شهدت الحدود بين المجر والنمسا ازدحاماً خانقاً حيث عززت عمليات التفتيش بحثاً عن المهربين لكن المهاجرين نجحوا في الصعود بالمئات إلى القطارات في بودابست أملاً منهم في الوصول إلى ألمانيا.والدول الأوروبية التي دعتها بروكسل إلى احترام "قيمها الإنسانية" أظهرت في الوقت نفسه انقساماتها بشأن إدارة أزمة المهاجرين واللاجئين الذين يتدفقون إلى القارة الأوروبية. وقالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل إن الأزمة تعتبر تحدياً لمبادىء الاتحاد الأوروبي.واضطر الأشخاص الذين كانوا يتوجهون بالسيارة من المجر إلى النمسا إلى الانتظار في طوابير طويلة امتدت على 50 كلم قرب الحدود بعد أن شددت النمسا المراقبة على الحدود بحثاً عن مهربي المهاجرين.واتخذت التدابير بعد العثور الأسبوع الماضي على شاحنة مركونة بجانب الطريق في ولاية برغنلاند قرب الحدود مع النمسا وبداخلها جثث71 مهاجراً.وفي إطار عمليات المراقبة التي أجريت بالتعاون الوثيق مع السلطات المجرية والسلوفاكية والألمانية فتشت الشرطة كل شاحنة أو سيارة بحثاً عن مهربين.وعثر الشرطيون على 12 مهاجراً بينهم 3 أطفال مكدسين في شاحنة صغيرة تحمل لوحة تسجيل فرنسية.من جهتها سمحت السلطات المجرية لمئات المهاجرين بالصعود إلى قطارات متجهة إلى النمسا وألمانيا بعد أن أمضوا أياماً في محطات بودابست التي تحولت إلى مخيمات عشوائية للاجئين.وكانت الشرطة المجرية منعت المهاجرين من الرحيل لأنهم لم يكونوا يحملون وثائق رسمية.وأعلنت الشرطة النمسوية في وقت لاحق، أن قطاراً مجرياً ينقل 300 إلى 400 مهاجر متجهاً إلى ميونيخ أوقف عند الحدود النمسوية بعد انطلاقه من بودابست.وصرح المتحدث باسم الشرطة رومان هاسلنغر "في القطار 300 إلى 400 مهاجر تم إنزالهم". وأوضح أن المهاجرين الذين قدموا طلب لجوء في المجر سيعودون إلى بودابست حيث عليهم الانتظار حتى تبت ملفاتهم طبقاً للقواعد الأوروبية مضيفاً أن غير المسجلين سيتمكنون من مواصلة طريقهم.والمهاجرون ومعظمهم من السوريين ضمن 2000 شخص كانوا ينتظرون في محطات القطارات في بودابست التي تحولت إلى مخيمات لاجئين في الأيام الأخيرة.والسلطات المجرية التي كانت تمنعهم من الصعود إلى القطارات في غياب التأشيرات اللازمة لدخول فضاء شنغن سمحت لهم بالصعود إلى قطارات متجهة إلى النمسا وألمانيا.وفي محطة كليتي في بودابست لم تشاهد قوات أمن عندما كان المهاجرون يتدافعون إلى القطارات المتجهة إلى فيينا وميونيخ وبرلين.ووفقاً للقواعد الأوروبية الحالية المحددة بموجب اتفاق دبلن، على طالبي اللجوء البقاء في أول بلد يصلون إليه في الاتحاد الأوروبي في انتظار درس ملفاتهم.والمهاجرون الذين يسافرون إلى دول أعضاء أخرى قد تتم إعادتهم إلى البلد الذي دخلوا منه الاتحاد.والمجر عضو في الاتحاد الأوروبي لكنها ليست في فضاء شنغن. وأصبحت وجهة للمهاجرين الآتين عبر البلقان هرباً من الحرب أو الفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.وأكد نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس خلال زيارته لمرفأ كاليه شمال فرنسا "إنها أزمة عالمية تستلزم معالجة أوروبية مشتركة (...) علينا أولاً أن نكون مخلصين لقيمنا، القيم الإنسانية".وأضاف أن أوروبا "لن تعيد من يحتاجون للحماية إلى بلدانهم (...) عدد الوافدين هائل إنها أزمة عالمية لكن يمكن استيعاب هذه الأرقام وسط مجموع سكاني يقدر بـ 500 مليون نسمة".من جانبه، قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إنه "تحدٍ تواجهه كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي يضع مجتمعاتها أمام اختبار".ودعت وزيرة الداخلية النمسوية يوهانا ميكل ليتنر إلى "خفض" أو حتى "إلغاء" المساعدات المالية التي تخصصها بروكسل لدول الاتحاد الأوروبي التي ترفض استقبال المزيد من اللاجئين.من جهتها قالت ميركل خلال مؤتمر صحافي إن "الحقوق المدنية العالمية كانت حتى الآن مرتبطة بشكل وثيق بأوروبا وتاريخها كمبدأ مؤسس للاتحاد الأوروبي. وإذا فشلت أوروبا في معالجة أزمة اللاجئين فإن هذا الرابط مع الحقوق المدنية العالمية سينقطع".وفي إشارة إلى المجر، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس موقف بعض الدول الأوروبية "معيباً" ودعا إلى إزالة الحواجز التي يتم بناؤها بين الدول الأعضاء في الاتحاد.ورد وزير الخارجية المجري بيتر سيجارتو بالقول إن هذه الانتقادات "تثير صدمة" واستدعى السفير الفرنسي لدى بودابست.وفي براغ، أعلن رئيس وزراء تشيكيا بوهوميل سوبوتكا أن رؤساء حكومات مجموعة فيسغراد وهي المجر وبولندا وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا سيعقدون في براغ خلال الأيام المقبلة "قمة استثنائية" حول الهجرة يتوقع أن يؤكدوا خلالها رفضهم لمبدأ الحصص في توزيع المهاجرين على دول الاتحاد الأوروبي.