الرأي

محمد بن مبارك.. 'رجل دولة'

تستهويني القراءة في السيّر الذاتية التاريخية، ولطالما سألت نفسي كيف استطاع هؤلاء الكُتاب كتابة هذه التفاصيل حول الشخصية؟؟ ولطالما ألمحت بأنني أتمنى أن أكون أحد المدونين، وأن أقوم بتدوين جميع المواقف والأحاديث التي أسمعها، لعلني أترك دليلاً تاريخياً على العصر!! ولكني أخشى أن أكتب شيئاً «ليس للنشر»!! أو أخشى أن يمتزج رأيي مع ما سمعت فيفرز عن شيء آخر وهذا مشاع في النقل والتدوين!! ومازلت أحبس في ذاكرتي الكثير من القصص الرائعة التي تستحق أن تكتب وتنشر لتكون شاهدة على العصر.

بعيداً عن أمنياتي في التدوين والتي آمل أن أشرع فيها قريباً، هل تعرف عزيزي القارئ معنى كلمة «رجل دولة» رجل الدولة هو شخصية وطنية بارزة لها باع طويل في مجال السياسة والدبلوماسية ومن وجهة نظري المتواضعة أن هذا الوصف ينطبق حرفياً على سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الذي عين مؤخراً ممثلاً خاصاً، لحضرة صاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، بعد أن شغل العديد من المناصب المهمة في المملكة طيلة عمله في السلك الحكومي منذ ما يربو على 60 عاماً، فتدرج من كونه قاضياً، إلى مديراً لدائرة العلاقات العامة، ومديراً لدائرة الإعلام، ومن ثم أصبح وزيراً للخارجية، ثم عُين في منصب نائباً لرئيس الوزراء، وحمل على عاتقه العديد من الملفات الجوهرية في تاريخ مملكة البحرين.

ولا غرابة أن نرى جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه يمنحه لقب «سمو» بصفة استثنائية، على الرغم من أن لقب «سمو» هو لقب يختص به أبناء وأحفاد المغفور له صاحب العظمة حاكم البحرين وتوابعها الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، طيب الله ثراه، ولا غرابة أيضاً أن يطلق سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، اسم سمو الشيخ محمد بن مبارك على أكاديمية خاصة للدراسات الدبلوماسية.

قال لي أحد الذين عملوا مع سمو الشيخ محمد بن مبارك، «هو شخصية مجتهدة، يعمل منذ الصباح الباكر، حتى وقت متأخر من الليل، واضعاً نصب عينه مصلحة البلد، لا يكل ولا يمل، يعمل حتى في إجازة نهاية الأسبوع»، يقول لي هذا الشخص «استأذنت سمو الشيخ محمد في إجازة، فسألني عن أسباب طلب الإجازة، فقلت له «أحتاج أرتاح كم يوم»، فقال لي «القادة لا يرتاحون»، أمامك ملف مهم أنجزه ومن ثم نتفاهم في موضوع الإجازة»، يكمل هذا الشخص ويقول «كنا نُحرج من أن نطلب إجازة، فسمو الشيخ نفسه لا يرتاح ويعمل بشكل مستمر»، يقول لي هذا الشخص أيضاً إن «سمو الشيخ محمد كان ينتهج الشورى والمشاركة والمناقشة في الملفات التي تسند إليه، وكان يؤمن بأن يشاور كل شخص في تخصصه»، ووصفه أيضاً بأنه «شخصية لا تتحدث كثيراً، وإذا ما تحدث أوجز واختصر وأتى بزبدة القول».

رأيي المتواضع

اختار سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة ليكون ممثلاً خاصاً لجلالته، وهذا منصب رفيع المستوى لا يناله إلا من هم «محل النفس»، اختار رجل دولة أمضى أكثر من 60 عاماً في العمل الحكومي وأفنى جل حياته في دهاليز الحكومة وأروقتها، ومرت عليه العديد من المواقف التي صنعت منه رجل دولة.

لا أعرف سمو الشيخ محمد بن مبارك شخصياً، ولم ألتقِ به بشكل شخصي مطلقاً، ومعظم لقاءاتي لسموه كانت على هامش فعاليات، وكم آمل أن يوثق سموه تجربته الشخصية في كتاب لنتعلم من خبراته.

وإذا كانت مقولة «إن التاريخ يعيد نفسه» صحيحة، فسمو الشيخ محمد يمتلك ذاكرة وطن وكان ومازال شاهداً على العديد من المواقف التي يجب أن تكتب بماء الذهب.