قد أُخصص مقال الخميس للحديث عن بعض الكتب التي أعجبتني وقد أخصصه للخواطر والمواقف الشخصية هذا ما نويته وسنرى في الأيام القادمة إن كان ذلك سينجح أم لا؟
كثير من الحكومات والأنظمة السياسية والأحزاب تستدرك متأخرة بأنها لم تكن تريد أن تسمع حين كان عليها أن تسمع، أي بعد فوات الأوان، سمعنا ذلك من العديد من الزعماء الذين واجهتهم مشاكل وفوضى في فترة حكمهم.
إذ تحيط دوماً تلك الزعامات نفسها بمن يقول لها «ليس بالإمكان أبدع مما كان» وأن «ما تقومون به عظيم جداً» وأنه لم يكن ينقصكم سوى «التسويق» الجيد فقط.
كثير منهم لا يفهم -إلا متأخراً- أن «التسويق «أياً كان زخمه، وأياً كانت مهارته، وأياً كانت تكلفته، لا يمكنه أن يغير الواقع الذي سيفرض نفسه عاجلاً أم آجلاً، واستدراك بعد فوات الأوان لا يفيد ولا يخدم ولا يعني شيئاً أبداً، إنما يولد الحسرة فقط.
ومن أفضل الكتب التي قرأتها حول هذه الظاهرة إن صح التعبير أي الاستدراكات التي تأتي متأخرة هو كتاب إحسان نراغي «من بلاط الشاه إلى سجون الثورة».
إحسان نراغي عالم الاجتماع والمؤرخ الإيراني ومؤسّس معهد الأبحاث الاجتماعية في طهران، والمستشار لدى اليونسكو، وصاحب أعمال عديدة بينها كتاب «الشرق وأزمة الغرب» الصادر عام 1977 صدر له عن دار الساقي: من بلاط الشاه إلى سجون الثورة توفي عام 2012.
وقد استدعاه الشاه بعد تفاقم الفوضى في إيران ليسأله عن رأيه وهنا كانت المشكلة، أنه سأله متأخراً، فقد اجتمع نراغي مع الشاه ثمان مرات قبل أن يرحل، إذ أغلق الشاه على نفسه قبل ذلك الدائرة الصغيرة الذين أبعدوا بدورهم العديد من المقربين السابقين، واكتفوا هم فقط بإحاطته، ورغم أن إحسان نراغي كان يحاول أن ينبه ويحذر من خلال ما يكتب ومن خلال علاقته المهنية بفرح زوجة الشاه التي كانت تعنى بالثقافة، إلا أنه كان «من المغضوب عليهم» فلغته كانت مختلفة عن السائد ولم يكن ممن يشارك في حملات التسويق التي اعتمدتها دائرة الشاه الصغيرة .
كان الشاه محقاً في خططه وبرامجه التحديثية لإيران، يكفي أن تقارن قيمة التومان الإيراني في عهده وقيمته الآن، وكان محقاً كذلك حين تساءل عن مدى فهم الشعب لحقيقة الخميني إذ تساءل «هل يعتقدون أن حياتهم ستكون أفضل لو تسلم الخميني الحكم؟»، وكان محقاً في عدم فهمه للشعب الإيراني الذي يلومه على علاقته بالغرب ثم لا يرى هذا الشعب الدعم الذي يقدمه الغرب للخميني؟!!
كان محقاً في لومه للفرنسيين الذين عاملوا الخميني وكأنه غاندي، وكان محقاً في استغرابه من خيانة الفرنسيين له، فقد أكد الإليزيه له أن الخميني سيكون سائحاً فقط في فرنسا ولن يسمحوا له بمعارضة الحكم في إيران انطلاقاً من فرنسا ومتسائلاً ألا يرى الإيرانيون كل هذه الحقائق؟ ألا يرون أن الخميني مدعوم من الغرب الذي بسبب علاقتي بهم يعترضون علي؟
الشاه كان يعرف الكثير، وكان محقاً في العديد من المواضيع، وكان وطنياً يحرص على قوة إيران «بغض النظر عن موقفه من دول الخليج ومن البحرين ومن احتلاله للجزر الإماراتية»، فنحن نتكلم عن علاقته كحاكم داخل إيران مع الإيرانيين.
إذاً أين كانت المشكلة؟ بالتأكيد كان نجاح الثورة عائداً لأسباب عديدة منها الدعم الاستخباراتي الغربي للخميني، بالتأكيد كانت هناك مشاكل اقتصادية وإدارية، هل هي في الأوضاع المعيشية فقط؟ في الفقر؟ لا أعتقد.. فالإيرانيون الآن أفقر مما كانوا عليه في أيام الشاه، أعتقد أنني أتفق مع السيد نراغي أن المشكلة كانت في عدم قدرة الشاه على التفاهم مع الإيرانيين، في عجزه عن فهم لغة حوارهم، والمقصود هنا ليس اللغة ككلمات فحسب، إنما اللغة كأداة تفاهم وتوصيل أفكار، أي توقيتها وصورتها ومع من؟ وأين؟ ومتى تقال وكيف يقال، هذا ما قاله إحسان نراغي للشاه، إنما مع الأسف كان ذلك في المائة يوم الأخيرة.
كثير من الحكومات والأنظمة السياسية والأحزاب تستدرك متأخرة بأنها لم تكن تريد أن تسمع حين كان عليها أن تسمع، أي بعد فوات الأوان، سمعنا ذلك من العديد من الزعماء الذين واجهتهم مشاكل وفوضى في فترة حكمهم.
إذ تحيط دوماً تلك الزعامات نفسها بمن يقول لها «ليس بالإمكان أبدع مما كان» وأن «ما تقومون به عظيم جداً» وأنه لم يكن ينقصكم سوى «التسويق» الجيد فقط.
كثير منهم لا يفهم -إلا متأخراً- أن «التسويق «أياً كان زخمه، وأياً كانت مهارته، وأياً كانت تكلفته، لا يمكنه أن يغير الواقع الذي سيفرض نفسه عاجلاً أم آجلاً، واستدراك بعد فوات الأوان لا يفيد ولا يخدم ولا يعني شيئاً أبداً، إنما يولد الحسرة فقط.
ومن أفضل الكتب التي قرأتها حول هذه الظاهرة إن صح التعبير أي الاستدراكات التي تأتي متأخرة هو كتاب إحسان نراغي «من بلاط الشاه إلى سجون الثورة».
إحسان نراغي عالم الاجتماع والمؤرخ الإيراني ومؤسّس معهد الأبحاث الاجتماعية في طهران، والمستشار لدى اليونسكو، وصاحب أعمال عديدة بينها كتاب «الشرق وأزمة الغرب» الصادر عام 1977 صدر له عن دار الساقي: من بلاط الشاه إلى سجون الثورة توفي عام 2012.
وقد استدعاه الشاه بعد تفاقم الفوضى في إيران ليسأله عن رأيه وهنا كانت المشكلة، أنه سأله متأخراً، فقد اجتمع نراغي مع الشاه ثمان مرات قبل أن يرحل، إذ أغلق الشاه على نفسه قبل ذلك الدائرة الصغيرة الذين أبعدوا بدورهم العديد من المقربين السابقين، واكتفوا هم فقط بإحاطته، ورغم أن إحسان نراغي كان يحاول أن ينبه ويحذر من خلال ما يكتب ومن خلال علاقته المهنية بفرح زوجة الشاه التي كانت تعنى بالثقافة، إلا أنه كان «من المغضوب عليهم» فلغته كانت مختلفة عن السائد ولم يكن ممن يشارك في حملات التسويق التي اعتمدتها دائرة الشاه الصغيرة .
كان الشاه محقاً في خططه وبرامجه التحديثية لإيران، يكفي أن تقارن قيمة التومان الإيراني في عهده وقيمته الآن، وكان محقاً كذلك حين تساءل عن مدى فهم الشعب لحقيقة الخميني إذ تساءل «هل يعتقدون أن حياتهم ستكون أفضل لو تسلم الخميني الحكم؟»، وكان محقاً في عدم فهمه للشعب الإيراني الذي يلومه على علاقته بالغرب ثم لا يرى هذا الشعب الدعم الذي يقدمه الغرب للخميني؟!!
كان محقاً في لومه للفرنسيين الذين عاملوا الخميني وكأنه غاندي، وكان محقاً في استغرابه من خيانة الفرنسيين له، فقد أكد الإليزيه له أن الخميني سيكون سائحاً فقط في فرنسا ولن يسمحوا له بمعارضة الحكم في إيران انطلاقاً من فرنسا ومتسائلاً ألا يرى الإيرانيون كل هذه الحقائق؟ ألا يرون أن الخميني مدعوم من الغرب الذي بسبب علاقتي بهم يعترضون علي؟
الشاه كان يعرف الكثير، وكان محقاً في العديد من المواضيع، وكان وطنياً يحرص على قوة إيران «بغض النظر عن موقفه من دول الخليج ومن البحرين ومن احتلاله للجزر الإماراتية»، فنحن نتكلم عن علاقته كحاكم داخل إيران مع الإيرانيين.
إذاً أين كانت المشكلة؟ بالتأكيد كان نجاح الثورة عائداً لأسباب عديدة منها الدعم الاستخباراتي الغربي للخميني، بالتأكيد كانت هناك مشاكل اقتصادية وإدارية، هل هي في الأوضاع المعيشية فقط؟ في الفقر؟ لا أعتقد.. فالإيرانيون الآن أفقر مما كانوا عليه في أيام الشاه، أعتقد أنني أتفق مع السيد نراغي أن المشكلة كانت في عدم قدرة الشاه على التفاهم مع الإيرانيين، في عجزه عن فهم لغة حوارهم، والمقصود هنا ليس اللغة ككلمات فحسب، إنما اللغة كأداة تفاهم وتوصيل أفكار، أي توقيتها وصورتها ومع من؟ وأين؟ ومتى تقال وكيف يقال، هذا ما قاله إحسان نراغي للشاه، إنما مع الأسف كان ذلك في المائة يوم الأخيرة.