أيمن شكل
غازي: عرفت العوفي ربع قرن فما رأيته إلا مدافعاً عن الحق ومنتصراً للعدل
جميلة سلمان: زاملت الراحل بالجامعة وعرفته دمث الخلق متعاوناً صاحب عقلية فذة
الذكير: العوفي إنسان أفنى حياته في محراب العدالة
غنيم: الراحل صاحب سيرة عطرة وجهود محمودة في خدمة القانون
نعى محامون الراحل المستشار أسامة العوفي رحمه الله، بعد أن رحل عن الدنيا، مشيرين إلى أنهم فقدوا قامة قانونية فذة ومحارباً شجاعاً في محراب العدالة.
فقد رحل العوفي عن عالم العدالة، فهو رجل عرفته البحرين بابتسامته الهادئة التي لم تفارق جل صوره على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي الإنستغرام، وعلى الرغم من منصبه الأخير كرئيس للتفتيش القضائي في المجلس الأعلى للقضاء إلا أنه كان بسيطاً لأقصى حدود الإنسانية.
ويذكر أهل القانون أن العوفي كان أحد مؤسسي النيابة العامة منذ بدايتها، وأسهم في اختيار الدفعة الأولى من أعضاء النيابة خلال الاختبارات التي أجريت للمتقدمين آنذاك، والذين أصبحوا اليوم من أعمدة النيابة العامة في العمل القضائي.
وكان العوفي يعتبر نفسه أحد حصون الدفاع عن البحرين، حيث وقف في ساحات القضاء يقدم الأدلة والأسانيد على متهمين أجرموا في حق الوطن، وتخابروا مع جهات أجنبية، وكانت مرافعاته ذات صدى واسع سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
وحول ذكرياته معه قال عضو الشورى السابق المحامي فريد غازي: «إن العلاقة ممتدة لقرابة ربع قرن من الزمن حيث عرفه خلال عمله في الادعاء العام بوزارة الداخلية وقبل إنشاء النيابة العامة والتي تم تدشينها في عام 2003، لتبدأ العلاقة أكثر من خلال العمل القانوني والحضور مع الموكلين في التحقيقات أو عند الترافع عنهم أمام المحكمة حيث كان خصماً شريفاً وممثلاً حقيقياً للنائب العام».
وأكد غازي أن المغفور له بإذن الله تعالى، كانت له آراء جنائية معتبرة ويحترمها الجميع، ويدافع عن حق المجتمع داخل المحاكم بشراسة وتجده متجهماً داخل المحكمة، لكن هذه التعبيرات سرعان ما تتلاشى بعد خروجه من قاعة المحكمة لتظهر مكانها ابتسامة عريضة لا تفارق محياه.
وأكد الشوري السابق، أن المغفور له بإذن الله تعالى، كان يتمتع بأريحية وقدرة على سماع الآخرين حتى ينتهوا من الكلام دون ملل أو تذمر، ويظهر اهتمامه بكل إنسان يلجأ إليه ولو كان صغيراً، وحين يعمل على إحدى القضايا، نجده حريصاً على أن يستظهر كافة جوانبها ويدرسها بشكل متقن ليضع في النهاية مرافعته التي تستنطق الحكم الصائب الذي يسعى إليه من خلال خلاصات تحقيقاته.
وأشار غازي إلى أن المحامين عادة هم شركاء القضاة وأعضاء النيابة في تحقيق العدالة، لافتاً إلى أن المغفور له كان لصيقاً بالمحامين أكثر من أي شخص آخر، حيث لا يغادر المحكمة بعد انتهاء الجلسات، قبل أن يلتقي بالزملاء الذين كانوا خصوماً منذ لحظات ليتناقش معهم في التفاصيل ويستمع إليهم ويحاول تقصي الحقائق ولو كانت مخالفة لما خلص إليه في التحقيقات، وقال إن ذلك يمثل نزاهة الخصم المتعارف عليها في عمل النيابة العامة المعروفة بأنها الخصم الشريف.
وأضاف غازي: «بشكل عام كان المستشار أسامة العوفي رحمة الله عليه بالنسبة لنا مرجعاً عندما تتعذر المعلومات حول أي قضية، وظهر ذلك كثيراً في اجتماعات المحامين مع أعضاء النيابة وعلى رأسهم الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام، وقد كان العوفي طوال 25 سنة ممثل النيابة المتعاون والقوي في جانب الحق والودود المرحب بالمحامين باعتبارهم القضاء الواقف وزملاء العدالة، وقد كان يعلم ويعي بحكم وعيه القانوني الكبير بأهمية وجود المحامي، وتناضل الطرفين في أروقة المحاكم بما يثري العمل القانوني والحقوقي، وأكد أنه كان يملك رؤية واضحة للحاضر والمستقبل القانوني بصبره وخبرته التي تشكلت من واقع عملي ممتد لزمن طويل».
وأشار إلى علاقته الشخصية بعائلة العوفي وقال إن تلك العائلة أفرزت شخصيات وطنية بارزة، وكان المستشار أسامة أحد تلك الرجالات الذين دافعوا عن البحرين في قضايا كبيرة. وقال: «كان آخر لقاء معه حين كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء المحامين وهم سعد الشملان وطارق المحرقي في أحد المقاهي وهو يمر بمنطقة الرفاع وإذ بنا ننخرط معه في جلسة ترفيهية بين الزملاء حول ما يتعلق بالمهنة وشؤون المحاماة والقانون والمحاكم».
وأضاف: «فجع المحامون بنبأ وفاته الذي نزل صاعقاً على الزملاء لأنه خسارة كبيرة لقطاع المحامين وللنيابة العامة، ولكن نحن نؤمن بإرادة ولا يسعنا إلا أن ندعو الله تعالى أن يجعل مثواه الجنة وأن يلهم أهله الصبر والسلوان».
وتذكر عضو مجلس الشورى المحامية جميلة علي سلمان أيام الدراسة في جامعة القاهرة وحين كان المغفور له بإذن الله تعالى زميلاً في كلية الحقوق.
وقالت: «إن كل الزملاء حينها كانوا يشهدون له بالانضباط وحبه للدراسة وتعاونه مع زملائه، خاصة وأنه كان يمتلك عقلية قانونية فذة وكان شخصاً متميزاً بين جميع الطلبة».
وبعد التخرج تواصل تعامل سلمان مع العوفي في الادعاء العام، وحين كان زميلاً لزوجها الراحل الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية اللواء محمد بوحمود.
وقالت: «إنه كان يعتمد عليه في كثير من الأمور القانونية لذكائه القانوني وتميزه، واعتبره رجل المهمات الصعبة، وإلى أن انتقل بعد ذلك إلى النيابة العامة حين تم تأسيسها في العام 2003، وتدرج في مناصبها ليصل إلى محامٍ عام ورئيس للتفتيش القضائي».
وأكدت سلمان، أن العوفي لم يكن يوماً خصماً للمحامين، بل كان زميلاً يلتقي بزملائه في حقل العمل القضائي ويمارس دوره باحترافية ويقدم للجميع يد العون، وكان أهم ما يميزه في التعامل مع المحامين هو تمتعه بمرونة كبيرة، كما أن توجيهاته وملاحظاته كانت تساعد المحامين كثيراً.
وقالت: «لا أذكر أن لجأنا إليه في موضوع إلا وقدم لنا كل الدعم والمساندة، ولم يكن ذلك مقتصراً على المحامين والزملاء، بل إن أي إنسان يلجأ له حتى من خارج مجال العمل تجده مسانداً وداعماً، وأعتبر شهادتي فيه مجروحة لأني كنت أعتبره واحداً من أشقائي».
ووصفت عضو الشورى حالتها حين علمت بخبر وفاته، قائلة «إنها لم تصدق الخبر الذي كان في وقت متأخر وبدأت تبحث في كافة المواقع عن تكذيب له، متمنية أن يكون غير صحيح، وبينما كانت تحاول ذلك، لم تتمكن من إمساك دموعها التي انهمرت، بعدما استرجعت آخر ذكرى اتصال بينهما حين أرسل لها مقطع فيديو عن أيام الدراسة في القاهرة.
وأكد المحامي حمد الذكير، أن الفقيد رجل قانون من طراز نادر، يمتلك الفطنة والبديهة والحضور الذهني بفكر منفتح وقلب كبير يحمل الحب والتقدير للجميع لدرجة أنه في المحاكم كانت بديهته في أصعب القضايا حاضرة إلى جانب الفراسة والفطنة والحضور الذهني، مشيراً إلى أن المجتمع القانوني فقد قيمة قانونية كبيرة وصوتاً جريئاً في الحق، وشخصية اجتماعية محبوبة وصادقة، وبصمة بحرينية راسخة.
وأضاف أنه على الرغم من أن الذكريات التي تجمعه بالراحل قليلة لكنه ترك أثراً بالغاً في نفسه بدماثة الخلق والمعاملة المتسمة بالاحترام وطيبة المعشر، لافتاً إلى أنه كان متعاوناً إلى أبعد الحدود متواضعاً مع الجميع على الرغم من منصبه كمسؤول كبير في النيابة، تجده دوماً صاغياً باهتمام للأحاديث والمناقشات سواء في القانون أو أي علوم أخرى، فهو مثلاً نحتذي به في التعامل والتعاون مع الناس مهما ارتفع شأننا.
وتابع الذكير بالقول: «إنه التقى الراحل المستشار أسامة العوفي في بعض المؤتمرات المتعلقة بالمجال القانوني فما رأيت منه إلا الجدية وحب القانون وشغف العلوم والأدب، ولعل من حسن حظي أن أتخرج من ذات الجامعة التي تخرج منها هذا القاضي الجليل صاحب السيرة العطرة والتاريخ الكبير في علوم القانون، حيث علمت بعد وافته رحمه الله أنه تخرج من حقوق القاهرة وهي ذات الجامعة التي تخرجت منها».
فيما استذكر المحامي عبدالرحمن غنيم، ما كان للراحل من سيرة عطرة وجهود محمودة إذ أفنى الفقيد حياته في خدمة العدالة، وكان مثالاً يحتذى به لرجل القانون، كما كان الراحل باراً بالوطن وصاحب يد بيضاء في شتى مجالات الحياة وكانت له مكانته العلمية، ورؤيته الثاقبة، وقدراته المتميزة والناجحة، مضيفاً أن الراحل جسّد مفهوم رجل العدالة بكل ما تحمله من معاني الجدية والحزم مع الرأفة والرحمة.
ولفت إلى أن خبر وفاة الراحل أسامة العوفي عليه رحمه الله كان مفجعاً على الأسرة القانونية ليس فقط في البحرين ولكن بين كل من تعامل معه وعرفه عن قرب من رجال القانون في مختلف دولنا العربية، حيث انفطرت القلوب واكتست الصدور والوجوه بالحزن، لا مهرب ولا مفر من قدر الله، واليوم ننعي العوفي الذي عرفته رجلاً من خيرة الرجال وأنبلهم فهو من الذين آمنوا بمبدأ تحقيق العدالة ووهب نفسه لتحقيق هذا المبدأ، وكان في عمله مثالاً لرجل النيابة العادل، أما لوطنه فقد كان محباً ومخلصاً ولقد افتقدنا برحيله رجلاً قل أن يجود به الزمان.
المحامي سعد الشملان، أكد أن أسامة العوفي رحمه الله كان رجل عدل بدرجة إنسان، وقامة قانونية رفيعة المستوى إلى حد الاحتراف، ومثقفاً إلى حد الذهول، رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما ترك من سيرة طيبة ومواقف لا تنسى، فقد عرفته عادلاً وحازماً ومرناً يحب العدل والإنصاف ويكره الظلم ويبغضه، منوهاً أنه برحيل العوفي فقد الصديق العزيز القريب من الروح والنفس صاحب الصفات التي قلّما تجتمع في شخص واحد. وأضاف قائلاً: «عرفت العوفي حينما كنت أعمل في سلك القضاء وهو يعمل في الادعاء العام قبل انتقاله مع تأسيس النيابة العامة في مملكة البحرين إلى العمل النيابي، لامست فيه العدالة والمرونة وحب تطبيق القانون بروح القانون لا بالنصوص، وكان يعمل بأمانة وشرف». ولفت إلى أن العلاقة التي جمعته بالعوفي استمرت إلى أن وافته المنية، داعياً المولى عز وجل أن يغفر له ويرحمه وأن يرزقه الفردوس الأعلى، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
فيما أكدت الرئيس السابق لجمعية المحامين البحرينية والأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب هدى المهزع، أن الراحل كان من رجال القانون الأفذاذ، والذي ترك بصمة داخل النيابة العامة في البحرين بما كرسه من منهجية في العمل وتعاطٍ مع هموم وأوجاع أصحاب القضايا، فضلاً عن دوره الكبير في تكوين علاقة متكاملة مع المحامين لتحقيق العدالة بكل مفاهيمها وطرقها، داعين الله عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته.
غازي: عرفت العوفي ربع قرن فما رأيته إلا مدافعاً عن الحق ومنتصراً للعدل
جميلة سلمان: زاملت الراحل بالجامعة وعرفته دمث الخلق متعاوناً صاحب عقلية فذة
الذكير: العوفي إنسان أفنى حياته في محراب العدالة
غنيم: الراحل صاحب سيرة عطرة وجهود محمودة في خدمة القانون
نعى محامون الراحل المستشار أسامة العوفي رحمه الله، بعد أن رحل عن الدنيا، مشيرين إلى أنهم فقدوا قامة قانونية فذة ومحارباً شجاعاً في محراب العدالة.
فقد رحل العوفي عن عالم العدالة، فهو رجل عرفته البحرين بابتسامته الهادئة التي لم تفارق جل صوره على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي الإنستغرام، وعلى الرغم من منصبه الأخير كرئيس للتفتيش القضائي في المجلس الأعلى للقضاء إلا أنه كان بسيطاً لأقصى حدود الإنسانية.
ويذكر أهل القانون أن العوفي كان أحد مؤسسي النيابة العامة منذ بدايتها، وأسهم في اختيار الدفعة الأولى من أعضاء النيابة خلال الاختبارات التي أجريت للمتقدمين آنذاك، والذين أصبحوا اليوم من أعمدة النيابة العامة في العمل القضائي.
وكان العوفي يعتبر نفسه أحد حصون الدفاع عن البحرين، حيث وقف في ساحات القضاء يقدم الأدلة والأسانيد على متهمين أجرموا في حق الوطن، وتخابروا مع جهات أجنبية، وكانت مرافعاته ذات صدى واسع سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
وحول ذكرياته معه قال عضو الشورى السابق المحامي فريد غازي: «إن العلاقة ممتدة لقرابة ربع قرن من الزمن حيث عرفه خلال عمله في الادعاء العام بوزارة الداخلية وقبل إنشاء النيابة العامة والتي تم تدشينها في عام 2003، لتبدأ العلاقة أكثر من خلال العمل القانوني والحضور مع الموكلين في التحقيقات أو عند الترافع عنهم أمام المحكمة حيث كان خصماً شريفاً وممثلاً حقيقياً للنائب العام».
وأكد غازي أن المغفور له بإذن الله تعالى، كانت له آراء جنائية معتبرة ويحترمها الجميع، ويدافع عن حق المجتمع داخل المحاكم بشراسة وتجده متجهماً داخل المحكمة، لكن هذه التعبيرات سرعان ما تتلاشى بعد خروجه من قاعة المحكمة لتظهر مكانها ابتسامة عريضة لا تفارق محياه.
وأكد الشوري السابق، أن المغفور له بإذن الله تعالى، كان يتمتع بأريحية وقدرة على سماع الآخرين حتى ينتهوا من الكلام دون ملل أو تذمر، ويظهر اهتمامه بكل إنسان يلجأ إليه ولو كان صغيراً، وحين يعمل على إحدى القضايا، نجده حريصاً على أن يستظهر كافة جوانبها ويدرسها بشكل متقن ليضع في النهاية مرافعته التي تستنطق الحكم الصائب الذي يسعى إليه من خلال خلاصات تحقيقاته.
وأشار غازي إلى أن المحامين عادة هم شركاء القضاة وأعضاء النيابة في تحقيق العدالة، لافتاً إلى أن المغفور له كان لصيقاً بالمحامين أكثر من أي شخص آخر، حيث لا يغادر المحكمة بعد انتهاء الجلسات، قبل أن يلتقي بالزملاء الذين كانوا خصوماً منذ لحظات ليتناقش معهم في التفاصيل ويستمع إليهم ويحاول تقصي الحقائق ولو كانت مخالفة لما خلص إليه في التحقيقات، وقال إن ذلك يمثل نزاهة الخصم المتعارف عليها في عمل النيابة العامة المعروفة بأنها الخصم الشريف.
وأضاف غازي: «بشكل عام كان المستشار أسامة العوفي رحمة الله عليه بالنسبة لنا مرجعاً عندما تتعذر المعلومات حول أي قضية، وظهر ذلك كثيراً في اجتماعات المحامين مع أعضاء النيابة وعلى رأسهم الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام، وقد كان العوفي طوال 25 سنة ممثل النيابة المتعاون والقوي في جانب الحق والودود المرحب بالمحامين باعتبارهم القضاء الواقف وزملاء العدالة، وقد كان يعلم ويعي بحكم وعيه القانوني الكبير بأهمية وجود المحامي، وتناضل الطرفين في أروقة المحاكم بما يثري العمل القانوني والحقوقي، وأكد أنه كان يملك رؤية واضحة للحاضر والمستقبل القانوني بصبره وخبرته التي تشكلت من واقع عملي ممتد لزمن طويل».
وأشار إلى علاقته الشخصية بعائلة العوفي وقال إن تلك العائلة أفرزت شخصيات وطنية بارزة، وكان المستشار أسامة أحد تلك الرجالات الذين دافعوا عن البحرين في قضايا كبيرة. وقال: «كان آخر لقاء معه حين كنت أجلس مع مجموعة من الأصدقاء المحامين وهم سعد الشملان وطارق المحرقي في أحد المقاهي وهو يمر بمنطقة الرفاع وإذ بنا ننخرط معه في جلسة ترفيهية بين الزملاء حول ما يتعلق بالمهنة وشؤون المحاماة والقانون والمحاكم».
وأضاف: «فجع المحامون بنبأ وفاته الذي نزل صاعقاً على الزملاء لأنه خسارة كبيرة لقطاع المحامين وللنيابة العامة، ولكن نحن نؤمن بإرادة ولا يسعنا إلا أن ندعو الله تعالى أن يجعل مثواه الجنة وأن يلهم أهله الصبر والسلوان».
وتذكر عضو مجلس الشورى المحامية جميلة علي سلمان أيام الدراسة في جامعة القاهرة وحين كان المغفور له بإذن الله تعالى زميلاً في كلية الحقوق.
وقالت: «إن كل الزملاء حينها كانوا يشهدون له بالانضباط وحبه للدراسة وتعاونه مع زملائه، خاصة وأنه كان يمتلك عقلية قانونية فذة وكان شخصاً متميزاً بين جميع الطلبة».
وبعد التخرج تواصل تعامل سلمان مع العوفي في الادعاء العام، وحين كان زميلاً لزوجها الراحل الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية اللواء محمد بوحمود.
وقالت: «إنه كان يعتمد عليه في كثير من الأمور القانونية لذكائه القانوني وتميزه، واعتبره رجل المهمات الصعبة، وإلى أن انتقل بعد ذلك إلى النيابة العامة حين تم تأسيسها في العام 2003، وتدرج في مناصبها ليصل إلى محامٍ عام ورئيس للتفتيش القضائي».
وأكدت سلمان، أن العوفي لم يكن يوماً خصماً للمحامين، بل كان زميلاً يلتقي بزملائه في حقل العمل القضائي ويمارس دوره باحترافية ويقدم للجميع يد العون، وكان أهم ما يميزه في التعامل مع المحامين هو تمتعه بمرونة كبيرة، كما أن توجيهاته وملاحظاته كانت تساعد المحامين كثيراً.
وقالت: «لا أذكر أن لجأنا إليه في موضوع إلا وقدم لنا كل الدعم والمساندة، ولم يكن ذلك مقتصراً على المحامين والزملاء، بل إن أي إنسان يلجأ له حتى من خارج مجال العمل تجده مسانداً وداعماً، وأعتبر شهادتي فيه مجروحة لأني كنت أعتبره واحداً من أشقائي».
ووصفت عضو الشورى حالتها حين علمت بخبر وفاته، قائلة «إنها لم تصدق الخبر الذي كان في وقت متأخر وبدأت تبحث في كافة المواقع عن تكذيب له، متمنية أن يكون غير صحيح، وبينما كانت تحاول ذلك، لم تتمكن من إمساك دموعها التي انهمرت، بعدما استرجعت آخر ذكرى اتصال بينهما حين أرسل لها مقطع فيديو عن أيام الدراسة في القاهرة.
وأكد المحامي حمد الذكير، أن الفقيد رجل قانون من طراز نادر، يمتلك الفطنة والبديهة والحضور الذهني بفكر منفتح وقلب كبير يحمل الحب والتقدير للجميع لدرجة أنه في المحاكم كانت بديهته في أصعب القضايا حاضرة إلى جانب الفراسة والفطنة والحضور الذهني، مشيراً إلى أن المجتمع القانوني فقد قيمة قانونية كبيرة وصوتاً جريئاً في الحق، وشخصية اجتماعية محبوبة وصادقة، وبصمة بحرينية راسخة.
وأضاف أنه على الرغم من أن الذكريات التي تجمعه بالراحل قليلة لكنه ترك أثراً بالغاً في نفسه بدماثة الخلق والمعاملة المتسمة بالاحترام وطيبة المعشر، لافتاً إلى أنه كان متعاوناً إلى أبعد الحدود متواضعاً مع الجميع على الرغم من منصبه كمسؤول كبير في النيابة، تجده دوماً صاغياً باهتمام للأحاديث والمناقشات سواء في القانون أو أي علوم أخرى، فهو مثلاً نحتذي به في التعامل والتعاون مع الناس مهما ارتفع شأننا.
وتابع الذكير بالقول: «إنه التقى الراحل المستشار أسامة العوفي في بعض المؤتمرات المتعلقة بالمجال القانوني فما رأيت منه إلا الجدية وحب القانون وشغف العلوم والأدب، ولعل من حسن حظي أن أتخرج من ذات الجامعة التي تخرج منها هذا القاضي الجليل صاحب السيرة العطرة والتاريخ الكبير في علوم القانون، حيث علمت بعد وافته رحمه الله أنه تخرج من حقوق القاهرة وهي ذات الجامعة التي تخرجت منها».
فيما استذكر المحامي عبدالرحمن غنيم، ما كان للراحل من سيرة عطرة وجهود محمودة إذ أفنى الفقيد حياته في خدمة العدالة، وكان مثالاً يحتذى به لرجل القانون، كما كان الراحل باراً بالوطن وصاحب يد بيضاء في شتى مجالات الحياة وكانت له مكانته العلمية، ورؤيته الثاقبة، وقدراته المتميزة والناجحة، مضيفاً أن الراحل جسّد مفهوم رجل العدالة بكل ما تحمله من معاني الجدية والحزم مع الرأفة والرحمة.
ولفت إلى أن خبر وفاة الراحل أسامة العوفي عليه رحمه الله كان مفجعاً على الأسرة القانونية ليس فقط في البحرين ولكن بين كل من تعامل معه وعرفه عن قرب من رجال القانون في مختلف دولنا العربية، حيث انفطرت القلوب واكتست الصدور والوجوه بالحزن، لا مهرب ولا مفر من قدر الله، واليوم ننعي العوفي الذي عرفته رجلاً من خيرة الرجال وأنبلهم فهو من الذين آمنوا بمبدأ تحقيق العدالة ووهب نفسه لتحقيق هذا المبدأ، وكان في عمله مثالاً لرجل النيابة العادل، أما لوطنه فقد كان محباً ومخلصاً ولقد افتقدنا برحيله رجلاً قل أن يجود به الزمان.
المحامي سعد الشملان، أكد أن أسامة العوفي رحمه الله كان رجل عدل بدرجة إنسان، وقامة قانونية رفيعة المستوى إلى حد الاحتراف، ومثقفاً إلى حد الذهول، رحمه الله رحمة واسعة بقدر ما ترك من سيرة طيبة ومواقف لا تنسى، فقد عرفته عادلاً وحازماً ومرناً يحب العدل والإنصاف ويكره الظلم ويبغضه، منوهاً أنه برحيل العوفي فقد الصديق العزيز القريب من الروح والنفس صاحب الصفات التي قلّما تجتمع في شخص واحد. وأضاف قائلاً: «عرفت العوفي حينما كنت أعمل في سلك القضاء وهو يعمل في الادعاء العام قبل انتقاله مع تأسيس النيابة العامة في مملكة البحرين إلى العمل النيابي، لامست فيه العدالة والمرونة وحب تطبيق القانون بروح القانون لا بالنصوص، وكان يعمل بأمانة وشرف». ولفت إلى أن العلاقة التي جمعته بالعوفي استمرت إلى أن وافته المنية، داعياً المولى عز وجل أن يغفر له ويرحمه وأن يرزقه الفردوس الأعلى، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
فيما أكدت الرئيس السابق لجمعية المحامين البحرينية والأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب هدى المهزع، أن الراحل كان من رجال القانون الأفذاذ، والذي ترك بصمة داخل النيابة العامة في البحرين بما كرسه من منهجية في العمل وتعاطٍ مع هموم وأوجاع أصحاب القضايا، فضلاً عن دوره الكبير في تكوين علاقة متكاملة مع المحامين لتحقيق العدالة بكل مفاهيمها وطرقها، داعين الله عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته.