الشرق الأوسط
اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج، أن الغزو الروسي لأوكرانيا "يدخل مرحلة حرجة"، مشيراً إلى أن فصل الشتاء سيكون "صعباً" على دول الغرب نتيجة تقنين إمدادات الطاقة الروسية، ومشدداً على وجوب "مواصلة المسيرة ومواجهة الاستبداد".
ووَرَدَ في مقال كتبه ستولتنبرج ونشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "تدخل الحرب في أوكرانيا مرحلة حرجة. الشتاء آتٍ وسيكون صعباً. صعب على الشعب الأوكراني والقوات المسلحة الذين يقاتلون من أجل حريتهم، وعلى الذين يدعمونهم منا".
وأشار إلى "اختبار جدي لوحدتنا وتضامننا، إذ تشعر العائلات والشركات بأزمة أسعار الطاقة المرتفعة وتكاليف المعيشة الناجمة عن الغزو الروسي الوحشي".
وأضاف: "نواجه 6 أشهر صعبة، مع التهديد بقطع الطاقة... وربما حتى اضطرابات مدنية. ولكن يجب أن نواصل المسيرة ونواجه الاستبداد - من أجل أوكرانيا ومن أجلنا".
وأقرّ بأن الغربيين "يدفعون ثمن دعمهم لأوكرانيا"، مستدركاً: "الثمن الذي ندفعه محسوب بالدولار واليورو والجنيهات، بينما يدفع الأوكرانيون حياتهم. وسندفع جميعاً ثمناً أعلى بكثير إذا اعتقدت روسيا وأنظمة استبدادية أخرى بأنها تستطيع غزو جيرانها والدوس على القانون الدولي من دون عقاب".
وتابع: "إذا توقفت روسيا عن القتال، فسيحلّ السلام. إذا توقفت أوكرانيا عن القتال، فستختفي عن الوجود بوصفها دولة مستقلة. لدينا مسؤولية أخلاقية لدعم هذه الديمقراطية المستقلة في قلب أوروبا".
"مسح أوكرانيا من الخريطة"
واعتبر ستولتنبرج أن "الثمن الذي ندفعه لدعم أوكرانيا، يفيد أمننا أيضاً"، مشيراً إلى إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه "يريد مسح البلاد من الخريطة وإعادة كتابة النظام الأمني الأوروبي".
ولفت إلى أن موسكو تحتل مؤقتاً نحو 20% من أوكرانيا، تعادل 4 أضعاف مساحة بلجيكا، أو نصف مساحة المملكة المتحدة.
ونبّه إلى أن أي نجاح تحققه روسيا قد يشجّعها على "مزيد من العدوان ضد جيران آخرين، وحتى (شنّ) هجوم على دول في الناتو".
وزاد: "لذلك لدينا خيار نتخذه بشأن العالم الذي نريد أن نقيم فيه. أعضاء الناتو ملتزمون بحق كل دولة في اختيار مصيرها. هذا هو السبب في أننا نقدّم مساعدات مالية وإنسانية وعسكرية تُعتبر سابقة، لمساعدة أوكرانيا على أن تسود بوصفها دولة مستقلة ذات سيادة".
قدرات الجيش الأوكراني
وذكّر ستولتنبرج بأن دول الحلف "قدّمت دعماً بمليارات الدولارات لقطاع الأمن والمؤسسات في أوكرانيا، ودرّبت عشرات الآلاف من قواتها، بما في ذلك الوحدات الخاصة، منذ ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير القانوني في عام 2014".
وشدد على أن ذلك "ساعد في جعل القوات المسلحة الأوكرانية أكثر قوة... واستعداداً للغزو الروسي المتجدد".
وأضاف: "نُعدّ أكثر من 10 مشاريع جديدة لمساعدة أوكرانيا على مواجهة الشتاء. وسنستمر في مساعدة البلاد على تعزيز قطاعها الدفاعي والأمني على المدى البعيد، والانتقال من أسلحة الحقبة السوفيتية إلى قدرات الناتو القياسية".
وتابع أن الناتو "يرى الفارق الحاسم الذي يُحدثه دعمنا في ساحة المعركة كل يوم"، معتبراً أن "الجيش الأوكراني أثبت قدرته على مقاومة العدوان الروسي، والردّ في عمق خطوط العدوّ وفرض تكاليف ضخمة على القوات الغازية".
"التحرّر من الابتزاز الروسي"
ولفت ستولتنبرج إلى أن "العقوبات الهائلة" التي فرضها أعضاء الحلف، مع الاتحاد الأوروبي، "تمسّ بالاقتصاد الروسي"، مشيراً إلى أن تأثيرها سيكون "أكثر حدة مع مرور الوقت، نظراً إلى رحيل المواهب ورأس المال، وحظر السفر وتجميد أصول النخبة في روسيا".
وأضاف أن "الكرملين عزل نفسه عن أقرب أسواق النفط والغاز وأكثرها ربحاً في أوروبا".
كما أن العقوبات "تقيّد بشدة حصول روسيا على أشباه الموصلات والرقائق المتطوّرة، التي تحتاجها لتشغيل صناعة السيارات والطائرات والجهود الحربية"، مشيراً إلى أن "دولنا تنتهز هذه الفرصة لتنويع اقتصاداتنا وإمدادات الطاقة، وتعزيز مرونتنا والتحرّر من ابتزاز الطاقة الروسي إلى الأبد".
في الوقت ذاته، ينفذ الناتو "التحوّل الأكثر جوهرية في الردع والدفاع منذ الحرب الباردة، ما يعزز بشكل كبير وجودنا على الجناح الشرقي، ووضع مئات الآلاف من القوات في حالة جاهزية مرتفعة ومواصلة الاستثمار في القدرات المتطوّرة".
وشدد على أن "الضمانات الأمنية للناتو لا تترك مجالاً لسوء التقدير في موسكو، بشأن قدرتنا على الدفاع عن كل شبر من أراضي الحلف"، وفي الوقت ذاته، "دعم حق أوكرانيا في الدفاع عن النفس".
وأقرّ بوجوب الاستعداد لـ"أوقات عصيبة"، مستدركاً: "واجهنا أوقاتاً عصيبة معاً سابقاً. تكلفة عدم الدفاع عن قيمنا تكون دوماً أكبر (من الامتناع عن فعل ذلك). من أجل مستقبل أوكرانيا ومستقبلنا، يجب أن نستعد لحرب الشتاء وأن نواصل المسار".