إرم نيوز
دفعت الظروف في أحيان، والرغبة بالاعتماد على الذات في أخرى، سيدات عربيات إلى العمل في أوروبا بوظائف بعضها شاق، رغم بلوغهن سن التقاعد.
ويزداد متوسط الأعمار حول العالم ليصبح أطول، وخلال العقود الثلاثة المقبلة سيتضاعف عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ 100 عام 8 مرات عن العدد هذا العقد، وفقًا لأرقام المنتدى الاقتصادي العالمي.
واستعدادًا لذلك، تتجه الحكومات إلى تأخير سن التقاعد لدى مواطنيها، وفي أوروبا –القارة العجوز- وجد المهاجرون العرب فرصتهم لاستغلال هذا الواقع، خاصة أنهم أتوا إليها كعائلات بأكملها.
بين بائعة وخبّازة وسكرتيرة، تتنقل سيدات عربيات كبيرات في السن، بين هذه الأعمال، عقب وصولهن إلى أوروبا.
وقالت تهاني عبود (61 عامًا)، وهي سورية مقيمة في ألمانيا لـ"إرم نيوز": ”تحمّل مسؤولية العمل كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لي، خاصة خلال السنوات الأولى لوصولي إلى أوروبا، لكن بعد مرور عام، أدركت أن الحسابات هنا مختلفة".
وخضعت ”عبود" إلى دورة مهنية لتعلم الخبز وصناعة الحلويات في مدينة لايبزغ.
وعن تجربتها تحدثت: ”تعلمت صناعة الخبز الفرنسي وبعض أنواع الحلويات بعد 6 أشهر من التدريب، واليوم، أمارس عملي بدوام نصف أسبوعي، وأنا سعيدة جدًا في عملي".
وأضافت ”عبود"، التي تعيش في ألمانيا مع زوجها وأبنائها منذ 5 أعوام: ”نمط الحياة هنا مختلف، الجميع يعمل، وإذا قررت أن أبقى جليسة المنزل، سأشعر بالملل، لذلك مضيت في عملي متحدية عمري وظروف عمل العرب الصعبة".
وتابعت: ”أتعرض لبعض نظرات الاستهجان أحيانًا، خاصة من العرب الذين يرونني نموذجًا غريبًا بالنسبة لهم كوني عربية، إضافة لصعوبات التواصل مع الزبائن في أوقات الذروة التي تفرض مساعدة الباعة في المخبز، وكثيرًا ما أواجه انزعاج بعض الزبائن من صعوبة التواصل".
وعند سؤالها عن المقارنة بين حياتها الآن وحياتها في سورية، قالت عبود: ”لا أخفي حنيني إلى الحياة الاجتماعية في الوطن ولمّة العائلة، خاصة في لحظات شوقي لأحفادي، لكن في الوقت ذاته، أشعر بالفخر كثيرًا لما أقوم به هنا، وشعوري بأنني مستقلة ومتمكنة لا يضاهيه شعور".
ويُعرف ذلك الشعور، بحسب الأخصائيين النفسيين، بأنه حالة من السمو بالنفس تجعل الشخص يشعر بإثبات الذات وتحقيق الثقة والرضا الداخلي، الأمر الذي يجعل العمل وسيلة محفزة تعزز حماس من يتقدم بهم العمر، وتحافظ على صحتهم وتوازنهم.
”معيلة لنفسي"
وهناك أيضًا، من استدعته الحاجة للعمل، مثل روزينا الخوفري (65 عامًا) هولندية من أصول فلسطينية وتعمل في محل لبيع الورد في ستوفينن.
وقالت الخوفري لـ"إرم نيوز": ”أتيت إلى هولندا عبر فيزا لم الشمل تقدم بها ابني، وعندما وصلت، أدركت كم ظروفه صعبة في تأمين مصروف عائلته الشهري، لذلك بدأت البحث عن عمل لأصبح معيلةً لنفسي".
وأضافت: ”عانيت كثيرًا كي أجد عملًا، لأنني عربية ولا أتحدث الهولندية أبدًا، إلى أن بدأت العمل في تصفيف الورد في محل شعبي لبيع الزهور، وما أتقاضاه يكفيني لشراء بعض الحاجيات للمنزل والمشاركة في مصروف البيت الذي أتشاركه مع ابني وعائلته".
وتعمل ”الخوفري" 5 أيام في الأسبوع بدوام 6 ساعات في اليوم، وقضت نحو عام ونصف عام وهي تبحث عن عمل دون جدوى، وذلك بسبب لغتها العربية وحجابها.
وعن مشقة العمل، تحدثت الخوفري: ”أعاني أحيانًا من آلام في الظهر والمعاصم، جرّاء الوقوف الطويل، وتحزيم الزهور، لكنني أحاول التغلب عليها والمضي في العمل، فهو يشعرني بالفخر والرضا تجاه نفسي".
وأظهرت دراسة ألمانية تراجع الحماس في العمل لدى الموظفين الشباب في ألمانيا مقارنة بالموظفين الأكبر سنًا، فيما كشفت دراسة أجراها معهد أبحاث السوق "فاليد ريسرش” أن 40% من الموظفين الذين أعمارهم فوق الـ 60 عامًا متحمسون للغاية للعمل.
عنصرية وصعوبة اندماج
وحرمت ظروف عدم الاندماج واللغة بعض السيدات من ذلك الحماس، خاصة اللواتي يعشن في مدن صغيرة لم تعتد على وجود اللاجئين وتقبّلهم بالقدر الكاف.
وهنا قالت مريم صلاح (59 عامًا) لـ"إرم نيوز": ”قضيت حوالي عامين وأنا أبحث عن عمل، ونجحت في إيجاد بعض الشواغر لكن مدة مزاولتي للعمل لم تكن طويلة، وذلك بسبب صعوبة التواصل مع القائمين على العمل أو مع الزبائن".
وتعيش ”مريم" في النرويج منذ حوالي 6 أعوام وهي مصرية الأصل، وتمكنت من تعلم السويدية لكن ليس بالقدر الذي يؤهلها للتواصل مع المتحدثين بالنرويجية.
وأضافت مريم: ”عملت منذ سنة في معمل صغير لعصر التفاح، لكنه كان عملًا شاقًا جدًا، لم أستطع الاستمرار فيه أكثر من شهر، إضافة لمضايقات تعرضت لها من مديرة قسمي العنصرية، والتي لم تكن ترغب في بقائي، لذلك تركت العمل".
وتجد ”مريم" في العمل سبيلًا للقضاء على الوحدة، فضلًا عن أنه معيل مادي لها.
وأضافت: ”أن تبقى بلا عمل في هذه البلاد يعني أنك عاجز، مختلف عن الجميع، وطالما أنك قادر يجب أن تعمل، ربما يكون الأمر أخف وطأة في المدن ذات الأكثرية العربية، ولكن ليس في مدينتي فريدريكستاد".
دفعت الظروف في أحيان، والرغبة بالاعتماد على الذات في أخرى، سيدات عربيات إلى العمل في أوروبا بوظائف بعضها شاق، رغم بلوغهن سن التقاعد.
ويزداد متوسط الأعمار حول العالم ليصبح أطول، وخلال العقود الثلاثة المقبلة سيتضاعف عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ 100 عام 8 مرات عن العدد هذا العقد، وفقًا لأرقام المنتدى الاقتصادي العالمي.
واستعدادًا لذلك، تتجه الحكومات إلى تأخير سن التقاعد لدى مواطنيها، وفي أوروبا –القارة العجوز- وجد المهاجرون العرب فرصتهم لاستغلال هذا الواقع، خاصة أنهم أتوا إليها كعائلات بأكملها.
بين بائعة وخبّازة وسكرتيرة، تتنقل سيدات عربيات كبيرات في السن، بين هذه الأعمال، عقب وصولهن إلى أوروبا.
وقالت تهاني عبود (61 عامًا)، وهي سورية مقيمة في ألمانيا لـ"إرم نيوز": ”تحمّل مسؤولية العمل كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لي، خاصة خلال السنوات الأولى لوصولي إلى أوروبا، لكن بعد مرور عام، أدركت أن الحسابات هنا مختلفة".
وخضعت ”عبود" إلى دورة مهنية لتعلم الخبز وصناعة الحلويات في مدينة لايبزغ.
وعن تجربتها تحدثت: ”تعلمت صناعة الخبز الفرنسي وبعض أنواع الحلويات بعد 6 أشهر من التدريب، واليوم، أمارس عملي بدوام نصف أسبوعي، وأنا سعيدة جدًا في عملي".
وأضافت ”عبود"، التي تعيش في ألمانيا مع زوجها وأبنائها منذ 5 أعوام: ”نمط الحياة هنا مختلف، الجميع يعمل، وإذا قررت أن أبقى جليسة المنزل، سأشعر بالملل، لذلك مضيت في عملي متحدية عمري وظروف عمل العرب الصعبة".
وتابعت: ”أتعرض لبعض نظرات الاستهجان أحيانًا، خاصة من العرب الذين يرونني نموذجًا غريبًا بالنسبة لهم كوني عربية، إضافة لصعوبات التواصل مع الزبائن في أوقات الذروة التي تفرض مساعدة الباعة في المخبز، وكثيرًا ما أواجه انزعاج بعض الزبائن من صعوبة التواصل".
وعند سؤالها عن المقارنة بين حياتها الآن وحياتها في سورية، قالت عبود: ”لا أخفي حنيني إلى الحياة الاجتماعية في الوطن ولمّة العائلة، خاصة في لحظات شوقي لأحفادي، لكن في الوقت ذاته، أشعر بالفخر كثيرًا لما أقوم به هنا، وشعوري بأنني مستقلة ومتمكنة لا يضاهيه شعور".
ويُعرف ذلك الشعور، بحسب الأخصائيين النفسيين، بأنه حالة من السمو بالنفس تجعل الشخص يشعر بإثبات الذات وتحقيق الثقة والرضا الداخلي، الأمر الذي يجعل العمل وسيلة محفزة تعزز حماس من يتقدم بهم العمر، وتحافظ على صحتهم وتوازنهم.
”معيلة لنفسي"
وهناك أيضًا، من استدعته الحاجة للعمل، مثل روزينا الخوفري (65 عامًا) هولندية من أصول فلسطينية وتعمل في محل لبيع الورد في ستوفينن.
وقالت الخوفري لـ"إرم نيوز": ”أتيت إلى هولندا عبر فيزا لم الشمل تقدم بها ابني، وعندما وصلت، أدركت كم ظروفه صعبة في تأمين مصروف عائلته الشهري، لذلك بدأت البحث عن عمل لأصبح معيلةً لنفسي".
وأضافت: ”عانيت كثيرًا كي أجد عملًا، لأنني عربية ولا أتحدث الهولندية أبدًا، إلى أن بدأت العمل في تصفيف الورد في محل شعبي لبيع الزهور، وما أتقاضاه يكفيني لشراء بعض الحاجيات للمنزل والمشاركة في مصروف البيت الذي أتشاركه مع ابني وعائلته".
وتعمل ”الخوفري" 5 أيام في الأسبوع بدوام 6 ساعات في اليوم، وقضت نحو عام ونصف عام وهي تبحث عن عمل دون جدوى، وذلك بسبب لغتها العربية وحجابها.
وعن مشقة العمل، تحدثت الخوفري: ”أعاني أحيانًا من آلام في الظهر والمعاصم، جرّاء الوقوف الطويل، وتحزيم الزهور، لكنني أحاول التغلب عليها والمضي في العمل، فهو يشعرني بالفخر والرضا تجاه نفسي".
وأظهرت دراسة ألمانية تراجع الحماس في العمل لدى الموظفين الشباب في ألمانيا مقارنة بالموظفين الأكبر سنًا، فيما كشفت دراسة أجراها معهد أبحاث السوق "فاليد ريسرش” أن 40% من الموظفين الذين أعمارهم فوق الـ 60 عامًا متحمسون للغاية للعمل.
عنصرية وصعوبة اندماج
وحرمت ظروف عدم الاندماج واللغة بعض السيدات من ذلك الحماس، خاصة اللواتي يعشن في مدن صغيرة لم تعتد على وجود اللاجئين وتقبّلهم بالقدر الكاف.
وهنا قالت مريم صلاح (59 عامًا) لـ"إرم نيوز": ”قضيت حوالي عامين وأنا أبحث عن عمل، ونجحت في إيجاد بعض الشواغر لكن مدة مزاولتي للعمل لم تكن طويلة، وذلك بسبب صعوبة التواصل مع القائمين على العمل أو مع الزبائن".
وتعيش ”مريم" في النرويج منذ حوالي 6 أعوام وهي مصرية الأصل، وتمكنت من تعلم السويدية لكن ليس بالقدر الذي يؤهلها للتواصل مع المتحدثين بالنرويجية.
وأضافت مريم: ”عملت منذ سنة في معمل صغير لعصر التفاح، لكنه كان عملًا شاقًا جدًا، لم أستطع الاستمرار فيه أكثر من شهر، إضافة لمضايقات تعرضت لها من مديرة قسمي العنصرية، والتي لم تكن ترغب في بقائي، لذلك تركت العمل".
وتجد ”مريم" في العمل سبيلًا للقضاء على الوحدة، فضلًا عن أنه معيل مادي لها.
وأضافت: ”أن تبقى بلا عمل في هذه البلاد يعني أنك عاجز، مختلف عن الجميع، وطالما أنك قادر يجب أن تعمل، ربما يكون الأمر أخف وطأة في المدن ذات الأكثرية العربية، ولكن ليس في مدينتي فريدريكستاد".