يستقطب 50 ألف مشارك من 100 دولةالصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم وثالث أكبر مستثمر في الخارج بنحو 100 مليار دولاريشكّل اختيار مملكة البحرين لتكون ضيف شرف في معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة التاسع عشر والذي سيحتضنه إقليم "شيامن" بجمهورية الصين الشعبية الأسبوع القادم اعترافاً وتقديراً من قبل الصين لتنامي العلاقات الاقتصاية والتجارية المتطورة بين البلدين. هذا يعكس في حد ذاته توجهاً استراتيجياً نحو تعزيز هذه العلاقات على كافة المستويات ليضيف المزيد من الإنجاز في سجلها الحافل.ولعل ما سيكسب مشاركة البحرين في معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة الأثر الأبرز هو الصيت الذي ناله هذا المعرض والمؤتمر كونه تظاهرة عالمية بارزة على صعيد الاستثمار العالمي والترويج، حيث يستقطب سنوياً أكثر من 50 ألف من رجال الأعمال وكبار المسئولين والمنظمات والهيئات المختصة بالترويج للاستثمار من أكثر من 100 دولة من مختلف أنحاء العالم، إذ يعد المعرض بوابة مفتوحة للوصول إلى الفرص الاستثمارية في الصين وآسيا والعالم.ولقد عكفت الجهة المنظمة لمعرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة سنويا على اختيار إحدى الدول لتحل ضيف شرف سنوياً تمثل مركزاً اقتصادياً رائداً يحظى باهتمام صيني كبير ومنها جنوب أفريقيا التي تم اختيارها في 2013 وماليزيا في 2014.والبحرين هي الدولة العربية والشرق أوسطية الأولى التي تحل ضيف شرف على هذه التظاهرة الكبيرة. ويعد هذا الاختيار حصيلة لتراكم الجهود بين الجانبين والتي شكلت أبرز محطاتها التاريخية الزيارة الميمونة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إلى جمهورية الصين الشعبية في سبتمبر 2013 وحضوره افتتاح منتدى الصين – الدول العربية إكسبو كضيف شرف بدعوة من الحكومة الصينية.وتشهد التجارة بين جمهورية الصين ومملكة البحرين نمواً متسارعاً، ففي العام 2014 بلغت القيمة الاجمالية للتبادل التجاري بين البلدين (عدا النفط ومشتقاته) 1.98 مليار دولار أمريكي بالمقارنة مع 890 مليون دولار أمريكي في العام 2009. إن الأهمية التي تمثلها مملكة البحرين بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية تتمحور حول موقع البحرين الذي يجعلها البوابة المثالية للوصول إلى منطقة الخليج التي تقع ضمن استراتيجية "حزام واحد، طريق واحد" التي تبنتها جمهورية الصين الشعبية حينما أعلن عنها فخامة السيد شي جي بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية خلال الزيارات التي قام بها إلى دول آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا في 2013. وتمثل التزام الصين بهذه الاستراتيجية في تأسيس صندوق استثماري قيمته 40 مليار دولار أميركي للدفع باتجاه الاستثمار الخارجي في 60 دولة في منطقة آسيا، وأوروبا، والشرق الأوسط. وكان الهدف هو منح الفرصة للشركات الصينية، بما فيها تلك المملوكة للحكومة، لمد استثماراتها وعملياتها في الدول الواقعة على هذا الطريق الذي يمتد حتى يصل إلى شمال أفريقيا.وقد نتج عن تبني الصين لهذه الرؤية الاستراتيجية على صعيد رسمي خلق الاهتمام بين المستثمرين الصينيين لطرق الأبواب في كل الدول الواقعة على خط الحرير، كما استجابت هذه الدول الواقعة على خط الحرير للترويج للفرص الاستثمارية فيها ولتعزيز العلاقات والتنسيق المتبادل من خلال المشاريع المشتركة في مجالات حيوية متنوعة تشمل الاتصالات والمعلومات، وترابط خطوط المواصلات وتسهيل التجارة والاستثمار وإزالة العوائق أمامهما، وتعزيز الصداقة والتعاون بين الشعوب، وهو ما يبشر بتحقيق المزيد من الإنجازات الملموسة التي ستفيد الشعبين البحريني والصيني وستعزز المصالح المتبادلة بين كلا البلدين.ولا تنحصر أهمية البحرين اليوم في موقعها كمركز تجاري له أبعاد استراتيجية فحسب، فقد عرفت البحرين منذ عصور بكونها محطة للتجارة عبر البحار لا سيما منذ طريق الحرير القديم فلطالما ذكرت المراجع والأسفار التاريخية عن إبحار المراكب الصينية إلى المراكز التجارية القديمة ومنها البحرين وعمان والبصرة وشواطيء سيراف الفارسية القديمة. وإن الأهمية الريادية للبحرين في طريق الحرير القديم برزت بجلاء من خلال تفوق المهارات الملاحية لعرب الخليج وبالأخص في عمان والبحرين في العصور القديمة والوسطى والتي كان مسرحها المحيط الهندي، وهو ما رسخ نفوذهم في طريق الحرير البحري الذي تألق تجارياً في العصور الوسطى في تجارة التوابل من الصين والهند والسند وجنوب شرق آسيا، فلطالما مثلت تجارة التوابل والنحاس واللؤلؤ أهمية كبرى للاقتصاد العالمي والتي بيعت في أسواق "دلمون" القديمة.واليوم، تعدّ الصين ثالث أكبر بلد يستثمر في الخارج، مما يشكّل فرصة كبيرة لمملكة البحرين للاستفادة من هذه الحقيقة. فقد تزايد مستوى الاستثمار الخارجي الصيني في العقد الأخير ليصل إلى مستويات ضخمة تبلغ حالياً 100 مليار دولار. ويدلل على ذلك أنه خلال النصف الأول من العام الحالي استثمر الصينيون في أكثر من 4000 شركة تقع في 147 دولة وإقليم، وبلغت الاستثمارات في ذات الفترة نحو 56 مليار دولار، أي بنسبة زيادة تبلغ 29.2% بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.وهنا تكمن أهمية أن ينظم مجلس التنمية الاقتصادية جولة ثانية إلى الصين خلال الأسبوع القادم للبناء على جولته الأولى التي قام بها بالتعاون مع شركائه في القطاعين العام والخاص في مملكة البحرين إلى جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 2014 والتي كان لها دوراً بارزاً في تعزيز العلاقات في المجالات الاقتصادية والتجارية البحرينية الصينية حيث أسفرت عن توقيع 13 مذكرة تفاهم مع عدد من الشركات والمنظمات التجارية الصينية، وشملت الالتقاء بكبار المسئولين الصينيين ورجال الاقتصاد في عدد من أبرز الحواضر الصينية التي تعد من بين أهم المراكز الاقتصادية العالمية وعلى رأسها العاصمة "بكين" ومدن "قوانغتشو" و"شينجين" ومقاطعة "هونغ كونغ".ومثل هذه الإنجازات على صعيد تطوير العلاقات الثنائية بين البحرين والصين ما كان لها أن تنجح إلا من خلال التزام قوي من كلا الجانبين بتعزيز التعاون والتنسيق المتبادل بينهما في العديد من المجالات وهو ما تكلل وأعطى ثماره في أن زيادة حجم التبادل التجاري بين البحرين والصين، حيث استقبلت البحرين من بعد الجولة التي قام بها المجلس وشركائه إلى الصين العام الماضي 12 وفداً صينياً من مختلف مدن ومقاطعات جمهورية الصين الشعبية وهم يمثلون العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية ومن بينها النفط والغاز والتصنيع. ومن بين أكثر الدول التي عجّلت في الاستفادة من استراتيجة "خط الحرير" باكستان التي دخلت في اتفاق مع الصين ستقوم في إثره الأخيرة باستثمار 45 مليار دولار في مشاريع طاقة وبنية تحتية في باكستان. وكذلك سريلانكا، حيث استثمرت الصين 810 مليون دولار لميناء بحري، وأيضا ماليزيا، وبنغلاديش، وتايلاند، ودول أخرى أقامت مشاريع بنية تحتية، ومواصلات، وطاقة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.ويسعى مجلس التنمية الاقتصادية وشركاؤه إلى مشاركة متميزة عبر الجناح الكبير الذي سيخصص لمملكة البحرين في قلب معرض الصين الدولي للاستثمار والتجارة التاسع عشر، فهنالك العديد من الفرص القيمة لإبراز المزايا التنافسية التي تحظى بها المملكة أمام المستثمرين من مختلف أنحاء العالم ولقيادة الجهود نحو خلق التواصل بين قطاعات الأعمال البحرينية والصينية إلى جانب التحدي الكبير لتقديم لوحة مبدعة تجسد المسيرة الاقتصادية الناجحة والمزدهرة للمملكة أمام العالم أجمع انطلاقاً من الصين. وسيقوم المجلس على وجه التحديد بالترويج للفرص الاستثمارية في القطاعات النامية التي توفر فرصة مميزة للمستثمرين الصينين، ومن ضمنها: الخدمات المالية، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية وهي القطاعات التي يمكن للمملكة أن توفر فيها مميزات بالغة الأهمية.وتمثل البحرين المقر الإقليمي لعدد من الشركات الصينية ومن ضمنها شركة الاتصالات والشبكات العالمية "هواوي"، و"تشاينا هاربور إنجينيرينغ كومباني لمتد"، و"تشاينا كوم سيرفس"، و"بنك أوف تشاينا"، و"بكين جانغو كورتين وال لمتد"، و"دايلي ويلث لمتد"، و"تشاينامكس"، و"ووهان لينجيون بلدنغ ديكورايشن انجينيرينغ كو" و "سي بي اي اس".