بعيداً عن استعراض القوة في الشارع، وبعد يوم على المظاهرة التي نظمها التيار الوطني الحر "العوني" في ساحة الشهداء في توقيت "غير بريء"، يحتفل حزب القوات اللبنانية بـ"يوم شهداء الحزب" في المنطقة الأمنية لمقر إقامة رئيس الحزب سمير جعجع في منطقة "معراب".وبدل استعراض الشارع ومحاولة إظهار الأحجام على الساحة المسيحية، من المتوقع أن يلجأ جعجع إلى إعلان مواقف متقدمة تتعلق بالأوضاع الداخلية والإقليمية وتداعياتها على لبنان واستقراره. ورجحت أوساط مقربة من حزب القوات ومواكبة لمواقف جعجع من الدعوة التي أطلقها رئيس البرلمان نبيه بري للحوار بين الكتل النيابية، رجّحت إعلان جعجع لموقف رافض للمشاركة في هذا الحوار "الإنقاذي"، حسب تعبير هذه الأوساط.وفي سياق المواقف المتوقَّع أن يطلقها جعجع في هذا الاحتفال التكريمي، ذكرت مصادر إعلامية، نقلاً عن قيادات في حزب القوات، أن جعجع عكف في الأيام الأخيرة على كتابة خطابه الذي سيتضمن مواقف واضحة تدور حول جملة من المواقف السياسية.الاحتفال الذي سيقام تحت شعار "ما بينعسوا الحراس"، سيتطرق في خطابه الى ستة محاور أساسية تتعلق بالوضع الداخلي والملفات المفتوحة حول الفساد وما شهده لبنان من حراك مدني والشعارات التي رفعها المتظاهرون، إضافةً إلى الدعوة للحوار بين القوى اللبنانية على مستوى الكتل النيابية، والحديث عن التنافسية الحاد على الساحة المسيحية وموقع القوات اللبنانية في هذا الإطار، إلى جانب تحديد موقف حزب "القوات" من موضوع الدولة والمؤسسات، على أن يتعرض جعجع في خطابه إلى الوضع التنظيمي للحزب أيضاً.ونقلت أوساط إعلامية أن محاور خطاب جعجع ستتضمن هجوماً مباشراً سيشنه جعجع على الفساد والمفسدين، ويركّز على خطورة هذا الجانب وكارثيته وحالة اليأس والإحباط التي وصل إليها الناس من الوضع القائم نتيجة معاناتهم اليومية على شتى المستويات وفي كل القطاعات.جعجع، وحسب هذه الأوساط، سيخصص جزءا من خطابه للحراك المدني، ودعوة القائمين عليه والمتظاهرين على البقاء في الشارع من أجل الضغط لتسريع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على اعتبار أن باب الحلول يبدأ مع إنهاء الشغور في الرئاسة الأولى. وسيُذكّر بخارطة الطريق التي كان طرحَها بغية الخروج من الأزمة السياسية التي استجدّت مع الفراغ، وهي تبدأ بانتخاب الرئيس ثم تشكيل حكومة وإقرار قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات نيابية.ويأتي تأكيد جعجع على هذه النقطة، أي أولوية الانتخابات الرئاسية، رداً مباشراً على الدعوة التي أطلقها المنافس الرئيس لـ"القوات" على الساحة المسيحية، الجنرال ميشيل عون، أمس الجمعة، لإجراء انتخابات برلمانية قبل الانتخابات الرئاسية، على أن تكون الانتخابات الرئاسية مباشرةً من الشعب.وتضيف هذه الأوساط أن جعجع سيستعرض المراحل السابقة للحوار الذي انطلق منذ عام 2006 وصولا إلى الدعوة الأخيرة لنبيه بري، وفشل هذا الحوار في تحقيق أي من النقاط التي تم التوافق عليها.ومن المتوقع أن يعلن جعجع موقفا رافضا من دعوة بري الجديدة للحوار انطلاقا من رؤيته بغياب المؤشرات التي توحي بإمكانية تحقيق أي خرق على مستوى رئاسة الجمهورية أو غيره من المستويات التي حددها بري للحوار في مبادرته.جعجع سيتطرق أيضاً في كلمته المتوقعة إلى ما تواجهه الدولة اللبنانية من أزمات على مستوى القرار السياسي والأمني في مواجهة التحدي الذي يشكله تفرُّد حزب الله بقراري الحزب والسلم وعرقلته للعملية السياسية، خاصة في ما يتعلق بانتخاب رئيس جديد لرئاسة الجمهورية، وسيشير إلى أن تصرفات حزب الله وحلفائه المحليين والإقليميين تعرقل قدرة الدولة على امتلاك القرار الاستراتيجي.ومن المتوقَّع أن يساهم موقف جعجع السلبي من الدعوة للحوار الأسبوع المقبل، في تعقيد المشهد السياسي أمام الفرقاء اللبنانيين، خاصة أنه سيطرح إشكاليات جديدة قد تشكل تحديا لجميع الأطراف الذين يبدون خشية من اتساع رقعة الاحتجاجات والعجز عن السيطرة على تداعياتها، في ظل تراجع الأداء الرسمي.