كشفت دراسة علمية للباحث نوح خليفة عن بروز ملامح هجرات كثيفة من اتجاه سلسلة البؤر القروية الممتدة على ساحل شمال البحرين بالمحافظة الشمالية إلى امتدادات قروية على أطراف قرى نامية حديثة عمرانياً واجتماعياً واقتصادياً وطرقياً. وبينت الدراسة أن مناطق الجذب الحديثة التي ينزح باتجاهها قرويو ساحل شمال البحرين تعبر عن رابع أبرز مرحلة انتقالية نحو الحداثة منذ بدء عمليات التطور التاريخية وأن مجتمع القرى يعيش وتيرة متصاعدة نحو الالتحام بالمجالات الاحدث. وتشير الدراسة إلى ان امتدادات القرى "كرانة، سار، المالجية" مناطق جذب مركزية لبؤر القروية القرى المحاذية لها، ومراكز جذب كبيرة للقرويين المهاجرين من مختلف القرى المتحاذية على ساحل شمال البحرين بحثاً عن مجالات أحدث.وكشفت الدراسة أن مكونات الامتدادات الحديثة للقرى المذكورة سواءً الاقتصادية او الطرقية او الخدماتية أو العمرانية أو الجغرافية عوامل جذب رئيسية يجب البناء عليها وتحسينات جديدة لها لاعادة انتاج المجال القروي على نحو أكثر تطوراً وارتباطاً بنظم "الثقافة والاقتصاد" الحديثة. وأشارت الدراسة إلى أهمية منح أنحاء من بعض قرى الدراسة خصائص ومكونات "مدينية" وتعميق تخطيط معالمها المجالية الطرقية والمؤسساتية إلى اتجاهات أحدث تدفع باتجاه اعادة انتاج المجال القروي بشكل يخدم تطلعات الاستقرار معتبرة مجالات الاعمار الحديثة فرصة كبيرة لاحداث نقلة ثقافية وتغيرات جذرية في أنماط حياة القرويين. وحذرت الدراسة من ترك مجالات واسعة من المجال القروي الحديث مثلما كان متاحاً أمام السكان خلال مراحل تاريخية سابقة حيث لعب انسان المجال القروي خلالها دور كبير في تشكيل الفضاء القروي على نحو عالي من الخصوصية المجتمعية المحفزة لسيطرة الثقافة القروية التقليدية داعية إلى استثمار مناطق النمو الحالية والمساحات المتاحة بشكل أمثل وبمزيد من التعزيز الرسمي من حيث تخطيطها وتطعيمها بقنوات الضبط الاجتماعي اللازمة والبنية المؤسساتية الهامة الخادمة للتطور والاستقرار.وفي المقابل أشارت الدراسة إلى أن المناطق القروية التي انشأت في مراحل سابقة وتحديداً انوية بعض القرى فإنها تحولت إلى بؤر يقطنها عمال تابعين لتجار قرويين ومساكن مؤجرة كمستودعات خصوصاً بعد انتقال أغلبية الساكنة إلى الامتدادات القروية الاحدث ابان توسعة الدولة لخدماتها السكنية وتطور حياة الساكنة والمراحل الاخرى التي اسهمت فيها امكانيات الفرد الاقتصادية في انتقال المجتمع إلى أنماط سكنية جديدة أكثر ازدهاراً.وتقارن الدراسة في تحليلاتها بين أحوال الانوية التقليدية مقارنة مع أحوال القرويين النازحين إلى مناطق قروية أحدث ورصدت مظاهر تحول واجهات مساكنهم إلى سلسلة متاجر مؤجرة لأكثرية من الآسيويين الذين يعتمدون عليهم كعمالة توفر لهم مداخيل اقتصادية ثانوية مساندة لأجورهم من خلال تأجير المحلات الملحقة بمساكنهم الحداثية، وفي الوقت نفسه فان السكان يقطنون المساكن نفسها التي قامو بتحويل واجهاتها إلى محلات للايجار، وذلك مؤشر كبير على تسهيلات حكومية اتاحت للافراد سهولة تشكيل مجالهم التجاري والسكني على نحو يخدم حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.