فلقد نقلني خيالي إلى أنني تخيلت نفسي مروحة، وتحديداً مروحة سقف، وتخيلت أن أهل البيت الذين أتواجد فيه يقومون بزيادة سرعتي تارة، وتقليلها تارة أخرى، وشعرت بالإجهاد. نقلت أفكاري إلى الأستاذ، فما كان إلا أن ارتفعت ضحكات باقي الزملاء على خيالي الواسع، ونصحوني أحدهم بألا أنغمس وأندفع وراء أفكار الأستاذ المجنونة. ولمن يهمه الأمر فإن بعض الطلبة قدموا شكوى رسمية ضد الأستاذ حول هذا التصرف، واستجابت الجامعة للشكوى.
بعد ذهابي إلى المنزل سألت ابن أختي سلمان، الذي كان لا يتجاوز من العمر آنذاك سبع سنوات نفس السؤال، وقلت له تخيل أنك مروحة، وأخبرني عن شعورك؟ ودونما أي تأخير تغيرت ملامحه إلى ملامح حزينة قائلاً: أنا كمروحة سأكون حزيناً جداً؛ فالمكيف يهددني، سمعت زوجة رب البيت تقول له أن يتخلى عني لأنني أسبب لها جفافاً في الأنف، وأخشى أن ينصاع لأمرها. أنا حزين لأنني أصبحت أداة قديمة لم يدخل عليها التطوير والتحديث، أخشى أن أفقد قيمتي ويرمونني في الشارع فأصبح خردة تتحول أجزائي إلى أشياء أخرى»!!
كنت أنظر إليه وأنا في غاية الذهول!! أهذا هو التفكير الإبداعي الذي لم نتربَ عليه!!! أهذا هو الذي يخلق العلماء، والمفكرين، والمبدعين!! أهذا الذي منعونا عنه بحجة «خلك واقعي»!!
منذ لك الحين وأنا أؤمن بالتفكير الإبداعي، لن أقول التفكير خارج الصندوق لأنني لا أؤمن بالصناديق التي تحد التفكير والإبداع.
في الدورات التدريبية المختلفة التي أقدمها داخل البحرين وخارجها، أجد تفاوتاً في قبول الأفكار الإبداعية، أذكر مرة أنني طلبت من المتدربين أن يتخيلوا أنفسهم الشخص الأول في المؤسسة التي يعملون فيها. بعضهم انتابهم الرعب من مجرد الفكرة نفسها، بعضهم يقول لي علانية «مستحيل هالشي يصير» بمعنى «أن الفكرة أكبر من يتحملها عقلي»!! من المسؤول عن ذلك؟؟
رأيي المتواضع
أتفرض علينا البيئة أن نتخلى عن الإبداع؟؟ أتعني الواقعية ألا نحلق بأفكارنا بعيداً عن الواقع؟؟ هل نعتقد أن مخترع شبكة الإنترنت العالمية، أو الهاتف الذكي لو فكر بواقعية لما ظهر لنا هذا الاختراع الذي غير مجرى البشرية!! هل فكرنا في إدخال مهارة الإبداع في مناهجنا الدراسية؟ هل هناك جزء من اليوم الدراسي للتأمل مثلاً؟؟ هل هناك عصف ذهني للطلبة حول موضوع يهمهم؟؟ هل فكرنا بأن نقيم «هاكثون» لطلبة المدارس في المراحل المختلفة لنستمع إلى أفكارهم؟ لربما تخرج لنا فكرة تغير مجرى واقعنا إلى الأفضل.
أوجه السؤال إلى المختصين لعلي أجد إجابة شافية عندهم؟
ضحك الجميع، وبعضهم تساءل علناً «دكتور!! من صجك، أي، اتتحدث بجد؟؟».
رمق الأستاذ هذا الطالب بنظرة جعلته يتعلثم.
بدأ الجميع بالضحك والاستهزاء بفكرة الأستاذ. حتى أنا ضحكت بطريقة هستيرية؛ فلقد نقلني خيالي إلى أنني تخيلت نفسي مروحة، وتحديداً مروحة سقف، وتخيلت أن أهل البيت الذين أتواجد فيه يقومون بزيادة سرعتي تارة، وتقليلها تارة أخرى، وشعرت بالإجهاد. نقلت أفكاري إلى الأستاذ، فما كان إلا أن ارتفعت ضحكات باقي الزملاء على خيالي الواسع، ونصحوني أحدهم بألا أنغمس وأندفع وراء أفكار الأستاذ المجنونة. ولمن يهمه الأمر فإن بعض الطلبة قدموا شكوى رسمية ضد الأستاذ حول هذا التصرف، واستجابت الجامعة للشكوى.
بعد ذهابي إلى المنزل سألت ابن أختي سلمان، الذي كان لا يتجاوز من العمر آنذاك سبع سنوات نفس السؤال، وقلت له تخيل أنك مروحة، وأخبرني عن شعورك؟ ودونما أي تأخير تغيرت ملامحه إلى ملامح حزينة قائلاً: أنا كمروحة سأكون حزيناً جداً؛ فالمكيف يهددني، سمعت زوجة رب البيت تقول له أن يتخلى عني لأنني أسبب لها جفافاً في الأنف، وأخشى أن ينصاع لأمرها. أنا حزين لأنني أصبحت أداة قديمة لم يدخل عليها التطوير والتحديث، أخشى أن أفقد قيمتي ويرمونني في الشارع فأصبح خردة تتحول أجزائي إلى أشياء أخرى»!!
كنت أنظر إليه وأنا في غاية الذهول!! أهذا هو التفكير الإبداعي الذي لم نتربَ عليه!!! أهذا هو الذي يخلق العلماء، والمفكرين، والمبدعين!! أهذا الذي منعونا عنه بحجة «خلك واقعي»!!
منذ لك الحين وأنا أؤمن بالتفكير الإبداعي، لن أقول التفكير خارج الصندوق لأنني لا أؤمن بالصناديق التي تحد التفكير والإبداع.
في الدورات التدريبية المختلفة التي أقدمها داخل البحرين وخارجها، أجد تفاوتاً في قبول الأفكار الإبداعية، أذكر مرة أنني طلبت من المتدربين أن يتخيلوا أنفسهم الشخص الأول في المؤسسة التي يعملون فيها. بعضهم انتابهم الرعب من مجرد الفكرة نفسها، بعضهم يقول لي علانية «مستحيل هالشي يصير» بمعنى «أن الفكرة أكبر من يتحملها عقلي»!! من المسؤول عن ذلك؟؟
رأيي المتواضع
أتفرض علينا البيئة أن نتخلى عن الإبداع؟؟ أتعني الواقعية ألا نحلق بأفكارنا بعيداً عن الواقع؟؟ هل نعتقد أن مخترع شبكة الإنترنت العالمية، أو الهاتف الذكي لو فكر بواقعية لما ظهر لنا هذا الاختراع الذي غير مجرى البشرية!! هل فكرنا في إدخال مهارة الإبداع في مناهجنا الدراسية؟ هل هناك جزء من اليوم الدراسي للتأمل مثلاً؟؟ هل هناك عصف ذهني للطلبة حول موضوع يهمهم؟؟ هل فكرنا بأن نقيم «هاكثون» لطلبة المدارس في المراحل المختلفة لنستمع إلى أفكارهم؟ لربما تخرج لنا فكرة تغير مجرى واقعنا إلى الأفضل.
أوجه السؤال إلى المختصين لعلي أجد إجابة شافية عندهم؟