أنطوان لحد.. اسم يعرفه اللبنانيون جيداً، فقد ارتبط اسمه بالخيانة الوطنية، حيث كان قائداً لميليشيات ما يسمى جيش لبنان الجنوبي (يسميها اللبنانيون جيش لحد)، وهي ميليشيات أنشأها جيش الاحتلال الإسرائيلي إثر احتلاله جنوب لبنان لتكون مساندة له بين عام 1978 حتى عام 2000 تاريخ تحرير الجنوب.وأنطوان لحد كان ضابطاً في الجيش اللبناني، وبعد احتلال إسرائيل للجنوب أصبح مع ضابط آخر يدعى سعد حداد واجهة للجيش الإسرائيلي في الجنوب. تولى لحد قيادة جيش لبنان الجنوبي بعد وفاة سعد حداد، ليصبح كما يسميه اللبنانيون "كبير العملاء".بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 هرب لحد وميليشياته في مشهد وصفه لحد شخصياً بالمذل، وعتب على إسرائيل التي تخلت عنه بعد أن تخلى عن وطنه في خدمتها.قبل يومين عاد اسم لحد إلى واجهة الأحداث في لبنان بعد إعلان وفاته في باريس، وفي ظل توارد بعض الأخبار عن إعادة جثته لتدفن في لبنان، الأمر الذي أثار موجة غضب واستياء عارمة، وسرعان ما أطلق ناشطون حملات لرفض إدخال جثته إلى لبنان، ودعوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى اعتصام اليوم الاثنين على طريق المطار رفضاً لمجرد طرح الفكرة.صفحة "لمنع إدخال جثة العميل أنطوان لحد إلى لبنان" على "فيسبوك" من أبرز الصفحات التي أنشئت رداً على هذا الموضوع، والتي جمعت أكثر من عشرة آلاف عضو خلال يومين، وقد أطلقت الدعوة للتظاهر. وأيضاً على موقع "تويتر" انتشر هاشتاغ #لن_يدفن_في_لبنان وهاشتاغ #انقبر_برا_لبنان بشكل واسع جدا،ً وعبر المشاركون عن رفضهم لفكرة دخول جثة من خان الوطن ومارس القمع والتنكيل بحق أبناء بلده. واستغرب آخرون كيف لم تسع الدولة اللبنانية إلى استرداده من فرنسا لمحاكمته عندما كان على قيد الحياة. يذكر أن هناك حكما غيابيا بحقه بتهمة الخيانة الوطنية.محاولة اغتيالعام 1988 حاولت الشابة اللبنانية سهى بشارة اغتيال أنطوان لحد، ورغم إصابته برصاصتين فإنه بقي على قيد الحياة، واعتُقلت بشارة التي تنتمي إلى "جبهة المقاومة الوطنية" (التابعة للحزب الشيوعي) وظلت في المعتقلات الإسرائيلية لمدة عشرة أعوام.تقول سهى بشارة في حديث لـ"العربية.نت": "بالنسبة لي ليس لدي ثأر شخصي مع أنطوان لحد، بل المسألة تتعلق بقضية وطنية مرتبطة بموضوع العمالة لإسرائيل والمشروع الذي يمثله لحد". وتضيف بشارة أن الحديث عن إعادة جثة لحد إلى لبنان يطرح مجدداً السؤال المتعلق بالتطبيع، وكيف أن الدولة اللبنانية تقبل أن تدخل جثة لحد حامل الجنسية الإسرائيلية إلى لبنان، وكيف أن هذا الأمر سيفتح الباب لدخول من يحملون الجنسية الإسرائيلية إلى البلد، وهو ما يشكل تطبيعاً من باب الممارسة القانونية.تؤكد بشارة تأييدها للتحركات الرافضة لإدخال جثة لحد إلى لبنان، وترى أن المسألة أساسية وجوهرية، وتشدد على أنها تحاسب الرجل على جرائمه بحق الوطن. وتضيف: "أنا أرفض التطبيع بالمطلق ومع مقاطعة إسرائيل وما يجري يتعلق بهذه النقطة مباشرة، وأيضاً مرتبط بالقضية الفلسطينية التي تبقى القضية الأساسية والمحورية، وهناك مسؤولية على عاتق الدولة اللبنانية في مسألة عدم التطبيع". وتستغرب كيف يجري الحديث عن السماح لمن تخلى عن جنسيته اللبنانية، بينما يمنع الفلسطيني من دخول لبنان.تفاصيل محاولة الاغتيالأوكلت مهمة اغتيال أنطوان لحد إلى سهى بشارة بعد أن تدربت مع "جبهة المقاومة الوطنية". وفي صيف عام 1988 دخلت الأراضي المحتلة من جنوب لبنان، وتقربت من عائلة أنطوان لحد على أساس أنها مدربة رياضية وسرعان ما توطدت علاقتها مع أفراد عائلة لحد. وفي مساء يوم 17 نوفمبر 1988 كانت بشارة في منزل لحد بعد أن استطاعت إدخال مسدس خلسة، وأطلقت على لحد رصاصتين، وأصابت صدره وذراعه لكنه لم يمت.وأمضى لحد عدة شهور يعالج في المستشفيات الإسرائيلية، بينما اعتقلت بشارة في سجن الخيام حيث بقيت عشر سنوات إلى يوم الإفراج عنها عام 1998 بعد ضغوط دولية على إسرائيل.