تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا، أو للدقة، الحرب بين الغرب وروسيا وساحتها أوكرانيا، شهرها الخامس. ولعلّ الدرس الأبرز الذي يُمكن استخلاصه وينبغي أن يستحوذ على اهتمامنا من هذه الحرب هو كيف تحوَّل الغرب برمّته إلى كتلة واحدة للدفاع عن أمنه القومي ووجوده أمام عدوه اللدود روسيا.
رأينا كيف تخلّت ألمانيا عن سياسة الحياد المُتمثلة بعدم تصدير الأسلحة إلى مناطق الأزمات، فقد قرّرت إرسال شحنات من الأسلحة إلى أوكرانيا، وبدأت تتخلى جزئياً عن الغاز الروسي رغم الأضرار التي لحقت باقتصادها. الارتباط العضوي بين أوروبا والولايات المتحدة يظلّ خياراً إستراتيجياً في مواجهة التمدّد الروسي.
لاحظَ الجميع كيف سقطت الأخلاقيات الإعلامية وتهاوت مبادئ المهنية، وتبخّرت أيضاً شعارات حقوق الإنسان على نحو غير مسبوق، وحتى شعبياً انحاز المواطنون هناك إلى قرارات حكوماتهم كما في الولايات المتحدة ودول أوروبية عديدة بضرورة تحجيم الدبّ الروسي، وقد أظهرت استطلاعاتُ رأيٍ هذا الانحيازَ الشعبي بشكل لافت مع بداية الحرب.
كما أَوقفت العديد من الشركات الغربية صناعاتها وخدماتها في روسيا بعد الهجوم على أوكرانيا، مثل شركة ماكدونالدز للوجبات السريعة، وأمازون، وكوكا كولا وبيبسي، كما انضمت إليها «نتفلكس» و«سامسونغ» و«تيك توك» ومشغلو بطاقات الائتمان، إلى جانب قائمة طويلة من الشركات، فضلاً على غلق الأجواء أمام الطيران الروسي.. إلخ.
من الطبيعي أن ينشغل إعلامنا بتداعيات الحرب هناك، غير أنه حشر نفسه في زوايا ضيّقة من خلال تسليط الضوء على قضية ارتفاع أسعار السلع، أو الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك، ورغم أهمية كل ذلك فإنه أغفل دروساً قومية ووطنية تهمّنا أيضاً في الحرب المستعرة هناك، ويُمكن أن تشكّل لنا قوة دفع، سياسياً وشعبياً، داخلياً وخارجياً.
يسألونك عن المصير المشترك ووحدة الضمير. وهنا يمكن قول الكثير وهو جعل الوطن القضية المركزية التي لا تقبل القسمة على اثنين، ما يستوجب أن يشغل بالنا على الدوام. وأيُّ مهمّة أقدس من الدفاع عن الوَحدة الوطنية العابرة للجنسيات والقوميات المنصهرة في بوتقة الحنين الوطني الخالص؟ وخاصةً أن الأعداء اليوم يُمكن يتسربلوا بلباس الهوى الوطني ويكونوا بين ظهرانينا في الداخل تماماً كما هم في الخارج، لذا ينبغي أن يظلّ الوطن هو الخيمة الكبرى التي تؤوي الجميع بعيداً عن الانتماءات الضيّقة والمصالح الآنية.
ما يفعله الغرب اليوم في حربه على روسيا فيه درس كبير جداً يجب أن نتعلّمه جيداً. فالأوطان تُبنى بالوَحدة والاحتشاد على جبهة واحدة سياسياً وإعلامياً واجتماعياً، والدفع والتدافع على نحو جادّ ضد كل مؤثِر خارجي من شأنه النيل من التماسك الاجتماعي والوطني، ولعل الخسارات إذا وقعت فإنها تعمّ الجميع، ولن يكون بوسع أحد اعتزالها أو النأي بنفسه عنها، والمشتركات الوطنية ينبغي أن تبقى حجر الزاوية وعنوان الصالح العام بكافة أبعاده.
وإذا كان الاختلاف في الرأي لا يُفسد للودّ قضيّة، فإن قضيّة الوطن تظل دائماً هي الاستثناء، باعتبارها القضية الأم التي لا بد من الالتفاف حولها، ومغادرة مساحات الخلاف في القضايا الكبرى، وإيجاد صيغ للتوافق والتفاهم على كافة المسارات في الشأن المحليّ والابتعاد عن صدام العقليات المؤذي ومعكّرات الصفو العام المهلكة. وهنا قولاً واحداً نبذ الولاءات الضيّقة بكافة أشكالها والحفاظ على مرتكزات الوَحدة بمفهومها الأعم الأشمل الذي يحقّق مزيداً من الإنجاز والازدهار الوطنيّ.
نعم، إذا عظمت المهمة عظم العبء ومناط النظر دائماً سموّه الغاية، وهي هنا أن يكون أمن البلاد الشامل هو غاية الغايات ومبعث ما تتمنى النفس وترجو، وليس بث الأراجيف وجلد الذات. فالأوطان ليست بضاعة مُزجاة تُباع وتُشترى، وهذا يقودنا إلى خلاصة مفادها: «درء المفاسد مقدَّم على جلب المنافع»، ولا رأي على رأي الوطن.
رأينا كيف تخلّت ألمانيا عن سياسة الحياد المُتمثلة بعدم تصدير الأسلحة إلى مناطق الأزمات، فقد قرّرت إرسال شحنات من الأسلحة إلى أوكرانيا، وبدأت تتخلى جزئياً عن الغاز الروسي رغم الأضرار التي لحقت باقتصادها. الارتباط العضوي بين أوروبا والولايات المتحدة يظلّ خياراً إستراتيجياً في مواجهة التمدّد الروسي.
لاحظَ الجميع كيف سقطت الأخلاقيات الإعلامية وتهاوت مبادئ المهنية، وتبخّرت أيضاً شعارات حقوق الإنسان على نحو غير مسبوق، وحتى شعبياً انحاز المواطنون هناك إلى قرارات حكوماتهم كما في الولايات المتحدة ودول أوروبية عديدة بضرورة تحجيم الدبّ الروسي، وقد أظهرت استطلاعاتُ رأيٍ هذا الانحيازَ الشعبي بشكل لافت مع بداية الحرب.
كما أَوقفت العديد من الشركات الغربية صناعاتها وخدماتها في روسيا بعد الهجوم على أوكرانيا، مثل شركة ماكدونالدز للوجبات السريعة، وأمازون، وكوكا كولا وبيبسي، كما انضمت إليها «نتفلكس» و«سامسونغ» و«تيك توك» ومشغلو بطاقات الائتمان، إلى جانب قائمة طويلة من الشركات، فضلاً على غلق الأجواء أمام الطيران الروسي.. إلخ.
من الطبيعي أن ينشغل إعلامنا بتداعيات الحرب هناك، غير أنه حشر نفسه في زوايا ضيّقة من خلال تسليط الضوء على قضية ارتفاع أسعار السلع، أو الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك، ورغم أهمية كل ذلك فإنه أغفل دروساً قومية ووطنية تهمّنا أيضاً في الحرب المستعرة هناك، ويُمكن أن تشكّل لنا قوة دفع، سياسياً وشعبياً، داخلياً وخارجياً.
يسألونك عن المصير المشترك ووحدة الضمير. وهنا يمكن قول الكثير وهو جعل الوطن القضية المركزية التي لا تقبل القسمة على اثنين، ما يستوجب أن يشغل بالنا على الدوام. وأيُّ مهمّة أقدس من الدفاع عن الوَحدة الوطنية العابرة للجنسيات والقوميات المنصهرة في بوتقة الحنين الوطني الخالص؟ وخاصةً أن الأعداء اليوم يُمكن يتسربلوا بلباس الهوى الوطني ويكونوا بين ظهرانينا في الداخل تماماً كما هم في الخارج، لذا ينبغي أن يظلّ الوطن هو الخيمة الكبرى التي تؤوي الجميع بعيداً عن الانتماءات الضيّقة والمصالح الآنية.
ما يفعله الغرب اليوم في حربه على روسيا فيه درس كبير جداً يجب أن نتعلّمه جيداً. فالأوطان تُبنى بالوَحدة والاحتشاد على جبهة واحدة سياسياً وإعلامياً واجتماعياً، والدفع والتدافع على نحو جادّ ضد كل مؤثِر خارجي من شأنه النيل من التماسك الاجتماعي والوطني، ولعل الخسارات إذا وقعت فإنها تعمّ الجميع، ولن يكون بوسع أحد اعتزالها أو النأي بنفسه عنها، والمشتركات الوطنية ينبغي أن تبقى حجر الزاوية وعنوان الصالح العام بكافة أبعاده.
وإذا كان الاختلاف في الرأي لا يُفسد للودّ قضيّة، فإن قضيّة الوطن تظل دائماً هي الاستثناء، باعتبارها القضية الأم التي لا بد من الالتفاف حولها، ومغادرة مساحات الخلاف في القضايا الكبرى، وإيجاد صيغ للتوافق والتفاهم على كافة المسارات في الشأن المحليّ والابتعاد عن صدام العقليات المؤذي ومعكّرات الصفو العام المهلكة. وهنا قولاً واحداً نبذ الولاءات الضيّقة بكافة أشكالها والحفاظ على مرتكزات الوَحدة بمفهومها الأعم الأشمل الذي يحقّق مزيداً من الإنجاز والازدهار الوطنيّ.
نعم، إذا عظمت المهمة عظم العبء ومناط النظر دائماً سموّه الغاية، وهي هنا أن يكون أمن البلاد الشامل هو غاية الغايات ومبعث ما تتمنى النفس وترجو، وليس بث الأراجيف وجلد الذات. فالأوطان ليست بضاعة مُزجاة تُباع وتُشترى، وهذا يقودنا إلى خلاصة مفادها: «درء المفاسد مقدَّم على جلب المنافع»، ولا رأي على رأي الوطن.