رويترز
تعتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مواصلة محادثات تستهدف تحرير مليارات الدولارات من الأصول الأفغانية المجمّدة في خارج البلاد، رغم اكتشاف وجود زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري في كابول، حيث اغتالته واشنطن، ومماطلة حركة "طالبان" والمصرف المركزي الأفغاني في تنفيذ خطوات دولية.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين إن مسؤولين في وزارتَي الخارجية والخزانة الأميركيتين، أبلغوا محللين مستقلين خلال مؤتمر صحافي في 11 أغسطس، أنهم سيواصلون المحادثات رغم إحباطهم من وتيرتها.

ويأتي ذلك بعد 12 يوماً على قتل الظواهري في شرفة منزله الآمن في كابول، بضربة نفذتها مسيّرة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA.

واعتبر مسؤول أميركي أن "طالبان" والمصرف المركزي الأفغاني لا يتصرّفان بسرعة، معرباً عن "غضب" في هذا الصدد.

وأكد مصدر أميركي مضمون تلك الإحاطة، قائلاً إن "الضربة لم تبدّل التزام الحكومة الأميركية بإنشاء صندوق ائتماني دولي"، كما أنها "تعمل بالسرعة والحيوية ذاتهما، كما كان الأمر قبل الضربة".

واعتبرت وكالة "رويترز" أن قرار الولايات المتحدة بمتابعة مبادرة للمساعدة في استقرار الاقتصاد المنهار في أفغانستان، يؤكد قلقاً متزايداً في واشنطن بشأن أزمة إنسانية في البلاد، إذ تحذر الأمم المتحدة من أن نحو نصف سكانها، وعددهم 40 مليون فرد، يواجهون "جوعاً حاداً" مع اقتراب فصل الشتاء.

وكانت واشنطن استبعدت خططاً للإفراج عن أيّ من الأصول المجمّدة للمصرف المركزي الأفغاني، البالغة 7 مليارات دولار، وجمّدت محادثاتها مع "طالبان" في هذا الصدد، بعد قتل الظواهري في كابول، مشيرة إلى أنها ستبحث عن "سبل لإفادة شعب أفغانستان بشكل مباشر".

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن الموفد الأميركي الخاص بشأن أفغانستان، توم ويست، قوله: "إننا لا نرى إعادة رسملة المصرف المركزي الأفغاني كخيار على المدى القريب. ليست لدينا ثقة بأن لدى هذه المؤسسة ضمانات ومراقبة مفعّلة لإدارة الأصول على نحو مسؤول". وتابع: "لا داعي للقول إن إيواء طالبان لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، يعزّز مخاوفنا العميقة بشأن تحويل الأموال إلى جماعات إرهابية".

صندوق ائتماني

وتنفذ الولايات المتحدة خطة لتحويل مليارات الدولارات من أصول المصرف المركزي الأفغاني، إلى صندوق ائتماني مُقترح يتخذ سويسرا مقراً. وستتم المدفوعات بمساعدة هيئة دولية، تتجاوز "طالبان"، التي يخضع كثيرون من قادتها لعقوبات، تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وطرحت الحركة اقتراحاً مضاداً، خلال محادثات في الدوحة أواخر يونيو الماضي.

وأكد مصدر أميركي خطط واشنطن بشأن استئناف المحادثات، قائلاً إن "الضربة لم تبدّل التزام الحكومة الأميركية بإنشاء صندوق ائتماني دولي"، كما أنها "تعمل بالسرعة والحيوية ذاتهما، كما كان الأمر قبل الضربة".

كذلك ناقش المسؤولون الأميركيون خطة الصندوق الائتماني، مع سويسرا وأطراف أخرى.

تحرير 3.5 مليار دولار

تفاقمت الأزمات الاقتصادية والإنسانية في أفغانستان، بعدما جمّدت واشنطن، ومانحون آخرون، المساعدات التي كانت تموّل 70% من موازنة الحكومة، إثر استيلاء "طالبان" على كابول في 15 أغسطس 2021.

كذلك أوقفت واشنطن تزويد أفغانستان بالدولار، ممّا أدى إلى شلّ نظامها المصرفي، وجمّدت 7 مليارات دولار من الأصول الأفغانية في مصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بنيويورك. وفي فبراير الماضي، أمر بايدن بتخصيص نصف المبلغ لـ"مصلحة الشعب الأفغاني".

وتمتلك دول أخرى نحو ملياري دولار من الأصول المالية الأفغانية.

في البداية، سيتم تحرير 3.5 مليار دولار ووضعها في الصندوق الائتماني المقترح، ويمكن استخدامها لدفع متأخرات للبنك الدولي، وطباعة العملة الوطنية الأفغانية وجوازات سفر، علماً أن ثمة نقصاً فيهما.

وثمة طعن بشأن المبلغ المتبقي، ويبلغ أيضاً 3.5 مليار دولار، في دعاوى قضائية ضد "طالبان" على خلفية هجمات 11 سبتمبر 2001، لكن المحاكم قد تقرّر الإفراج عن تلك الأموال أيضاً، بحسب "رويترز".

هيئة لمكافحة تبييض الأموال

ويمكن استخدام الأصول أيضاً في إعادة رسملة المصرف المركزي الأفغاني، ممّا يعزّز قدرته على تنظيم قيمة العملة المحلية، ومكافحة التضخم، وتأمين عملة صعبة للواردات.

ولكن بعد مصرع الظواهري، استبعدت وزارة الخارجية الأميركية إعادة رسملة المصرف، باعتباره "خياراً على المدى القريب"، معتبرة أن "طالبان" أثارت مخاوف "بشأن تحويل أموال إلى جماعات إرهابية"، من خلال إيوائها زعيم "القاعدة"، في انتهاك لاتفاق انسحاب القوات الأميركية، المُبرم مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2020.

ونقل مصدران عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن المضي في المحادثات بات أكثر صعوبة، نتيجة مقاومة الحركة لمطالب كثيرة تلقى دعماً دولياً، يدعو أحدها إلى إبدال ناشطَين بارزين يرأسان المصرف المركزي الأفغاني، أحدهما يخضع لعقوبات تفرضها الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بشخصيات مهنية تتمتع بخبرة، للمساعدة في بناء الثقة بشأن تحصين المصرف من تدخلات "طالبان".

ولم توافق "طالبان" والمصرف رسمياً، على تشكيل هيئة مراقبة مستقلة لمكافحة تبييض الأموال في المصرف، رغم موافقتهما على ذلك من حيث المبدأ.

وقدّم المسؤولون الأميركيون أمثلة على ما اعتبروه "تعنّتاً" من "طالبان" والمصرف المركزي الأفغاني، شملت رفض التعاون مع خطة تديرها الأمم المتحدة، لتحويل أموال مساعدات دولية، يحتفظ بها البنك الدولي، إلى وكالات إنسانية في كابول.

وأشار المسؤولون إلى أن واشنطن طلبت من حكومات أخرى، في مارس، تشجيع المصارف الخاصة على إعادة العلاقات مع أفغانستان، ويتم من خلالها تسهيل المعاملات الدولية. واستدرك مسؤول أميركي أن ذلك "لم يثر حماسة كبرى"، جزئياً نتيجة عدم وجود مراقبين مستقلين لمكافحة تبييض الأموال في المصرف المركزي الأفغاني، بحسب "رويترز".