استئأنفت بكين، الاثنين، مناوراتها العسكرية بالقرب من تايوان وذلك ردا على زيارة وفد من الكونغرس الأميركي للجزيرة المتمعة بالحكم الذاتي، حسبما نقلت وكالة رويترز عن الجيش الصيني.
وكان وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة السناتور الديمقراطي، إد ماركي، وصل إلى تايوان، الأحد، في زيارة غير معلنة تستغرق يومين.
وقال ماركي في تغريدة عبر تويتر إن زيارة وفد الكونغرس من الحزبين تأتي "لإعادة تأكيد دعم الولايات المتحدة لتايوان وتشجيع الاستقرار والسلام عبر مضيق تايوان".
في المقابل، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية، وو كيان إن، "جيش التحرير الشعبي الصيني يواصل التدرّب والاستعداد للحرب والدفاع بحزم عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي وسحق أي شكل من أشكال (استقلال تايوان) الانفصالي ومحاولات التدخل الخارجية بشكل حازم".
وأضاف: "نحذّر الولايات المتحدة وسلطات الحزب الديمقراطي التقدمي (الحاكم في تايوان): استخدام تايوان لاحتواء الصين مصيره الفشل"، حسبما نقلت وكالة فرانس برس.
وجاءت مناورات، الاثنين، بعد تدريبات ضخمة استمرت عدة أيام في محيط تايوان غداة زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي إلى تايبيه والتي أغضبت الصين.
وأرسلت بكين خلال تلك التدريبات العسكرية غير المسبوقة سفنا حربية وصواريخ وطائرات إلى المياه والأجواء القريبة من الجزيرة.
ولم يحكم الحزب الشيوعي الصيني تايوان قط، لكنه يتوعد باستخدام القوة لاستعادة الجزيرة اذا لزم الأمر بينما يندد بأي خطوات قد يعتبرها تعاملا مع الجزيرة على أنها دولة ذات سيادة.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن 15 طائرة صينية عبرت الخط الأوسط لمضيق تايوان، الاثنين، مضيفة أنها تدين التدريبات الصينية الجديدة وستواجهها "بهدوء".
وهذا الخط الأوسط الذي رسمته الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة في وسط مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن بر الصين الرئيسي، لم يحظَ يوما باعتراف من بكين.
والتقى وفد الكونغرس الأميركي الذي يأتي برئاسة النائب الديمقراطي، إد ماركي، برئيسة تايوان، تساي إنغ وين، التي قالت إن حكومتها ملتزمة بالحفاظ على الاستقرار.
وأضافت تساي: "إننا منخرطون في تعاون وثيق مع الحلفاء الدوليين لمراقبة الوضع العسكري عن كثب. وفي نفس الوقت نبذل قصارى جهدنا لإعلام العالم بأن تايوان مصممة على حماية الاستقرار والوضع الراهن في مضيق تايوان"، بحسب مقطع فيديو نشره مكتب الرئاسة.
أخبر ماركي تساي أن "لدينا التزاما أخلاقيا" لفعل كل شيء لمنع نزاع غير ضروري.
"جار شرير"
إلى ذلك، شددت الصين في "كتاب أبيض" نشر الأسبوع الماضي على هذا التهديد القائم منذ عقود إذ قال مكتب الشؤون التايوانية في الصين إن بكين "لن تتخلى عن استخدام القوة (ضد جارتها) وتحتفظ بخيار اتّخاذ كافة الإجراءات اللازمة".
من جهتها، تمسّكت تايوان بموقفها في ظل التوتر مع الصين وقال رئيس وزرائها، سو تيسنغ-تشانغ، إن الجزيرة ترحب بـ"جميع البلدان والأصدقاء من حول العالم" الذين يرغبون بدعمها.
وقال: "علينا ألا نخاف من القيام بأي شيء أو من السماح بقدوم زوار أو قدوم أصدقائنا، فقط لوجود جار شرير لدينا".
كما أدلى وزير خارجية الجزيرة، جوزيف وو، بتصريحات مشابهة بعد اجتماع مع الوفد الأميركي، الاثنين.
وقال وو في تغريدة: "لا يمكن للصين الاستبدادية أن تملي على تايوان كيف تقيم علاقات صداقة وتحظى بالدعم وتبقى صامدة وتشع كشعلة حرية".
كانت بيلوسي دافعت عن زيارتها التي جعلت التوتر في مضيق تايوان يبلغ أعلى مستوى له منذ عقود.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الجيش الأميركي عارض زيارة المسؤولة الديمقراطية، وهي الشخصية الثانية في تراتبية شغل منصب الرئاسة بحال شغوره بعد نائبة الرئيس.
ويتساوى الكونغرس مع الحكومة بموجب الدستور الأميركي، إذ يملك المشرّعون حرية السفر حيثما أرادوا. وتحظى تايوان بدعم الحزبين رغم الانقسامات في واشنطن حيال قضايا عديدة.
ونقلت الولايات المتحدة علاقاتها الدبلوماسية من تايبيه إلى بكين عام 1979. لكنها لا تزال حليفا مهما لتايوان وتقيم علاقات دبلوماسية مع تايبيه بحكم الأمر الواقع.
ورسميا، تعارض واشنطن إعلان تايوان استقلالها بقدر معارضتها تغيير الصين وضع الجزيرة بالقوة. والتزمت الغموض المتعمّد حول ما إذا كانت ستدعم تايوان عسكريا في حال غزتها الصين.
وأجرى كبار المسؤولين الأميركيين زيارات إلى تايوان على مدى العقود الماضية. وحتى زيارة بيلوسي لم تكن الأولى من نوعها إذ زار رئيس مجلس النواب الأسبق، نيوت غنغريتش، الجزيرة عام 1997.
لكن الزيارات باتت أكثر تواترا وبمشاركة شخصيات أرفع مستوى في عهد الرئيسين السابق دونالد ترامب والحالي بايدن.
كما زارت وفود من أوروبا ودول غربية أخرى تايوان في السنوات الأخيرة، في ردّ جزئيا على تشديد موقف بكين في عهد الرئيس الصيني، شي جينبينغ.