اتخاذ الناخب قراراً بإعادة انتخاب المترشح بدائرته رغم تيقنه من أن أداءه لم يكن مقنعاً في الفصل التشريعي الماضي بل كان مقصراً في عمله ودون الثقة التي أولاها إياه أمر يخص الناخب نفسه طالما أن هذه هي قناعته أو تقديره لمصلحته، واتخاذه قراراً بعدم إعادة انتخاب المترشح بدائرته بسبب اعتقاده بأنه كان مقصراً ودون المستوى المأمول ولم يكن في مستوى الثقة التي أولاها إياه أمر يخص الناخب نفسه أيضاً طالما أن هذا هو قراره ومصلحته، وهذا الأمر ينسحب على المشاركة في الانتخابات وعلى مقاطعتها، فالقرار في كل الأحوال هو قرار الناخب.

ولكن لأنه يفترض أن الناخب صار -بعد هذه المسيرة التي حققت نجاحات لافتة- قادراً على التمييز والاختيار لذا صار عليه أن يسهم في توصيل من يعتقد أنه الأكفأ والأنسب، وصار عليه أيضاً ألا يفرط في حقه الانتخابي فيتبع من لم يحسن صنعاً وتقوده العواطف وتنقصه الخبرة والتقدير، فالانتخابات ستجرى في وقتها وستنجح وسيكون الخاسر وحده هو ذاك الذي اتخذ موقفاً سالباً منها وفرط في حقه.

مشاركة من يمتلك حق الانتخاب في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة مسؤولية وطنية، وحسن اختياره للمترشحين مسؤولية وطنية، وانحرافه نحو الموقف السالب من الانتخابات إساءة لحقه وللوطن، ذلك أنه بهذا الانحراف يسهم في توصيل من لا يمتلك القدرة على العطاء إلى حيث لا يستحق، ولا ينفع بعد ذلك التحسر والقول إن هذا النائب أو ذاك لم يفعل مفيداً ولم يكن أداؤه مناسباً.

المشاركة في الانتخابات مسؤولية وطنية يفترض ألا يسمح المواطن بتعريضها إلى الهوى واتباع من لا يزيده فعله إلا خسارا، وليس من عاقل يقبل على نفسه أن يشارك في مثل هذا الخطأ الشنيع الذي لا ينفع إلا مريدي السوء والخارج الذي يقف من ورائهم ويعمل على تهويل الأمور وتضخيمها ويعتمد نشر الأخبار البعيدة عن الواقع والحقيقة ويمارس التحريض.