أكد الدكتور أحمد محمد الأنصاري، الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية، على التطور الكبير في مستوى الخدمات المقدمة لمريض فقر الدم المنجلي، في ظل تطبيق استراتيجية فقر الدم المنجلي (السكلر) كواحدة من سبع استراتيجيات صحية مهمة تتطبق في مملكة البحرين، يتم العمل عليها جميعاً بنفس درجة الاهتمام والمتابعة.
جاء ذلك خلال لقائه بعدد من الاعلاميين ضمن جولة نظمها مركز الاتصال الوطني لقسم مرضى فقر الدم المنجلي في مجمع السلمانية الطبي، بمناسبة اليوم العالمي لمرضى السكلر، حيث أوضح الدكتور الأنصاري جوانب تطور الخدمات الصحية، والتي كانت جائحة كوفيد 19 خير شاهد عليها، مؤكداً المضي قدماُ في تنفيذ العديد من المشاريع التطويرية في إطار المسيرة التنموية الشاملة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لدعم ومساندة المشاريع والمبادرات الهادفة إلى تطوير منظومة الخدمات الصحية في المملكة وفق أعلى معايير الجودة والكفاءة والتنافسية.
وتحدث الدكتور الأنصاري عن أهمية الإشراف الكامل على العلاجات البروتوكولية والتقييم، مؤكداً امتلاك فريق العمل المختص لكامل الصلاحيات لتقديم الخدمات بالشكل الأنسب والأفضل.
ورافقت الدكتورة رجاء اليوسف، نائب رئيس لجنة إدارة مركز الأمراض الوراثية، الاعلاميين في جولة تفقدية لأقسام المركز، بدأت من غرفة التقييم مروراً بغرف المعالجة وتقييم الحالات، موضحة اختلاف نوعية المعالجات بين المعالجة لساعات أو اتخاذ قرار التنويم في حال تطلبت الحالة المتابعة الطبية داخل المستشفى، وصولاً إلى غرف المرضى، وتوضيح جاهزيتها الكاملة بأحدث الأجهزة والمستلزمات الطبية، ومركز التدريب والبحوث، وأوضحت أنه يتم استقبال المركز للحالات بشكل يومي حتى الساعة 11 مساء، على أن يتم التوجه للطوارئ بعد هذا الوقت.
وأضافت أن المركز يستقبل الحالات مباشرة دون مواعيد، فإذا كان مريض السكلر يعاني من نوبة ألم يأتي مباشرة ويسجل للدخول في مبنى المركز، ليتم تصنيف درجة الألم لديه وتقييم حالته في غرف طبية مجهزة وخاصة.
وخلال الجولة قدم الدكتور ثروت وجدي، استشاري أمراض الدم، شرحاً حول أقسام المركز ونوعية الخدمات المقدمة فيه، لافتاً إلى أن متوسط عدد المرضى المنومين في المستشفى يبلغ 100 حالة، مع وجود متابعة تفصيلية للحالات تهدف لضمان جودة الخدمات المقدمة، إلى جانب مراقبة كيفية تقديم الخدمة الطبية لمريض السكلر.
وأوضح الدكتور ثروت أن الهدف هو معالجة المرض المسبب للألم وليس تخفيف الألم فقط، وهذه نقطة جوهرية ومفصلية في العلاج، مبيناً أن البروتكول العلاجي الجديد كان له دور فاعل في تحسين حالة المرضى، ومؤكداً على أهمية دور تثقيف المرضى، ومبادرات القسم في عمل برامج مختلفة رفعت من الوعي العام سواء للمريض أو الأشخاص المتعاملين معه في محيطه.
من جانبه؛ أشار الدكتور جعفر آل طوق، استشاري أمراض الدم الوراثية، إلى وجود أكثر من 8 آلاف مريض سكلر في مملكة البحرين، منهم 5 آلاف مريض مقيد للعلاج في مجمع السلمانية الطبي على اختلاف درجات المرض، موضحاً خلال الجولة طريقة نقل الدم التي كانت تتم سابقا بطريقة يدوية تستغرق من 8 ساعات إلى يومين، ويتوفر حالياً جهاز متطور يقوم بسحب الدم وتصفيته من الخلايا المتضررة مع الإبقاء على المكونات السليمة الأخرى، ومن ثم يتم إضافة دم جديد إليه ليستفيد منه المريض.
وأضاف الدكتور آل طوق أن متوسط عمر المرضى بشكل عام قد فاق 55 عاماً، موضحاً وجود ثمانية مرضى فوق سن 80 عامًا، و20 مريضاً فوق عمر 70 عاماً، ومريضة فوق التسعين توفت مؤخراً، منوهاً إلى أنه ومع المتابعة المستمرة يتم المحافظة على المرضى من الناحية الطبية، وبيّن أن متوسط عمر مريض السكلر في الماضي كان يبلغ 20 سنة فقط، ثم ارتفع متوسط العمر إلى 40 سنة في فترة لاحقة، ولكن الآن وبسبب منظومة العلاج المتطورة أصبحت نسبة الوفيات قليلة جدًا مقارنة بباقي دول العالم.
وأكد علي درويش، أخصائي تمريض متخصص ومنسق الرعاية الصحية لمرضى فقر الدم المنجلي في مجمع السلمانية الطبي، وجود انخفاض في وفيات مرضى فقر الدم المنجلي بلغ 43% مقارنة بين الأعوام (2012 – 2016)، و(2017 – 2021)، وبين انخفاض وفيات مرضى فقر الدم المنجلي (السكلر) حيث بلغ عدد حالات الوفيات هذا العام 13 حالة حتى تاريخ 22/5/2022، سبقها 25 حالة وفاة عام 2021، و28 حالة في كل من عام 2020 و2019، سبقها انخفاض أكبر في عدد الحالات بلغ 18 وفاة عام 2018، و31 عام 2015 ، و46 عام 2014.
وأشار دويش إلى انخفاض نسبة المواليد الجدد المصابين بفقر الدم المنجلي من 4% إلى 0.2% وذلك عبر برنامج فحوصات قبل الزواج والتوعية المجتمعية بالمرض، وبرنامج فحص المواليد الجدد للتعرف على المصابين بالمرض والحاملين للصفة الوراثية.
وبين توفر علاج الهايدروكسيوريا والذي تبلغ نسبة المرضى المنتظمين عليه 65% من المرضى المتابعين في مركز أمراض الدم الوراثية، كما أوضح استخدام دواء كريز انليزوماب أو الأدافكيو منذ العام الماضي، حيث تعتبر مملكة البحرين أول دولة تعتمد هذا الدواء بعد أمريكا في فبراير 2020 وتم توفيره في المركز ويوجد حالياً ما يفوق الخمسين مريض يستخدمونه للعلاج.
يذكر أن مرض فقر الدم المنجلي تتغير فيه طبيعة الهيموغلوبين، وهو البروتين الذي يحمل الأوكسجين في كريات الدم الحمراء، فتصبح منجلية أو هلالية الشكل بدلاً من شكلها الكروي الدائري المعتاد، وبسبب ذلك تفقد مرونتها وتصبح شديدة الالتصاق مما يؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية الصغيرة، وبالتالي يمنع الدم من نقل الأوكسجين إلى الأنسجة فيؤدي إلى آلام شديدة، وفي بعض الأحيان تلف في الأنسجة المحيطة. ويعتبر هذا المرض من أكثر أمراض الدم الوراثية التي تسبب شيوعاً على مستوى العالم بشكل عام وفي دول حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط وأفريقيا والهند بشكل خاص.