سكاي نيوز عربية

تسبب البيان الذي أصدره المرجع الديني العراقي، كاظم الحائري، في تطورات متسارعة بالمنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، بعد اقتحام المئات من أنصار التيار الصدري القصر الرئاسي وعدة مبانٍ ومنشآت أخرى.

وفوجئت الأوساط العراقية، فجر الإثنين، ببيان منسوب إلى رجل الدين كاظم الحائري، وهو وريث، المرجع الديني، محمد محمد صادق الصدر، والد مقتدى، تحدث فيه عن اعتزاله العمل الديني، وغلق كل المؤسسات التابعة له، فيما وجّه أتباعه بتقليد المرشد الإيراني علي خامنئي.

اعتزال وتصعيد

وسريعًا رد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على بيان الحائري قائلًا: "إنني لم أدّع يومًا العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة، وما أردت إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية باعتبارها الأغلبية".

شكك الصدر بأن يكون اعتزال الحائري بمحض إردته، في إشارة إلى تدخل إيران في القضية، بهدف عزل مرجعية الصدر، عن الساحة السياسية في العراق وتعزيز دور مراجعها بشكل عام.

قال الصدر إنه كان قد قرر عدم التدخل في الشؤون السياسية وأعلن الاعتزال النهائي.

ساد رأي عام لدى أتباع الصدر بأن طهران سعت نحو "انقلاب ديني"، بهدف نزع الشرعية الدينية عن الصدر، باستمالة الحائري، الذي ألزم مقلديه باتباع خامنئي، ليرد الصدر بتصعيد كبير في الشارع.

فهم أنصار الصدر والقيادات الخاصة للتيار بأن البيان ضوء أخضر للتحرك نحو تصعيد أشمل، وهو ما حصل بالفعل.

اقتحم أنصار الصدر القصر الجمهوري في المنطقة الخضراء والقصر الحكومي قبل أن ينسحبوا منهما.

بعد بيان الحائري، أعلن الأمين العام لحركة النجباء، رجل الدين أكرم الكعبي، وهو قائد فصيل مسلح كذلك، التزامه بتعليمات الحائري.

ماذا حصل بعد ذلك؟

بعد هذا السجال بين الصدر والحائري، أعلن الصدر اعتزاله العمل السياسي، وأغلق الصفحات الرسمية التابعة له، لتنطلق عقب ذلك جموع الجماهير الصدرية نحو قصر السلام، والقصر الحكومي، واقتحامه، بينما دخل متظاهرون في عدة محافظات المباني الرسمية ودواوين المحافظة.

وحسب مصادر ميدانية، فإن نحو 15 شخصًا لقوا مصرعهم، وأصيب أكثر من 95 آخرين، فضلًا عن إصابة نحو 12 من الكوادر الإعلامية، في العاصمة بغداد، لتنسحب تلك الجموع لاحقًا إلى مقرها الرئيس في مبنى البرلمان.

وشوهدت عشرات العجلات لقوات سرايا السلام، التابعة للصدر، وهي تدخل المنطقة الخضراء مساء الإثنين.

الإطار التنسيقي يدعو إلى التهدئة

في أول رد على التطورات الأخيرة، قالت قوى الإطار التنسيقي إنها تقف مع الدولة.

طالبت قوى الإطار التنسيقي التيار الصدري بالعودة إلى طاولة الحوار.

دعت قوى الإطار الحكومة والمؤسسات الأمنية القيام بما يمليه عليها الواجب بحماية مؤسسات الدولة والمصالح العامة والخاصة.

دعا بيان صادر عن قوى الإطار "جميع الفعاليات دينيةً وسياسيةً واجتماعيةً الى التدخلِ والمبادرة لدرءِ الفتنة وتغليب لغة العقلِ والحوار وتجنيب البلد مزيدًا من الفوضى وإراقة الدماء.

كما دعا إلى تحميل المسؤولية لكلّ من يسهم بتوتير الأجواء والدفع نحو التصعيد، ووضع حلول عملية وواقعية تعتمد الدستور والقانون ولغة الحوار أساسًا للوصول لنتائج حاسمة وسريعة لإيقاف معاناة الناس.

طالبت قوى الإطار قادةً وجماهير التيار الصدري بالعودة إلى طاولةِ الحوار والعمل للوصول لتفاهمات مشتركة تضع خارطة طريق واضحة تعتمد القانون والدستور لتحقيق مصالح الشعب.

آفاق انتهاء الأزمة

الخبير في الشأن العراقي غالب الدعمي قال، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إن "الأزمة اتسعت الآن، وأصبح هناك ضحايا، وحشود جماهيرية تنضم بشكل مستمر إلى معتصمي الخضراء، وتحرك كبير في المحافظات، وسط خشية من أن يكون الوضع يوم غد (اليوم الثلاثاء) أخطر من اليوم (أمس الإثنين)".

وأضاف الدعمي أن الوضع في العراق "لا يمكن التنبؤ به حاليًّا، بعد سقوط 12 شهيدًا، وأكثر من 100 جريح، وبعد إطلاق نار على المتظاهرين، خاصة أن المعلومات المؤكدة أن العيارات النارية تورطت بإطلاقها جهات مدسوسة لها مصالح متقاطعة مع التيار الصدري".