هزة عنيفة زلزلت أوصال القوى السياسية بعد اعتزال مقتدى الصدر العمل السياسي، ما أربك الفرقاء وفتح الباب على مصراعيه أمام كل السيناريوهات.
وأعلن زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، اليوم الإثنين، اعتزاله النهائي للسياسة، وإغلاق المراكز التابعة له، بعد أن "فشل في تقويم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية، باعتبارها الأغلبية"، مؤكدًا أنه "ما أراد إلا أن يقربهم إلى شعبهم، وأن يشعروا بمعاناته".
تلك الاستقالة دفعت أنصار التيار الصدري إلى الشارع غاضبين، بحسب شهود عيان أكدوا أن المحتجين حاصروا القصر الجمهوري وسط المنطقة الرئاسية ببغداد، فيما تقدم آخرون نحو مبانٍ رئاسية أخرى في المنطقة الخضراء، وسط تشديدات أمنية مكثفة.
وزادت استقالة الصدر وطأة الأزمة السياسية التي تضرب العراق، خاصة بعد أن فشل فرقاء البلد الغني بالنفط في التوافق على مخرج للانسداد الحالي، رغم تعدد المبادرات التي نبعت من رحم تلك الأزمة.
أزمة "عصية"
آخر تلك المبادرات لحلحة الأزمة السياسية المستعصية في البلاد، تلك التي اقترحها الصدر، بدعوته إبعاد جميع الطبقات الحاكمة على المستوى السلطوي والسياسي.
إلا أنه وبعد أن نالتها الكثير من الانتقادات، أوصد الصدر أبوابه أمام أي فرصة للتقريب بينه وخصومه في الإطار التنسيقي، بإعلانه اعتزاله العمل السياسي، بشكل نهائي، مما وضع الفرقاء السياسيين في اختبار عصي على الحل، وخاصة بعد فشلهم في تعويض غياب التيار الصدري الذي قرر ونائبوه الاستقالة من البرلمان قبل أشهر.
ورغم الجدل الذي أثير والميادين التي "عجت" بالكثير من المحتجين الذين هرعوا إلى ساحاتها، إلا أن تاريخ زعيم التيار الصدري السياسي، لا يكشف عن قرارات نهائية غير قابلة للعودة، فسبق وأن اعتزل السياسي العراقي العمل السياسي وعاد عن قراره.
سيناريو 2014
في فبراير/شباط من العام 2014، أعلن زعيم التيار الصدري انسحابه من العملية السياسية وحل تياره وغلق جميع مكاتبه.
وقال حينها: "أعلن إغلاق جميع المكاتب وملحقاتها وعلى الأصعدة كافة، الدينية والاجتماعية والسياسية وغيرها، ولا يحق لأحد تمثيلهم والتكلم باسمهم والدخول تحت عنوانهم مهما كان سواء كان داخله أم خارجه".
وشدد الصدر، في بيانه الصادر في ذلك الوقت على أنه "لن يتدخل في الأمور السياسية عامة، مشيرًا إلى أنه لا كتلة تمثلنا بعد الآن ولا أي منصب في داخل الحكومة وخارجها ولا البرلمان".
قرار الصدر في العام 2014، جاء بعد 6 أشهر، من قرار مماثل أصدره في الرابع من أغسطس/آب من العام الماضي، أعلن فيه انسحابه، بسبب ما قال آنذاك "ما حدث ولا يزال يحدث" من عناصر محسوبة على التيار الصدري حملت السلاح في مواجهات مع عصائب أهل الحق.
الانسحاب.. ليس فيتو
وفيما يختلف المراقبون حول أسباب قرار الصدر بالانسحاب، إلا أن بعضهم أكد أن من أدبيات موقف الصدر وتياره عدم ترك الساحة السياسية والتخلي عن قواعده الشعبية التي كانت السبب لتسيده المشهد السياسي.
ورغم ذلك إلا أن أحدًا لا يمكنه التكهن بكيفية وتوقيت العودة، التي بدأ خصومه يتحسبون لها من الآن، خاصة أنها قد تأتي مصحوبة بانتفاضة شعبية أو حراك سياسي كفيل بقلب المعادلة، بحسب المراقبين.